رحلة الفرح
كثير من المسلمين الجدد ينتظرون على أحرّ من الجمر تحقيق أمنيتهم برؤية بيت الله الحرام، إذ تُعتبر فريضة الحج تجربة فريدة للكثير منهم، لأنها لا تقتصر فقط على الارتقاء بالجانب الروحي وأداء الفريضة؛ بل أصبحت منطلقاً لحياة جديدة..
في هذا المقال نعرض انطباعات بعض الغربيين الذين أسلموا وقاموا بهذه الرحلة المباركة التي قلبت حياتهم رأساً على عقب:
• تقول الصحافية البريطانية (إيفون ريدلي) عن رحلتها إلى الحجّ:
"أكثر تجربة عاطفية مؤثِّرة أستطيع أن أرويها، يوم كنت في طريقي إلى الكعبة، وقتها لم أتمكن من دخول الحرم لشدة الزحام من الكتل البشرية التي كانت تزحف وتتدافع من أجل الدخول، كانت حالة من الاضطراب البشري، وفجأة انطلق صوت الأذان منادياً للصلاة، وخلال ثوان معدودة اصطفت هذه الكتل البشرية المتزاحمة في صفوف معتدلة واحداً وراء الآخر في سكون تام. لا أعتقد أن أكبر جيش في العالم يمكنه أن يفعل ذلك بالانتظام الذي رأيته، وبدأت أصرخ داخل نفسي: لا يوجد جيش أكثر طاعة وأقوى نظاماً من جيوش الله سبحانه وتعالى.
ولكنْ للأسف لقد فشلنا في أن نعكس صورة هذا الاتحاد خارج أماكن عباداتنا، وعجزنا عن إظهار هذه القوة نفسها، لأننا لو كنَّا متحدِين بالقوة نفسها في العالم ما استطاع أحد أن يتجرَّأ على غزو بلادنا وأراضينا، أو أن يتجاوز حدودنا، ولأصبحت شعوبنا أكثر احتراماً وتقديراً.. يا للأسف نفتقد هذه القوة خارج مساجدنا وأماكن عباداتنا.
بالنسبة لي كانت هذه الأيام من اللحظات المشرقة التي ستظل تذكِّرني بأنَّني أرتبط بأكبر وأفضل عائلة وأسرة في العالم، وأُدرك أيضاً وبكلِّ فخر بأنَّني سألتقي يوماً ما مع هؤلاء الإخوة والأخوات في مكان ما من العالم، عندما أحتاج إلى مَن يساعدني ويأخذ بيدي إلى طريق النور. أنا متأكدة بأنهم سيأتون مسرعين. وأَودُّ أيضاً أن أشعر بأنَّني سأفعل الشيء نفسه تجاههم كإخوة مسلمين".
• أما (كريستين سيزرمسكي) الأمُّ التي تبلغ من العمر 53 عاماً من بالو هيلز _ ولاية إلينوي في أميركا، والتي ولدت في عائلة لوثرية بميسوري، قالت إنَّها تحولت أولاً إلى الكاثوليكية قبل إيجاد مكان لها في الإسلام. روت كريستين تجربتها الرائعة لمجلة هافينغتون بوست:
"كنتُ متوترةً جداً حول هذه الرحلة؛ لأنها بحقٍّ رحلة روحية ثقيلة، إنَّ وجودي في مكة المكرمة وفي هذه الحضرة الإلهية، في مركز الأرض، حيث جاء آدم وحواء إلى الأرض من جنة عدن، وحيث قام إبراهيم وإسماعيل ببناء الكعبة، وحيث عاش محمد [ وتلقَّى أوَّل وحي من الله، هي تجربة تنشيط وتجديد هائل، ولأكون قادرة على مشاهدة الكعبة أمامي بعد كل هذه السنوات، كانت تجربةً قويةً وشيءٌ لم أصدِّقه و لن أنساه أبداً.
ما أردتُ الاستفادة منه في هذه الرحلة هو إيجاد علاقة أعمق مع خالقي للوصول إلى الثقة والقناعة بأن الله هو كلُّ ما أحتاج إليه، وكنتُ أُصلِّي لهذا الهدف، والثقة بديهيَّة؛ لأنَّ الذين بلغوا هذا المستوى من الإيمان لا يُصيبهم القلق أو التثبيط أبداً.
في مكة المكرمة بحضور الكعبة أحسستُ بحضور الله بطريقة لم أحسها في أيِّ وقت مضى في حياتي، كان هناك شعور غامر من الحب الذي يلهم الثقة. يمكِّنني أن أفتح قلبي وأسأل الله أي شيء أريده.
الآن بعد أن شهدتُ هذا الالتقاء النقي مع الله، أريد المحافظة عليه وتنميته، والمسؤولية تقع على كاهلي لإجراء التغييرات اللازمة، على سبيل المثال: أخطِّط لحضور صلاة الفجر في المسجد كلَّ يومٍ، إن شاء الله.
الناس من جميع أنحاء العالم يأتون إلى الحج، وكثير منهم ليس لديهم الوسائل وإمكانية الإقامة في الفنادق أو حتى الخيام، يَترك الناس قراهم مع قليل من المتاع، مع العلم أن بعضهم يفترش الأرض في الساحات والتلال، أو في الشوارع، وأتساءل هل أملك هذا النوع من الإخلاص؟".
• من جهته، قال الحاجّ "بيدرو لويس بيريز" من البرازيل: "إنَّ أداءه فريضة الحج أكَّد له أنَّ هذا الدِّين ليس لأحد بعينه؛ بل هو للعالَم أجمع، فالدَّافع الذي يحمل مئات الآلاف من الحجيج للمجيء إلى السعودية وأداء مناسك الحج وتحمُّل مشقته؛ يؤكِّد قوَّة إيمان هؤلاء الحجيج، وأنَّ أعمالهم صدرت عن قوَّة إيمانية كبيرة. وتابع بيريز: "لديَّ انطباع بعد الحج أن العالَم الحقيقيَّ هو الإسلام، وأنَّ الإسلام هو القيمة الحقيقية في هذا العالَم".
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة