التربية الساطعة
العائلة هي أول عالمّ اجتماعيّ يواجهه الطِّفل، ولها دور كبير في التنشئة الاجتماعية، ولكنَّها ليست الوحيدة؛ فهناك البيئة التي تحيط بهم؛ من المدرسة إلى الرِّفاق، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي يتعرَّض لها يومياً.
إلَّا أنَّ العائلة تأخذ الحيِّز الأكبر والأهمَّ من التأثير على شخصيَّة تربية الطفل، والتي من شأنها أن تؤدي إلى التربية الصَّالحة المتينة أو العكس، بالإضافة إلى أنَّ الحرص على بناء وتنمية الذكاء الوجداني، يكون من خلال إشباع حاجات الطفل الطبيعية من الأمن والاستقرار، لتحقيق السَّكينة النفسيَّة والاجتماعيَّة في داخل أسرة يسيطر عليها الهدوء والالتزام بالمبادئ الأساسية للتربية السَّليمة.
ولتربية الأولاد ضمن الأُسرة طرقٌ عدَّة من شأنها أن تؤدي إلى التربية الصالحة المتينة أو العكس، ومن هذه الطرق التي تؤتي بنتاج مثمرة، هي التربية بالقدوة؛ فالقدوة عامل في صلاح الولد أو فساده، فإنْ كان المربِّي صادقاً أميناً كريماً نشأ الولد على الصِّدق والأمانة، وإن كان المربِّي فاسداً وكاذباً نشأ الولد على الكذب والفساد.
إنَّ الطفل مهما كان استعداده للخير عظيماً، ومهما كان استيعابه سريعاً، فمن الصُّعوبة أنْ يستجيب للنهج حتى يرى مَن يشرف على تربيته ويقوم على توجيهه محقِّقاً ومطبِّقاً لأصوله ومبادئه.
لذلك بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون للمسلمين على مدار التاريخ القدوة الصالحة للبشرية في كل زمان ومكان، والسراج المنير. ولا زالت الأجيال المسلمة ترى في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الصالحة في العباد والأخلاق والشجاعة والثبات؛ (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)..
فإنَّ رؤية الولد لأُمِّه أو والده وهما يؤدِّيان العبادات المختلفة في موعدها على أكمل وجه، بالإضافة إلى التحلِّي بالأخلاق الحسنة من الالتزام، والاحترام، وغيرها من السلوكيات التي تولِّد سلوكاً مماثلاً؛ ستولِّد رجلاً قائداً في سلوكه وأخلاقه وتصرُّفاته.
إلى كل أمٍّ وأبٍ...
بدون هذه القدوة لا ينفع تأديبٌ وإصلاحٌ مع أولادنا، ولا تؤثِّر بهم موعظة، فاتقوا الله أيُّها المربُّون بأولادكم، وكونوا معهم على مستوىً من المسؤولية لتروا أفلاذ الأكباد شموساً ساطعةً، وأقمار هداية يستضيء أبناء المجتمع بنورهم، ويتحلَّون بمحاسن أخلاقهم وحسن آدابهم، ويصدق عليهم قوله تبارك وتعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهُداهم اقتده).
فلا بدَّ من قدوة صالحة لنجاح التربية، ولا بدَّ من مَثَل أعلى لتصحو النفوس وترنو إليه الأعيُن.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن