داعية وكاتبة سورية | الدوحة
من جدار إلى جدار
على جدار الياسمين كتب البُرَآء عبارةً لا يفهمها العبيد.
وعلى مذبح الحرية ذُبح الأطفال ودِيس الياسمين.
لكن عباراتهم لم تُمحَ؛ لأنها رُويت بدم طاهر مسالم صادق جريء...
وتوالت العبارات حتى طاولت الأقمار والنجوم، وعَلَت تكبيراتها كل سماء، وفضحت كل عميل.
وعلى جدار الياسمين أزهر الورد واخضرَّ الربيع، لكنَّ أزهار ربيعنا قد اخضلَّت بالدم القاني، قبل أن يبلّها الندى، وقبل أن يروي الشغاف نهلها من ثرِّ الينابيع.
واكفهرت السماء بغيوم ثِقال تزخمها الهموم، وتلبدت بِسُود الغمام حتى احلولكت ليلًا محزنًا طويلًا وسط نهار الربيع.
كم سالت العيون دماءً ودموعا..
كم حنّت المحاريب دعاءً وخشوعا..
وتلاقت بين تزاحم الغيوم نداءات تعبر الأكوان، لا الموت يثنيها، ولا القصف يرديها، ولا الحزن يدميها، ومضى في الركب جموع بلا سفن ولا قبطان.
حتى انطوت براكين مزلزلة على الياسمين والورد والأقحوان..
وتضلَّعت أعطاف الترب مسكًا عبيرًا.. وربيعًا داميًا.. وألعاب الصغير تاهت ولم تعرف له عنوان.
لكن جذور الياسمين تمددت وسرت في عروق الأرض تهدهدها غيوم السماء، وتبرق لها النجوم كاللآلئ، لا تطمسها سود الغيوم في ظلم الحالكات من الليالي.
وامتدت المسيرة من جيل لجيل، تحت شعاب الصخر، وفوق حمم البراكين، لم تهدأ أنفاسها رغم مخاضات السنين، وعبرت لم يمنعها حصار، ولم يبددها إعصار، وظلَّت تبوح للسواقي وتهمس بسرِّها للعصافير؛ حتى التمعت أنوارها ربيعًا فوق روابي القدس..
وتسلق الياسمين جدار البراق من جديد..
أبيًّا شامخًا من زمن الأنبياء.. كما بدأ المسيرة اليوم عاد.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة