كاتبة
الأرواح جنود مجندة
قاطعتني طالبتي: معلمة .. سؤال
أشرتُ إليها بالصبر وأنا أتابع الشرح، لكنها كانت تخشى أن أنتقل إلى فكرة جديدة، وأتركها في حيرتها دون جواب، فعادت تلح: معلمة .. أرجوكِ عندي سؤال
توقفتُ عن الشرح وقلت لها مداعبة: تفضلي .. ولكن لو كان السؤال لا يتعلق بالدرس .. فياويلك..
ورفعتُ إصبعي مهددة
لمعت عيناها ببريق سرور خفي وقالت دون تردد:
- قلتِ أن المؤمن يجب أن يحب أخاه المؤمن.. فهل يحاسبني الله إذا لم أحب إحدى زميلاتي مثلاً؟
سألتها: ولم لا تحبينها؟ هل آذتك في شيء؟
أجابت بسرعة: لا..لا لم تؤذني ولكني لا أحبها .. هكذا ..
أحسستُ بالحرج لحظة، ولكني أدركتُ صدقها وحيرتها فقلت: لابد من سبب يدفعك لكرهها
أجابت موضحة: لا يا معلمة أنا لا أكرهها ولكني أيضاً لا أحبها.. وتابعتْ وقد أطل الاستعطاف من عينيها: بصراحة يا معلمة .. أشعر بها ثقيلة على نفسي.
غالبتُ الضحك بصعوبة وقلتُ بنبرة جادة: اسمعي يا رائدة، لقد أوصانا الله سبحانه بمحبة بعضنا بعضاً، وكذلك نبيه عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك حديث آخر يقول: / الأرواح جنود مجندة, ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف/ وهذا يعني أنه لو تشابهت طباعكما لتآلفتما, أما لو اختلفت وتنافرت فمن الطبيعي ألا تتصاحبا.
هتفتْ والارتياح باد على محياها: يعني خلاص؟.. لن يحاسبني الله إذا لم أحبها؟
قلت: أجل ولكن بشرط..
بدا القلق في العينين اللامعتين وهمستْ بقلق: وما هذا الشرط؟
قلت: ألا تسيئي معاملتها، أو تظهري لها نفورك منها، أو تظلميها في أمر ما، أو تمنعي عنها عونك إذا احتاجته.
صمتت قليلاً تفكر ثم صاحت محتجة: ولكن هذا مستحيل ..
ابتسمتُ قائلة: ومن قال إنه مستحيل؟
انتبهي إلي .. أنتن مثلاً طالباتي جميعاً، ترى هل أحبكن بنفس القدر؟
وتعالت الأصوات: نعم .. أجل ..وعلا صوت رائدة من بينها: بالتأكيد يا معلمة ..
قلت: وكيف حكمت على ذلك؟ كيف عرفت أني أحبكن بنفس القدر؟ هل تعرفين ما بقلبي؟ بدا الارتباك قليلاً عليها ..
فاندفعت نوف تقول: ولكنك تحبيننا .. نحن جميعاً نشعر أنك تحبيننا.
قلت مؤكدة: هذا صحيح لأني أحاول إظهاره بشكل متساو لكن جميعاً، ولكن الحقيقة .. وسكتُّ أرقب النظرات المتسائلة .. ثم تابعت بابتسامة: الحقيقة أنه لا بد أن يميل قلبي إلى بعضكن أكثر من البعض الآخر.
وتعالى الاحتجاج ..
فأكملتُ : ولكنكن لم تلاحظن ذلك.. وإلا من تستطيع منكن إخباري بمن أحب أكثر؟؟ هيا .. وصمتن جميعاً متحيرات
فقلت موضحة: يا بناتي.. المهم ألا أميز في معاملتي واحدة دون الأخرى، فالمعاملة هي ما يحاسبني ربي عليه، أما الحب .. فلا، ما دمت لم أظهر لإحداكن نفوري منها يوماً ما.
هتفت رائدة وقد علا الارتياح ملامحها: آه .. الآن فقط فهمت، وأعدك يا معلمتي أني لن أظهر لها نفوري منها قط .. فقط لن أحبها، لأني لا أستطيع ذلك، وكما قلتِ .. آآه .. ما الحديث يامعلمة؟.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن