الإسلام السياسي
بحلول الربيع العربي اكتسى المرج الأخضر حليةً من أزهار بقيت بذورها عقوداً عدّة وهي تصارع في تربة لا يُسمَح فيها بالسقاية ولا الرعاية.. أما الأزهار فهي ما يسمى اليوم بـ (الإسلام السياسي)، وأما التربة المتحجّرة فهي أنظمة الحكم المتجبّرة..
أزهرَ الإسلام السياسي ليفضح ظلم الأنظمة وينافح عن الشعوب المستعبدة، ويطالب بأن يكون للإسلام قدمُ عزّ في الحياة الدنيا..
لكنه واجه في السُوق التي انفجر منها تحدّياً لا يُحسد عليه، واجه عُقَدَ الأشواك التي تنتهي إلى زهور نديّة عطرة، أو أشواك حادّة دامية.
وما احتفى أحدٌ بتلك الأشواك المسماة إسلام الآخرة ما احتفى الغرب وعملاؤه من السياسيّين العرب، ذلك من حيث العلاقة ما بين العبد وربه، كالصلاة والصيام والزهد والاعتكاف.. فشجعوا عليه، وبذلوا له طائل الجهد والمال، من أجل أن يُحبس في أحلام آخرته، حيث الجنة التي وُعد بها المتقون... دون أن تطرف منه عين إلى أنظمة الأسرة والمجتمع والحُكم..
في الوقت الذي حارب فيه إسلام الدنيا،وشنّ عليه حرباً ضروساً، فقتّل واعتقل أنصاره، لأن هذا الإسلام يضع لمطامعه حدّاً، وينازعه ميراث الأرض ، ويبني عليها حضارته..
هي إذن قصة ما بين الذين يحكِّمون شرع الله في جميع تحركاتهم واجتماعاتهم، ويَصْبون إلى 'إعلاء كلمة الله' ويثبتون في عواصف البغاة ونسائم الشهوات على الحق الذي قال فيه جلَّ وعلا: (وَإِذْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ)...
وبين الذين التفتوا إلى الدنيا التفاتة المبهور والطامع، فقدَّموا مصالحهم على مصلحة الدين، وجاملوا وداهنوا من أجل مكاسب سياسية، وأغراهم من قال لهم: لا بأس.. ابقوا على الإسلام الذي لا يتدخل في شؤون الحياة.. لا يغيّر واقعاً ولا يواجه ظلماً.
هؤلاء من الذين بدَّلوا بعد رسول الله [ فحيل بينه وبينهم يوم القيامة على الحوض، وقيل له: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فقال: «سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي». (البخاري).
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة