أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
يأتينا مشرقاً
يأتينا مُشرقًا حنونًا مبشِّرًا مهوِّنًا مطيِّبـًا شافيًا، يعرض فُرَصَه السَّخيَّة دفعة واحدة: فرصة العلاج، وفرصة الأجور المضاعفة، وفرصة تجديد التربية، وفرصة التوبة والنجاة من النار والفوز بالجَنَّة.
نعم.. هو.. رمضان.
سألت صغيرًا: هل تحب رمضان؟ قال: نعم. سألته: لماذا؟ قال: لأن كلَّ شيء فيه مختلف، النوم والاستيقاظ ومواعيد الطعام ونوعه، فأشعر بحياة جديدة جميلة.
صادق هو، رمضان وحده حياة، بل هو الحياة، فهو يسعدنا ويخرجنا من يومياتنا المتكررة وما تحمله من الأخبار العاجلة وتلك التي مضى عليها أكثر من سبع وستين سنة، إلى يوميات مختلفة فيها الفطور والسحور وانتظار الأذان والتراويح وقيام الليل واجتماع الأسرة والدعاء وتحرِّي ليلة القدر والإطعام والصدقات ووصل الأقارب وتفقد الجيران والتسامح والحب والدفء....تجديدٌ مبدعٌ واختلافٌ جميلٌ؛ يعطينا حماسًا ونشاطًا وقوة وسعادة...لا شك.
أيام عددها لا يزيد عن الثلاثين، لكنها أيام نعرف بها ونلمس ونعيش الحياة الطيبة، فلا ينتهي الشهر حتى نشعر بأثر هذه الحياة صحة في أبداننا ونفسياتنا وأرواحنا.
فاللهم لك الحمد على رمضان، الشهر الذي يمنحنا الراحة والطمأنينة والرضى والإيجابية العالية، فنتصالح أثناءه مع ذواتنا والناس والأحداث مهما صعبت.. لأنَّ القرب من الله بالطاعات يصحِّح نظرتنا لدنيانا وأحوالنا، فنشعر فعلًا أنّ الدنيا حقيرةٌ، ونتيقن أنها لا تساوي شيئًا وإنما هي دار ابتلاء، وما يجري علينا من أقدار سيجري، والفائز مَن عمل واجتهد وصبر ورضي وحمَد.
قبل عام وقبل رمضان سُئل الدكتور محمد أيوب عن أمنيته في أحد البرامج، فتمنَّى أن يعود لإمامة المسجد النبوي كما كان قبل ذلك بسنوات، وفرح الناس بعودته كثيرًا، وصدح بصوته العذب وتلاوته الآسرة في تراويح العام الماضي، وقبل أن يأتي رمضان هذا العام تُوفي رحمة الله عليه!
رمضان موسم عظيم، وفُرصٌ يجب أن لا نفرِّط بها، فإنْ عشنا رمضاننا هذا، فربما لن نعيش القادم.
رمضان طبيب معالج؛ بصومه نَصِحُّ... وكما يقول الأطباء: يريح الجهاز الهضمي، ويُخلِّص أجسامنا من السموم، ويجدِّد الخلايا، وينقص الوزن الذي كان قد زاد بسبب كثرة الأكل إلى حَدِّ التخمة والتبذير.
رمضان شهر العمل والعزَّة والانتصارات، فيه انتصر المسلمون في بدر، وفتحوا مكة، وعمُّوريَّة، وانتصروا في ملاذ كرد على الروم، وفتحوا جزيرة قبرص، والأندلس، والقَرْم، والسند والهند، وعمُّوريَّة - معركةُ رَدِّ الكرامةِ استجابةً لنداء امرأة مسلمة "وا معتصماه"-، وفتحوا البوسنة والهرسك... وغيره الكثير من البطولات.
اللهم اجعل رمضاننا نصرًا وتفريجًا لإخوة لنا في فلسطين وسوريا وبورما واليمن وليبيا ومصر والصومال...والقائمة طويلة، يا ربنا وأنت تعلم.. فأعزَّنا وأَعِدْ لنا كرامتنا وانصرنا.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
هل تظنُّون؟!
السنوار... رسالة الرمق الأخير
فلْتَكُنِ العربيّة مادّة وازنة!
من شموس المشرقين.. في تاريخ هذا الدين!
فكُن إيجابيًّا