مستسار إعلامي
استراتيجية الضخ الإعلامي المكثف
كتب بواسطة د. نزار نبيل الحرباوي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
2189 مشاهدة
تنتهج وكالات الإعلام الكبرى التي هي الذراع الضارب للأجهزة الاستخبارية العالمية منهجيات علمية في صناعة الحدث وصياغة التأثير في قطاعات الرأي العام، وتدلها الدراسات الاستقصائية والأرقام والأبحاث على اتجاهات وميول الأفراد والشرائح المجتمعية في البيئات المقصودة.
السياسة الأكثر استخداماً في الواقع الإعلامي الغربي، والتي تتعاطى معها وسائل الإعلام العربية بسذاجة وسخف غير مبرر تسمى بسياسة التكرار أو الضخ الإعلامي، بحيث يتم حشد كل المحللين والتقارير والضيوف وخبراء الرأي والمحللين والكتاب ونحو ذلك لفترة مقررة من الزمان لصناعة فكرة معينة والتركيز عليها، سواء كانت مصطلحات يراد تعميمها أو أفكار يقصد ترويجها أو سياسات يراد تمريرها.
العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، الإسلاميون المتشددون والإسلاميون المعتدلون، وغيرها من الأطروحات جرى ويجري التركيز عليها من خلال الضخ الإعلامي والتكرار المقصود بكل وسائل الإعلام وعلى ألسنة الإعلاميين لتصبح ثابتاً من ثوابت الفهم والتحليل لدى شرائح واسعة من النخب في العالم، ومسلّماً من المسلمات التي لا يجوز عقلاً القول بخلافها.
إن تعميم فكرة الإرهاب الفلسطيني وعداء السامية في الغرب استنزفت جهداً كبيراً من مؤسسات العلاقات العامة التي عملت لصالح الفكر الصهيوني ومن بعده الإسرائيلي، وتغيير هذه الفكرة لوحدها يحتاج نفس الحجم من الجهد بالطريقة المعاكسة، بمعنى، توظيف كل الآلات الإعلامية ووسائل الضخ الإعلامي وتكثيف استخدامها على الغربيين لفترة من الزمان بأكثر من لون خطاب حتى نستطيع تغيير قناعاتهم السابقة في ميدان حرب الأدمغة، وعلى هذا الأمر يمكن قياس الترسيم الفعلي لاستراتيجياتنا المستقبلية بعيداً عن الارتجال والعشوائية والعمل الفردي مهما بلغت مستويات الإبداع فيه.
ومن هنا، تأتي أهمية الجهد المركز في صناعة المؤسسات الإعلامية الحاضنة، والوجهة التي يمكن لها فعلياً أن تكون ضاغطة مؤثرة في التوجيه الإعلامي من خلال صناعة الإعلام ومن خلال تعميمه بوسائل العلاقات العامة الناضجة والعصرية والتفاعلية لصناعة الحدث بعيداً عن التصورات الفردية والرؤى الارتجالية والحزبية التي قد تسوق الحدث نحو وجهات أخرى.
لقد أضعنا على أنفسنا العديد من الفرص في اقتناص العقل الغربي في محطات هامة عشناها في العالم العربي والمشرق الإسلامي عموماً، وباتت آلاف القنوات والمؤسسات الإعلامية التي بين أيدينا ألعوبة حقيقية لا أثر لها، ولا رصيد في مواجهة مؤسسة واحدة من مؤسسات العلاقات العامة في الغرب، مؤسسسة تعرف ما تريد، وتركز على ما تريد، وتضخ المعلومة وتكررها قدر ما تريد، وتخاطب الشرائح التي يجب خطابها في ظل الأزمات لصناعة الرأي العام بكل منهجية عقلانية وعلمية وإعلامية عصرية تؤثر أكثر من مئات المؤسسات التي تغني خارج السرب لتثبت أنها صاحبة صولة وجولة.
المصدر : مدونة الجزيرة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة