فقيهة جزائرية من ولاية قسنطينة في الجزائر نشأت وترعرعت في أسرة علمية ، أستاذة الفقه وأصوله المشارك في جامعة الملك فيصل بالأحساء .
مشكلات في طريق الحياة الزوجية الناجحة
السعادة الزوجية مفهوم نسبي لا يسهل قياسه وتعميمه .. وهو يعني فيما يعني رضا الزوجين عن حياتهما الزوجية بشكل عام وبدرجة عالية..
وتقييم العلاقات الزوجية بأنها سعيدة أو غير ذلك لابد له أن يرتبط بمرحلة زمنية معينة تمر فيها هذه العلاقة .. وبعض العلاقات تكون في قمة السعادة الزوجية في فترة معينة .. ثم تتغير الأمور والأحوال .. وهناك لحظات سعيدة جداً .. أو ساعات، أو أيام، أو أسابيع، أو سنوات .. أو العمر كله .. وبالطبع كلما طالت المدة السعيدة كلما كان ذلك أفضل .
وترتبط السعادة الزوجية بنجاح العلاقة الزوجية في وظائفها ومهماتها والتي تتمثل في الجوانب التالية :
تأمين العيش المشترك ، والسكن والحب ، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين، وفي إنجاب الأطفال وتربيتهم، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة، وغير ذلك .
وتتأثر السعادة الزوجية بالنجاح أو الفشل (النسبي) في تحقيق الوظائف السابقة بالنسبة للزوج أو الزوجة أو كليهما وبشكل مرض ومقنع .. وبعض العلاقات تنجح في تحقيق عدد من الوظائف الزوجية، ولكنها تفشل في بعضها الآخر .. ولا بد من القول بأن العلاقة الزوجية هي مشروع طويل الأمد يتطلب الإعداد والجهد والجد وفيه مسؤوليات متنوعة، وكلما أنجزت مهمات معينة ظهرت مهمات ومسؤوليات أخرى يجب إنجازها ..
وتتأثر السعادة الزوجية بعدد من المشكلات الحياتية مثل عدم الإنجاب، والضعف الجنسي عند الرجل أو البرود الجنسي عند المرأة، ويمكن لكل ذلك أن يخلق زواجاً تعيساً مضطرباً.
وأيضاً فإن الشخصية النكدية، أو الشخصية الأنانية، أو الشخصية العدوانية المضطربة، أو الشخصية ضعيفة المهارات.. يمكن لها إذا كانت تنطبق على أحد الزوجين، أن تحول الحياة الزوجية إلى جحيم وإلى مشكلات لا تنتهي .
ويلعب الملل الزوجي أو الفتور الزوجي دوراً كبيراً سلبياً في التعاسة الزوجية .. وأسبابه متنوعة، وبعض أسبابه ترتبط بالمجتمع وثقافته، وتكوين الزوجين وثقافتهما وعقدهما النفسية وتاريخهما الأسري ..
وفي حالات الملل الزوجي تزداد المشكلات الزوجية ويزداد الخصام والصراخ والسلبية وابتعاد كل طرف عن الآخر في نشاطاته وأهدافه اليومية .. ويلجأ البعض إلى الاستغراق في العمل أو في هوايات أو نشاطات خاصة يهدف من خلالها أن يثبت نفسه وأن يخفف من إحباطاته وأن يعطي نفسه شيئاً من التوازن والمتعة والتجديد ، ولكنه يضيف بذلك مزيداً من الضغوط على علاقته الزوجية ويساهم بزيادة تسميم أجوائها . ومن الممكن أن يتورط أحد الزوجين في علاقة عاطفية فاشلة أو مزيفة أو متسرعة .. يمكنها أن تضيف إلى مشكلات العلاقة الأصلية المضطربة ، وربما تؤدي إلى مرحلة اللا عودة أو الطلاق .
ومن الممكن بالطبع حدوث الترميم أو الإصلاح أو التجدد خلال مرحلة الملل الزوجي .. وربما يكون الملل والروتين والجمود دافعاً طبيعياً إلى تجدد العلاقة وإلى اقتراب الزوجين من بعضهما في كثير من الحالات ..
وأخيراً .. لا بد من التأكيد على أن السعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات ، ومنها : المسؤولية ، والتفاعل ، والتعاون ، والمشاركة ، والحوار ، و الصداقة ، والحب ، والحساسية للطرف الآخر ، وعين الرضا ، والتكيف ، والتوافق ، والتكامل ، والمرونة ، والواقعية ..
وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت .. ولابد من التنبه لهذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة ..
والكلمة الطيبة لها دورها دائماً .. وكذلك الحوار والتفاهم ورفع الظلم وتعديله وأخذ كل ذي حق حقه .. وتبقى السعادة الزوجية مطلباً وحلماً يسعى الجميع نحوه .
ما أسباب توتر العلاقة الزوجية؟
◄ لطغيان الصمت في العلاقة الزوجية دور مهم في بناء الفشل المفضي إلى الطلاق، فالصمت السائد بين الزوجين يفتح المجال لحوارات مونولوجية داخلية في رأس كل من الزوجين، ولا يعتقد أحد أن الزوجين اللذين يشطبان الحوار العلني من يومياتهما هما على تفاهم تام بنسبة مئة بالمائة، بل قد يكون العكس هو الصحيح، وعندما يتعالى الاستياء والمآخذ من دون أن يتم توفير مخارج لتلك المشاعر السلبية، تتراكم أحاسيس الإحباط ويتعالى الصوت الداخلي في انتقاد الآخر، فيبدو الظاهر من العلاقة منافياً تماماً لواقع الحال في العمق، وبناء على قواعد الكيمياء، فإن كل تطور كمي يقود إلى انفجار نوعي، بمعنى أن الكيل سيطفح لا محالة، وعندئذ لن يكون هناك هدوء ولا عقلانية، بل قصف متبادل وانفعالات مشحونة بأعلى درجات الغضب[1]، ويندرج تحت هذا العنصر إخفاء الغضب، وعدم السؤال، وعدم الإفصاح عن المشاعر، وعدم التحدث بالتفكير الداخلي.
◄ التهاون بالذنوب والمعاصي : لأن المعاصي تزيل النعم وتشتت القلب وتدمر المبادئ والقيم ، يقول أحد السلف: " إني لا أعصي الله فأرى سلوك ذلك في زوجتي ودابتي"
فالزوج عندما يكون قائما بحدود الله مستمسكا بعروة الله وكذلك الزوجة ، متأدبين بآداب الشرع فمن أين تأتي المشاكل ، فلو حصل أي نقص بسبب بشرية الزوجين فسرعان ما يقضى عليه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه . فمن أعظم أسباب الطاعة أن يدوم الوئام وأن يحصل الوفاق بين الزوجين.
◄ إهمال الحقوق : حيث لا يقوم كل طرف بالحقوق الواجبة للطرف الآخر.
◄ تدخل الأقارب والجيران في المشاكل وتكبيرها ، ويأتي التدخل بخلل من الزوج أو الزوجة ، هو يشتكي أو هي تشتكي للأقارب ، فلا يجوز للرجل أو المرأة أن يكشفا سرهما للأقارب .
◄ عدم النظر إلى المحاسن والايجابيات: والتركيز على الأخطاء والسلبيات ، قال صلى الله عليه وسلم :"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي آخر".
◄ سوء الظن من قِبَل الزوج أو من قبل الزوجة: حتى تفقد الثقة ، وفقدان الثقة تدمير للأسرة ، ما ينبغي للزوجة أن تخفي عن زوجها شيء ، يجب عليهما أن يولدا الثقة بينهما ، قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم...}
◄ عدم معرفة الوسائل الشرعية: في علاج الخلافات الطفيفة التي تحصل في الأسرة، إذ لا يتبادر إلى الزوجين عند أي مشكلة سوى الطلاق، وهذا خطأ فالطلاق آخر علاج ، فهناك وسائل شرعية منها : الوعظ ، والهجر في المضاجع ، والضرب غير المبرح ، إرسال حكما من أهله وآخر من أهلها حتى يصلحوا، فإنه لم تنفع هذه الأساليب كلها طلقها طلقة واحدة في طهر لم يمسها فيه .
وهنا وجب التأكيد على وجوب الرجوع لفكرة " الجماعة" التي يحتكم إليها الأزواج عند حدوث أي نزاع أو خلاف.
أنواع المشاكل وآثارها:
لكي نستطيع أن نحل الخلافات الزوجية، علينا أن نبدأ بمعرفة مفهوم الخلافات الزوجية، وهو موضوع بالغ الأهمية لأنه يحدد ما إذا كان لدينا مشكلة أو خلاف من عدمه، ومن ثم تحديد الحاجة للتدخل من عدمه.
ومن هنا نعتقد بأن ليس كل خلاف في الرأي بين زوجين يعني وجود مشكلة تتطلب التدخل.
والمقصود بالخلافات الزوجية وجود تباين في أفكار ومشاعر واتجاهات الزوجين حول أمر من الأمور، ينتج عنه ردود الأفعال غير المرغوب فيها، فيختل التفاعل الزواجي، ويسوء التوافق الزواجي، وتضعف العلاقة الزوجية[2].
فالمشكلة هي: أفكار متباينة---- مشاعر نفور---- سلوكيات غير مرغوب فيها.
ومن المشاكل ما تكون عابرة كالاستهزاء، وظاهرة كالضرب، ومنها الخفية كالغضب، والدائمة كالبخل.
المشكلة الأولى: العنف الزوجي
في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة ملامح متنوعة من السلوك العدواني ومن العنف تختلف في درجتها وشدتها وتكرارها .. وأيضاً في آثارها من علاقة لأخرى ووفقاً للظروف والبيئة والمحيط والثقافة التي تعيش فيها هذه العلاقة .
من مظاهر المشكلة:
تتعدد أشكال العنف ودرجاته بين الزوجين .. وأخف هذه الأشكال:
◄ تقطيب الحاجبين، وعدم الاستحسان لكلمة أو فعل من الزوج أو الزوجة تجاه شريكته أو شريكها ..
◄ والمخالفة في الرأي حول موضوع معين..
◄ والتهكم والممازحة الثقيلة ..
◄ والتأجيل والتسويف والمماطلة لفعل ما يطلبه الشريك الزوجي أو يرغب فيه.. وأيضاً النسيان وعدم الانتباه لما يرضي الشريك ..
وكل ذلك من السلوكيات اليومية المقبولة عموما،ً والتي تزعج الطرف الآخر وتثير غضبه أو انزعاجه .. ويجري تدارك نتائج ذلك بشكل أو بآخر مثل الاعتذار أو اعتبار ما حدث من قبيل سوء التفاهم أو المزاح والدعابة ، وغيره مما يمكن له أن يعدل من نتائج السلوك العدواني مثل تقديم هدية أو تحضير عشاء لذيذ وغير ذلك ..
◄ والدرجات الأعلى من العنف تشمل الصمت وعدم النظر للشريك والغياب المتكرر عن المنزل والهجر الجنسي وغير ذلك ..
◄ وأشكال العنف الزوجي الأكثر شدة تتضمن رفع الصوت واشتداد حدته .. ثم السخرية والتعيير والسباب والشتائم .. وهي جميعها أشكال من السلوك العدواني والأذى يقوم به أحد الطرفين ويستدعي الدفاع أو الهجوم المعاكس من الطرف الآخر ..
◄ والعنف الجسدي يعتبر أشد درجات العنف .. وهو خطر ويشمل البصق والقرص والعض وغرز الأظافر في جسد الآخر ، والصفع والدفع وتوجيه الضربات واللكمات بالأيدي والأرجل، ورمي وقذف أشياء مختلفة تجاه الآخر، والتهديد باستعمال الأدوات الحادة وغير الحادة أو استعمالها، ومحاولات الخنق والقتل وغير ذلك [3].
المشكلة الثانية / العصبية ...(الغضب)
التعريف بالمشكلة :
الغضب السريع والانفعال الشديد عند وقوع الخطأ أو عند سماع (الزوج / أو الزوجة ) أو رؤية ما لا يتوافق مع ما يحبه أو يظنه.
من مظاهر المشكلة :
◄ الغضب الشديد عند وقوع الخطأ.
◄ إيقاع العقوبات العظيمة على الأخطاء التافهة .
◄ كثرة السب والشتم واللعن .
◄ الضرب المبرح .
◄ كسر الأشياء وإتلاف الممتلكات .
◄ الهجر لمدة طويلة مع عدم قبول الاعتذار .
◄ إخراج الزوجة من بيتها أو خروجها من بيتها .
الأسباب:
طبيعة نفسية، وآفة خلقية منذ الصغر .
◄ كثرة المشكلات اليومية ( في العمل / في البيت)
◄ سوء الخلق، وضعف الإيمان .
◄ عدم الانسجام في الطباع والآراء .
◄ ضعف الحب بين الزوجين .
◄ تكرار الخطأ واستمرار الطرف الآخر على أخطاءه.
◄ الغيرة المذمومة[4].
المشكلة الثالثة : الغيرة المذمومة ( مفتاح الطلاق )
تعريف المشكلة:
الغيرة هي حمية تشتعل في النفس لمزاحمة الآخرين لها في شيء تحبه وتحمل صاحبها على ما لا يليق من الأقوال والأعمال .
من مظاهرها:
الإضرار بالمشارك أو المزاحم بأساليب وصور عدة ومنها:
الوقوع في غيبته ومحاولة إظهار عيوبه والنيل منه .
الحسد والضغينة.
الاستهزاء والتحقير .
إفساد حاجاته وإتلافها .
بغضه وهضم حقوقه .
التفاخر عليه .
أسبابها :
ضعف الإيمان.
طبيعة نفسية.
سوء الخلق و ضعف الإيمان .
وجود مزاحمة على محبوب. مثل الزوج بالنسبة للزوجة تزاحمها عليه ضرة أو أم الزوج.
تفوق الطرف الآخر على الغيور .
الإحساس بالنقص.
ذكر محاسن الضرة عند ضرتها الأخرى.
عدم العدل بين الزوجات.
العلاج
تقوى الله عز وجل إذ هو عاصم من كل ما يخل .كما قالت عائشة رضي الله عنها عن زينب بنت جحش يوم لم تخض مع الخائضين في حادث الإفك : عصمها التقوى وخوف الله عز وجل .
تذكر ما أعده الله لمن جاهدت نفسها في دفع غوائل الغيرة فقد ورد في الأثر :إن الله تعالى كتب الغيرة على النساء ، والجهاد على الرجال ، فمن صبرت منهن إيماناً واحتساباً كان لها أجر الشهيد) وقد أعطى الله الصابرين من الأجر ما لم يعط غيرهم فقال { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }.
حسن الظن ، فان الكثير من الغيرة تبدأ من سوء الظن والوساوس التي يلقيها الشيطان في قلب الغيور .
القناعة : فالغيور تنظر إلى ما في يد الآخرين وتستقلل ما في يدها ولو كان كثيراً فتسخط وتغار ولا ترضى بما قسم الله لها ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أفلح من هدي إلى الإسلام ورزق الكفاف" .
الدعاء : وهو من أعظم العلاج لإطفاء نار الغيرة المذمومة وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها أن يذهب ما تجده في قلبها من مذموم الغيرة.
تذكر الموت والدار الآخرة :
فان من أعظم ما يكف النفس إذا جمحت ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات .
المشكلة الرابعة: التنافس بين الزوجين
مما لا شك فيه أن هناك تنافساً مستمراً بين المرأة والرجل في الحياة الزوجية .. والحياة الزوجية ليست كلها تعاون وتواصل إيجابي وحب وألفة .. بل هناك تنافس أيضاً . وأشكال التنافس تأخذ أشكالاً ظاهرة واضحة أو غامضة غير مباشرة ، وذلك وفقاً لشخصية الزوجين وظروفهما .. وفي العلاقة الزوجية التقليدية حيث يعمل الرجل خارج المنزل وتعمل المرأة داخله يأخذ التنافس والصراع أشكالاً تختلف عنها في العلاقات الزوجية الحديثة حيث يعمل الطرفان خارج المنزل .
ومن أمثلة التنافس في العلاقات التقليدية الخلاف حول الطبخ والطعام وجودته وإتقانه..وتتفنن الزوجة بألوان الطعام المختلفة لإبهار الزوج بقدراتها..كما أنها تنزعج كثيراً إذا تدخل الزوج في أمور المطبخ وإعداد الطعام. وهذا التدخل هو نوع من التنافس والمنافسة حيث تنشأ خلافات شديدة وحادة نتيجة لذلك.. والرجل عندما يعطي رأيه أو يتدخل في مجال الزوجة فإنها تعتبر ذلك تقليلاً من شأنها وتنزعج وتقاوم وبأشكال يمكن أن تكون مرضية ومبالغ فيها مما يساهم في نشوء المشكلات الزوجية أو تفاقمها .
وببساطة فإن شؤون المطبخ تمثل قيمة خاصة للزوجة تدافع عنها وتنافس الرجل فيها وتعلن تفوقها ورضاها ..وكذلك الرجل يدافع عن قوته في مجالاته وميادينه وأي تدخل للمرأة في ذلك مثل شؤون العمل أو الإدارة أو غيرها يمكن للرجل أن يعتبره تنافساً وتدخلاً ولذلك فهو يقاوم بشدة ويحاول التفوق على منافسه وغلبته وتحطيمه في بعض الأحيان .
وفي الأسرة الحديثة يأخذ التنافس موضوعات أخرى مثل التحصيل العلمي أو المادي أو المهني أو التفوق الثقافي والمعرفة العامة أو التخصصية وغير ذلك .
ومما لا شك فيه أن التنافس عموماً حافز إيجابي ويساهم في الإبداع والإنتاج والتحصيل .. وهناك التنافس المقبول الإيجابي ولكن هناك التنافس المدمر والصراع الذي يمكن أن يكون عامل هدم في العلاقات الإنسانية عموماً وفي العلاقات الزوجية خصوصاً .. ولا بد من القول أن العصر الحديث وقيمه التي تشجع على الفردية والأنانية والتنافس .. لها دورها في زيادة حدة التنافس وإشعاله بين الأزواج ومن ثم ازدياد الاختلاف والصراع .. ولا يعني ذلك أن التنافس لم يكن موجوداً قديماً ولكن ربما كان بدرجات أقل أو أشكال مختلفة .
ولكن .. لا بد من تأكيد قيم التعاون والمحبة والمودة والسكن.. والوعي بالأمور النفسية الداخلية التي تدفع الناس إلى التنافس.. مما يساهم في ضبط النفس والمشكلات والصراع ، ضمن الحدود المقبولة الإيجابية و التي تساعد على البناء والازدهار بدلاً عن الهدم.
ما هي أكبر مشكلة زوجية؟
ترك الملفات مفتوحة، وعدم حسمها.
فن احتواء الخلافات الزوجية:
الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف تعامل مع خلاف السيدة فاطمة وعلي رضي الله عنهما.
وكيف تعامل مع سيدنا أبو بكر في خلافه صلى الله عليه وسلم مع السيدة عائشة رضي الله عنها، عندما قال تكلمي او أتكلم، فضربها أبوها، الأمر الذي دعاه صلى الله عليه وسلم يقوم على حمايتها من أبيها رغم خلافه معها.
كيف نعالج المشاكل الزوجية؟
نحلل المشكلة، نتوقع نتائج الحل، نتخذ القرار
أنواع الشخصيات أثناء الخلافات:
استخدام النموذج المناسب في الوقت المناسب.
نموذج واحد خطأ.
اختر أحد هذه الشخصيات :
◄ المهاجم ، سمك القرش.
◄ المنسحب، السلحفاة.
◄ المراوغ، الثعلب.
◄ الوديع، الدب.
◄ الحكيم، الحمام.
وسائل معينة لاحتواء الخلافات الزوجية:
◄ اختيار الوقت المناسب.
◄ كيفية عرض المشكلة.
◄ التركيز على موضوع واحد.
◄ فهم النفسيات.
◄ الوقت جزء من العلاج[5].
16 وسيلة عملية لحل الخلافات الزوجية
أساليب عملية في حل الخلافات الزوجية
ينبغي أن ينظر الزوجان نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذا إنها من الممكن أن تكون عاملاً من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها .
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه وإما أن يضخمه ويوسع نطاقه ..
ضوابط لابد منها :
- لاشك أن الكلمات الحادة, والعبارات العنيفة, لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف, علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم على النفوس .
◄ لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف, إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه, وعند أدنى اصطدام، فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإما أن تتناسى وتترك, وإما تطرح للحل ولا بد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر .
◄ البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر لكنها تعمق الخلاف و تجذره : مثل أساليب التهكم والسخرية , أو الإنكار والرفض ، أو التشبث بالكسب . روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً , وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً " .
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم ، فقالت عائشة : عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ، قال : " مهلاً يا عائشة عليك بالرفق , وإياك والعنف والفحش " قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في .
و روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " .
و روى الترمذي حدثنا محمد بن غيلان حدثنا ابن داود قال أنبأنا شعبة عن أبي إسحاق ، قال : سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول : سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت :" لم يكن فاحشاً , ولا متفحشاً , ولا صخباً في الأسواق , ولا يجزي بالسيئة السيئة , ولكن يعفو ويصفح " .
وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي يوماً لشيء فعلته لم فعلته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته " .الوعي بأثر الخلاف وشدة وطأته على الطرفين : فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره وتدلي عليه , يسبب لها كثيراً من الإرباك والقلق والانزعاج ، وبخاصـة إذا كانت ذات طبيعة حساسة .
◄ البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة , فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين الكبر بطرد الحق و غمط الناس .
◄ عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته, فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور " لا " أو " نعم " ثم بعد الإلحاح يغير القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى اللجاج والمخاصمة .
خطوات لابد منها:
1- تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط, فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه، بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم , فلربما أنه لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم .
2- الرجوع إلى النفس ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها مع ربها الذي هو أعظم وأجل.. وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك .
3- معرفة أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب وأن من البلاء الخلاف مع من تحب . وقد قال محمد بن سيرين إني لأعرف معصيتي في خلق زوجتي ودابتي .
4- تطوير الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن .
5- تحديد موضع النزاع والتركيز عليه , وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة , أو فتح ملفات قديمة ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف .
6- أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها , ولا يجعل فهمه صواباً غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش , فإن هذا قاتل للحل في مهده .
7- في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس , قال تعالى {ولا تنسوا الفضل بينكم } , فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا , ولم يغب عن بالى تلك الإيجابيات عندك , ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور .
8- لا تجعل الحقوق ماثلة دائماً أمام العين , وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق أو جعلك حقوقاً ليست واجبة تتأصل في النفس ويتم المطالبة بها .
9- الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه , وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك , وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ فالاعتراف( بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) ، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب , فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها .
10- الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة كما قال صلى الله عليه وسلم غارت( أمكم ) وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه . روى النسائي وأبو داود و الترمذي عن عائشة قالت :" ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته فقال : " إناء كإناء وطعام كطعام " .
11- الرضا بما قسم الله تعلى فإن رأت الزوجة خيراً حمدت, وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا, وأن يعلم الرجل أنه ليس الوحيد في مثل هذه المشكلات واختلاف وجهات النظر .
12- لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب, وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس، وتبرد الأعصاب , فإن الحل في مثل هذه الحال كثيراً ما يكون متشنجاً بعيداً عن الصواب.
13- التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جداً حل الخلاف إذا تشبث كل من الطرفين بجميع حقوقه .
14- التكيف مع جميع الظروف والأحوال, فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً غير متهور ولا متعجل, ولا متأفف ولا متضجر, فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة .
15- يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبباً للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم, وإنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع .
16- غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود :
من الذي مـا ساء قــط ومن لـه الحسنى فـقط
وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد
الهوامش والمراجع
[1] وفاء الناصر، الهروب من المشكلات الزوجية يقود إلى الطلاق، www.al-jazirah.com، 23أغسطس 2005م.
[2] راشد علي السهل، المستشار الوافي في حل الخلافات الزوجية، ص 37 وما بعدها.
[3] حسان المالح، العنف الزوجي... مشكلات. 28- 12- 2003. www.hayatnafs.com
[4] دليلك لحل المشكلات الزوجية،
www.saaid.net
[5] جاسم المطوع، فن احتواء الخلافات الزوجية، شريط سمعي.
المصدر : الاسلام اليوم
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة