معدة برامج في قناة القدس الفضائية
تخصصات تعلم التفكير
كتب بواسطة إسراء لافي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1923 مشاهدة
قد يكون من الذكاء أن تعرف نفسك وتفهم جيدًا ما تصلح له، من خلال العودة لنفسك، لترصد محطات حياتك، كيف كنت تقضي وقتك خاصة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وما طبيعة نشاطاتك هذه الفترة، وهواياتك؛ إذ أنك بعد أن تصفو لذاتك بعد سنوات من الكد والبحث والاحتكاك والاطلاع ستكتشف أن صِباك يحدد لك الكثير من معالم روحك –إلى حد ما-.
وإذا كنت أكتب اليوم فليس لأدعو لدراسة أي من التخصصات التي طرقتُ بابها؛ بل لأدعو إلى دراسة العلوم التي تدفعك للتفكير، وتحفز أكبر قدر من طاقاتك وإمكاناتك، سواء كانت قدرات استظهار محفوظات، أو قدرات استدلال، أو قدرة على المقارنة واستجماع الأمثلة من مستويات مختلفة في مجالات مختلفة للتعبير عن فكرة، أو قدرات على تفسير الظواهر المختلفة وتحليلها، أو قدرات على التقاط الملاحظات والانتباه لما لها وما وراءها، أو قدرات تظهر جماليات مختلفة.
وهذه مهارات موجودة في العلوم التطبيقية من هندسة وطب وما شابهها، ولكنها في العلوم الاجتماعية واللغات أكثر حضورًا وحاجة، فعلم الأصول واللغة العربية بحاجة لمهارات عالية، وكذلك علم الاجتماع وعلم النفس، وعلم التاريخ، والفنون بأنواعها ومنها المسرح.
ببساطة أكثر؛ لا يمكن أن نقارن علم بآخر من حيث السهولة، ولا يحق لنا أن نعتبر تخصصًا ما أدنى من آخر من حيث الدرجة أو القدرات، ومعدل القبول الجامعي لتخصص ما ليس معيارًا لمستوى التخصص كعِلم، ولست أريد في هذا المقام الحديث في سياسة التعليم الجامعي.
علينا ونحن ننظر للعلوم المختلفة أن نتخلص من التعصب أو الاستحقار، لأن أي علم يتطلب من صاحبه لو أخذه بحقه؛ جهدًا ليستحق شهادته، ولا أقصد بالشهادة تلك الممنوحة في نهاية سنوات الدراسة، بل شهادة الخبرة والتجربة والتطبيق التي تمنح الشخص الاختصاص والتعمق إن طور من ذاته وواصل تطويرها بمتابعة الجديد.
والمعيار الحقيقي لأي صاحب علم أو شهادة؛ ما استطاع أن يخدم فيه مجتمعه، سواء كان هذا المجتمع بيته، أو شارعه، أو قريته، أو مدينته، أو دولته أو أمته، وهذا مشروع عظيم لا يحمله شخص واحد، ولكن يمكن أن يُسهم فيه كل شخص بمجاله.
اليوم لا أجد أي غرابة في النظر للعلماء القدامى الذي حازوا أكثر من علم، كالطب والفلسفة، أو الرياضيات والجغرافية، أو التاريخ وعلم الاجتماع، أو علم الاجتماع والاقتصاد، وهكذا في ثنائيات أو ثلاثيات تطول.
ويمكن للإنسان أن يحوز أكثر من نوع من المعارف فيوظف أحدهما لخدمة الآخر، فأن تكتشف اهتمامًا جديدًا في حياتك لا يعني أن تلغي اختصاصك السابق؛ بل أن تستثمر السابق لخدمة اللاحق، وهكذا تدور عجلة الحياة، المهم ما يجعل من دائرة تأثيرك، دائرة إشراقك أكبر، وأكثر انسجامًا مع فكرك وروحك.
لندرس ما يفتح العقول، وينير دروب التغيير.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة