إليكِ يا حلب
تنادينا حلب كما نادتنا من قَبل بلادُ المسلمين المغتصَبة، تبحث في قلوبنا عن نبضٍ صادق وعن حركةٍ فاعلة، تنادي فينا الإنسانَ المسلم الغيور على عرضه ودينه...
حلب... أيُّها الجرح الحيُّ في قلبي، كنتِ عروساً فصرتِ مسلوبة البهجة... ودَّعك أبناؤكِ بعدما تركوا أفئدتهم مزروعة في حناياكِ، وشعاراتهم تسطِّر على أطلالك: عَوْدٌ قريب بإذن الله. والملحمة لمّا تنتهِ، والنصر صناعة لا بدَّ له من آلام ليزهر بإذن الله...
فهل كانت القذائف والقنابل التي أُسقطت هي العامل الوحيد الذي دمَّر شَهْباءنا؟!
المصاب جلل والخطب عظيم، ولا يخفى على أحد خطورة ما تتعرض له الأُمَّة الإسلامية من محاولة شرسة للنيل من المسلمين، وآلة التدمير تعمل بلا هوادة، ليختلط الخبز بالدم، وتسيل الدماء أنهاراً.. هو دمي ودمُك الذي سُفك... فهلَّا شعرنا بالألم فتحركنا لإغاثتهم؟!.
تُمطَر حلب وغيرها من بلاد المسلمين بِوَابل من النار يخترق شرايين الأُمَّة، ويصبح الجسد الواحد أشلاء تبحث عن علاجات فرديَّة، فكيف لهذا الجسد أن يحيا مُقطَّعاً؟! مُتبعثر الأشلاء، متناثر الأفكار، تائهاً على غير هدىً في استدراك تحقيق وعد الله لنا في قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين).
الفَناء والإبادة بمعناهما الحقيقي حصلتا عندما أجهز الثالوث الروسي السوري الإيراني على معنى الإنسانية في قلوب الناس، فتُباد أحياء من حلب ويُشتَّت أهلُها، وما زال همُّ كل ذي كبد أن ينأى بنفسه سالماً!!... ليكتمل مشهد الدَّمار بصورته المروِّعة! ويلفُّ العالمَ صمتٌ، وتعلو مزامير الإعلام بأخبار تُسمع من غير أن تُحرّك في الدول شيئاً!!
إنَّ صمود حلب لأربع سنوات خَلَت ما كان إلَّا بوحدة أبنائها وقوة إيمانها وعزَّتها بدينها، والهدف الذي تسعى إلى الوصول إليه من تحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد مرتكزٌ إلى عاملَين أساسيين: الصبر والتقوى، وذلك بقوله تعالى: (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يُمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين).
ولأنَّ الحرب بين الحق والباطل مشهد من الملحمة التي لن تتوقف حتى يمِيْز الله الخبيث من الطَّيب، فسنُسأل عما فعلنا في هذه الجولة؟ وماذا قدَّمنا في هذه المحنة؟ وما كان موقفنا في هذه المرحلة؟
إذا كانت ضمائر الإنسانية غير موجودة في أفئدة المجرمين فإجرامهم طبيعة غير مبرَّرة، ويبقى يقين الإيمان في قلب المسلم راسخاً بوعد الله؛ يُتَرجَم سلوكاً وعملاً ومنهج حياة..
فما يقال فيكِ يا دُرَّة الشام قليل... وبإذن الله نصرٌ ولقاءٌ قريب...
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة