ضيف الرحمن
تبتسمُ في وجهه كحُلمٍ هنيء يفتر ضوؤُه بين شفتيك، تطلب منه أن يدخل بيتك بترحابٍ غامر؛ قبل أن يُلقي عليك التحية.. إنه الضيف الذي لن تستقبل مثله ما حييت، والقادم الذي يَقدِم ومعه سرُّ نفسك وسرورها..
في استقبالك له مطمع المحتفي برسول من رسل الله لا يُجيب الأرض إلا مرةً في السَّنة،
يبحث فيها عن كل مسجّى في الأدران أحد عشر شهرًا؛ ليغسله بالثلج والبَرَد ثلاثين يومًا.
ويبحث فيها عمَّن يغرق في آسن ذنوبه أحدَ عشر شهرًا لينشله في ثلاثين يومًا.
ومطمع الذي يجِدُ في ضيفه كلَّ معاني الكرم فيملكه، ذلك ؛ لأنّ الضيف مرسلٌ من ملكوت السموات، ليحمل عن مضيفه تَبعات الذنوب والأوزار. هي ضيافةٌ تتجاوز مضافات الأرض، ومفاخرَها ودواعيها.. ضيافة لم يعرفها العربُ من قبل، ولا وقت قال حاتِمُهم لخادمه:
أَوقِدْ، فإنّ الليلَ ليلُ قَرّ... والريحَ، يا مُوقِدُ، ريحٌ صِر عسى يَرى نارَك من يَمُرُّ.... إنْ جلبتَ ضيفاً، فأنت حُرُّ!
لاتكن بين يدي ضيفك من أولئك الذين عطشوا فشربوا، وجاعوا فأكلوا.. (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).. ولا الذين جاعوا، وعطشوا، وحسب، ولم يكن لهم حظٌّ من صومهم إلا الجوع والعطش، فخاضت ألسنتهم وأبصارهم وأسماعهم في عورات الناس وأعراضهم...ولا الذين كفّوا بطونَهم وفروجهم وجوارحهم... لكن الدنيا شغلت قلوبَهم وشردت خواطرهم في الأفكار الدنيّة. إنّ أكثر إكرام يمكنك أن تقدمه لرمضان الضيف فوق صوم البطن والفرج و اللسان والبصر والسمع واليد والقدم؛ هو صوم القلب.
احبس لحظات حياتك الغالية التي تَضُن بها على كل شيء لتمضي في محرابه، وتنقضي في تجلّياته... وعش تحت ظله أملًا لا ينتهي ، وحُلماً لا يقظة تنزعه من عينيك..
في أعطاف ملبسه العِطرُ الذي ينتظره مسلمو الأرض كل عام، يتمنون أن لو بقيت رائحته معهم إلى أن يرحلوا بها إلى الله تعالى..
قم ليلك بين يديه ، وصمُ نهارك تحت ظلِّه.. تَوحَّد فيه !! إنّ نِعمَ ما يتوحد العاشقون به هو رمضان..
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!