أبحث عن
أبحث عن حقّ يُقرّ كل شيء على حِده، وينتصر لأيّ حقّ على حِده
ويُدين كلّ سوء على حِده ..
بل ويملك طاقة ذكيّة لترتيب المُتغيّرات الحياتيّة في حقيبة عمل او مُصنّفات جاهزة، او يُحوّل مُعطيات الواقع ووقائعه الى "ملفّات" ، تُدرج حسب مضامينها وقابلية الحلول المُقترحة للتطبيق..
*أبحث عن حقٍّ لا يُحبّ الأشياء بالجُملة، ولا يكره الأفعال بالجُملة، ويُنزل الناس منازلهم
ويُعيد للمساكين غبطة الرضا، وللموجوعين راحة البال..
*أبحث عن جيران لا يطرقون بابي الا مُشتاقين لمُجالستي وسؤالي عني وأهلي وأحبابي ومُحادثتي وتذوُّق أكلات بلادي، او في يد صغيرتهم "منقوشة زعتر أخضر بالجبن البلديّ"، وفي عينيّ إمتنان بحجم العالم، وفي رأسي مكافأة ، بخلطة خاصة أرسلها غدا او بعد غد بذات الطبق الأنيق..
أبحث عن مصيف لا "شرقيّ ولا غربيّ"، في جبال عجلون او الشوبك او ربما "برقش" او في أبها او (أبو قير) في الاسكندرية، او في أعلى جبل في اسطنبول، على أن أواعد النجوم كلّ ليلة بعد أن أشطف "فناء العُليّة" قبيل المغرب ، وعلى أن أقتني "تلفزيون أبيض وأسود" خاص بموعدي والجبن الأبيض والبطيخ وأن أهدي "عفاف قضماني" الفاتحة، وفي تمام الثامنة بتوقيت الحنين..
أبحث عني في فناجين القهوة، في رائحة المندرينا الشتوية والكستناء وفتلة صوبّات الفوجيكا الخاوية والخبز المقحمش مع زيت زيتون ( السنة الي راحت) ، وفي اشارات مرورٍ مُزدحمة بوجوهٍ منسيّة ، وفي مفاوضات تتمّ همسا على جنبات الطُّرق من أجل قوت غدٍ او رسوم مدرسة ابنة لصٍّ سكّير، وفي قصاصات الورق المنسية في الكتب وفي هوامش مواجعي البكر ، وجمر يسكن قلوب الغارقين بأوهامهم الجميلة، وفي عيون من لا يملكون من أمر الوصول الى قلبي ، ناقلة من أي نوع ولا بريد ..
*أبحث عن نافذة تُطلّ على كورنيش الدوحة والغاب وقريتي والقاهرة ومنطقة السلطان أحمد في اسطنبول ومدرستي العتيقة المهجورة في الرياض وعلى أحواض النعناع وليمونة جدتي ، في ذات الوقت ...
وأبحث عن حريّة محليّة بصناعة أيدي أبناء البلد ، وبطراز تقليديّ الطابع ، وبمكوّنات تنتمي للـ"هنا" خاصّتنا نحن ..
فلقد سئمت تناول الأطباق الغريبة ذات المكوّنات الغريبة على موائد المحليين الُغرباء...
*أبحث عن وعدٍ قديم قديم ، حياديّ ، موجع ومثقل بالترقّب، أعلنتْه عيناكَ وأجّله الصمت
وكان الكبرياء مُحرّضا، فجدارا فعزولا..
*أبحث عن قارئ يُجيد قراءة التنهيدة قبل ميلادها ، يُشعل بعد كلّ نصٍّ من نصوصي قنديله
ويوقد بعد كلّ ومضةٍ من ومضاتي شعلة للقادمين...
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة