دكتوراه لغة عربية ودراسات إسلامية | لبنان
مغتربون في الأرض
من مفردات اللبنانيين اليومية كلمة: المغتربون... المهاجرون...
ولعدة أسباب هاجر أبناء البقاع إلى البرازيل، وأبناء الجنوب إلى إفريقيا، وأبناء الشمال إلى أستراليا، وأبناء بيروت إلى الخليج منذ عشرات السنين، وصاروا يعملون هناك ويرسلون الأموال إلى هنا...
بأموالهم التي أرسلوها أشادوا قصوراً، واشتروا عقارات، واستملكوا شققاً... وهكذا...
أكثرهم بذلوا جهوداً مضنية لتحصيل الأموال... وواصلوا الليل بالنهار وعرّضوا حياتهم للمخاطر؛ طلباً لوفرة مالية وكنوز ذهبية...
وبعضهم لم يأبه بهدف هجرته وغربته، فانسدر في بلاد الاغتراب في لهوه ولعبه، وقضى سِني شبابه لاهياً لاغياً عاطلاً... ولم يرسل إلى بلاده مالاً ولا حلالاً...
عاد المغتربون... فوجدوا ما يلي:
• مَن أرسل مليون دولار وجد قصراً بمليون دولار...
• مَن أرسل مئة ألف دولار وجد شقة بمئة ألف دولار...
• مَن حوَّل خمسين ألف دولار وجد عقاراً صغيراً بقيمة ما حوَّل..
• مَن لم يُرسل شيئاً لم يجد شيئاً، وصار عالة يتكفَّف الناس، وأضحوكة بين بني قومه، وسخرياً بين أهله وعائلته...
ما سبق ينطبق نفسه على البشر في هذه المعمورة...
كُلُّنا في الأرض مغتربون، لأن أبانا كان موطنه الأصلي في الجنة، ونزل منها ليكون وأولادُه جاليةً بشرية؛ سيُجلَوْن عنها في يومٍ ما...
وبما أنَّ موطننا في السماء؛ فعلينا أن نرسل جهودنا ونتاجنا وثمارنا إلى السماء، باستثناء ما يقيم أَوَدَنا في الأرض، كما يفعل المغترب اللبناني الذي يستهلك في بلاد الاغتراب ما يقيم أَوَدَه هناك...
وحين تقوم القيامة يبرز أمامَ كلِّ واحد ما أرسله إليها...
فمَن عمل صالحاً كلَّ يومه؛ سيجد صالحات كالجبال...
ومَن عمل صالحاً نصف يومه؛ سيجد صالحات كالتلال...
ومَن خلَّط في الدنيا؛ تأتيه أخلاطه في الآخرة...
ومَن قضى عمره لاهياً ولم يرسل شيئاً؛ لن يجد شيئاً...
مجنونٌ ذلك المغترب، الذي لم يرسل شيئاً من ماله إلى بلده، وكان يتوقع مع هذا أنه حين يعود سيجد قصوراً فاخرةً بانتظاره...
ومجنونٌ ذلك الرجل الذي لم يرسل حسنة إلى الآخرة ويتوقع أن يكون في جنة الله...
وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثم أوفيكم إياها".
وقال تعالى: (وَوَجَدُوا مَا عَملُوا حَاضِرَاً)!
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة