الحب واليقين
في سبيل حبِّك واتِّباع خطاك والسير على نهجك؛ قدَّم المسلمون الأوائل أرواحهم وأموالهم، فدانت لهم الدنيا بقضِّها وقضيضها، وذابت في فَلَكهم العظيم حضارتان اثنتان كانتا تسودان العالم آنذاك؛ الرومانية والفارسية.
وما كان للمسلمين أن يبنوا تليدَ مجدهم وخالدَ ذكرهم لولا اليقينُ الذي استقرَّ في نفوسهم والحبُّ الذي سيطر على حياتهم .
فبِهما جميعاً يغذُّ المسلم طريقَه، وبِهما يتحمَّل العناء والمشقة، وبِهما يكون له النصر والعزَّة. أمَّا أن يكون حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيناً تلفظه الألسن خُطباً، أو تسكبه الأقلام مداداً، ثم لا يكون له حظٌّ من القلوب؛ فهذا النفاق الذي يَسفُل بصاحبه إلى الدرك الأسفل من النار. فحقيقة الرسالة التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم تتطلب من كل مسلم حرارة حبٍّ فوق حقيقة اليقين، تدفعه أن يبذل حياته و نفيس وقته و ماله في سبيلها؛ تدفعه أن يمارس واجبات الرسالة التي حملها إليه نبيُّه محمد صلى الله عليه وسلم بمطلق التسليم والرضا.
أمَّا أن تُقبِلَ علينا ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنجهِّز الزينات ونرفع الأعلام وننظم القصائد وندعو للاحتفالات، ثم إذا ما انقضت الذكرى عاد الواحد منَّا إلى دُنياه مُكبّاً على مصالحه وشهواته، هاجراً لسنَّة نبيه أو مقصِّراً في جانبه..!! فذاك الخجل الذي يعتصر القلوب، والأسى الذي ينبغي أن يستشعره كلُّ مَن يبتهج في احتفال الذكرى.. أو يرقص ويترنَّح.. أو يسقط ويُغمى عليه.. ثم تنقضي تلك المناسبة فيُعرض عن معانيها وأهدافها، ويعود لشأنه السابق!!
إنَّ سرور رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأمَّته التي تصخب وترقص كلما حلَّت ذكرى ولادته العطرة، وليس بالجدل الطويل الذي يخوض فيه المسلمون بمشروعية الاحتفال أو بدعيَّته _ والذي عادةً ما يدفع إليه الجهل أو الغلوّ _ إنما سرورُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم باتباعه وإحياء سُنّته والتحلي بأخلاقه..
سروره بأن يعبَّد الجسرُ الواصل بين حقيقة نبوته في يقيننا وفاعلية محبته في حياتنا.
وهذا الجسر وحده مَن يعبُر منه المخلصون لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهم الطائعون له في صحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟! قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة