كاتبة ومحررة في مجلة إشراقات
اللغة العربية وجهود غير الناطقين بها
كتب بواسطة منال المغربي
التاريخ:
فى : حوارات
2727 مشاهدة
شهادات قِيلت بحقِّ"عصفورة باكستان المغرِّدة" كما يصفها البعض "آسية عارف" التي نشأت على حُبِّ اللغة العربية منذ نعومة أظفارها.. فكانت البذرة التي تعهدها والدها الدكتور عارف صديق بعناية فسقاها ونمَّاها.. حتى أتقنت اللغة العربية وحفظت مئات الأبيات الشعرية، وتجاوزت ذلك إلى تأليف كتب معدَّة للأطفال الرَّاغبين في تعلُّم لغة الضاد لغير الناطقين بها.
وحول تجربته الرائدة بتعليم ابنته اللغة العربية اللغة التي عشقها والإنجازات التي حقَّقها وابنته معاً.. كان لنا هذا اللقاء الماتع معه ثم مع ابنته..
1. حضرة الدكتور الفاضل: لو تقدِّم لقرَّائنا الأكارم نبذة بسيطة عن سيرتكم الذاتية؟
ـ اسمي عارف صديق، وأنا من مدينة راولبندي الباكستانية. ولدتُ في باكستان وترعرعتُ فيها، ودرستُ في مدارسها وجامعاتها، وحصلت على شهادة الدكتوراه من الجامعة الوطنية للغات الحديثة بإسلام آباد. وعملت مدرِّساً ومترجماً وصحفيّاً في مدارس وجامعات وبعثات دبلوماسية ووكالات أنباء لأكثر من 25 سنة داخل باكستان وخارجها. وأعمل حاليّاً محاضراً في قسم الترجمة والترجمة الفورية بكُليَّة اللغة العربية بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد.
2. كيف لمعت برأسكم فكرة تعليم ابنتكم الفاضلة (آسية) اللغة العربية وآدابها؟ وهل من تجارب معيَّنة سابقة استأنستَ بها قبل المُضي قدماً بتعليم (آسية)؟
ـ عندما بلغت ابنتي آسية عارف السنَة من عمرها، حضرتُ محاضرةً ألقاها الدكتور عبد الله الدنان بمدينة الدوحة القطرية في عام 2006م شرح فيها تفاصيل تجربته لتعليم اللغة العربية الفصيحة لابنه الذي أتقن الفصحى والعامية معاً في ثلاث سنوات. من هنا لمعتْ فكرة تعليم آسية هذه اللغة المباركة.
3. لماذا لم يكن الاهتمام بغيرها من اللغات، لا سيما وأنَّ اللغة العربية تُعتبر من اللغات الصعبة لغير الناطقين بها، والاهتمام بها متدنٍّ حتى بين صفوف المثقفين العرب؟
ـ لا أقول: إنَّ اللغة العربية صعبة وباقي لغات العالم سهلة؛ بل أقول: إنَّ تعلم أيِّ لغة من لغات العالم ليس أمراً سهلاً، بل يتطلب جهداً كبيراً. وأمَّا اهتمامي بلُغة الضاد فإنَّه نابع عن حُبِّي لها منذ صغري كونها لغة القرآن ولغة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
4. ما أبرز الخطوات التي اعتمدتها في سبيل تعليم ابنتكم الكريمة آسية اللغة العربية وإتقانها؟
ـ الخطوة الأساسية أو الرئيسية أو البسيطة التي اعتمدتها في هذا الصدد هي التحدث باللغة الفصيحة الصحيحة والمشكولة أمام آسية، وترك لغتي الأم الأوردية كُليّاً.
5. ما أبرز الصعوبات التي واجهتك؟ وكيف تخطَّيتها بفضل الله؟
ـ إن تعلم لغة جديدة أو تعليمها في بيئة غير بيئتها أمر بالغ الصعوبة، وأكبر صعوبة واجهْتُها هي خَلق تلك البيئة المطلوبة. والحمد لله تعالى فعلتُ ذلك ونجحتُ في خَلق هذه البيئة رغم وجود كل الناس داخل البيت وخارجه وفي مدرستها يتحدَّثون باللغة الأورديَّة.
6. كيف كان إقبال آسية على تعلُّم هذه اللغة؟ وهل من ملكات أو مهارات معيَّنة يجب أن تتوفَّر لمَن هُم في مثل سنِّها ليصبحوا قادرين على إتقان هذه اللغة؟
ـ كان إقبال آسية على تعلُّم العربية قويّاً جداً، ولكنني أودُّ أن أقول إنني طبَّقت على آسية تجربةً لتعليم العربية الفصحى منذ الصغر كمشروعٍ تربويٍّ، فهي خضعتْ لهذه التجربة في سنوات الرضاعة يعني في العام الأول من عمرها دون أن تشعر بما يحدث معها. وكانت أمها تكلِّمها بالأردية وأنا بالعربية، والحضانة التي كانت تذهب إليها كان فيها بيئة اللغة الإنجليزية، وهكذا ترعرعتْ وتربَّتْ آسية في بيئة ثلاث لغات معاً. وأعتقد شخصيّاً أنَّ الأطفال الرُّضع وحتى عمر ست أو سبع سنوات لديهم قدرات خارقة، وهذه السنوات الأولى من عمرهم هي أصلاً سنوات تعلُّم اللغات، ويستطيع الأطفال اكتساب حتى ثلاث لغات في آن واحد دون أي ضغط أو عِبءٍ عليهم، ودون تعلُّم قواعد تلك اللغات قبل بلوغهم السادسة من العمر، وما نحتاج إليه فقط هو توفير بيئة تلك اللغات المطلوب تعليمهم إياها.
7. هل من أهداف أخرى تسعى لتحقيقها حالياً على صعيد الاهتمام باللغة العربية وآدابها؟
ـ أعمل حاليّاً _ كما ذكرتُ _ في قسم الترجمة والترجمة الفورية بكُليَّة اللغة العربية بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد، حيث أخدم اللغة العربية مع أساتذة آخرين، ولكنني أطمح أن أعلِّم هذه اللغة المباركة للأطفال الرُّضع، يعني آخذ بعض الأطفال في عمر سنتين ولمدة ساعتين يوميّاً، واجتهد عليهم من سنتين إلى ثلاث سنوات أعلِّمهم خلالها العربية عن طريق الفطرة والممارسة.
8. كلمة توجِّهها لعموم المسلمين، وخصوصاً شبابهم الناطقين بها؛ الذين قلَّ اهتمامهم بلُغة القرآن؟
ـ مكثتُ فترة طويلة من حياتي في دولة قطر، وسافرت إلى عدة دول عربية، ولكنْ مع الأسف الشديد لم أجد بيئة اللغة العربية الفصيحة في أيِّ دولة عربية. فأودُّ أنْ أناشد عموم العرب أطفالاً وشباباً وشيوخاً بأن يُحيوا العربية الفصيحة في حياتهم اليومية، لأنَّ اللهجات العامية قد أبعدتهم كثيراً عن العربية الأصيلة، حتى وصل الأمر إلى حدِّ أنَّ الطلاب العرب يجدون مادة اللغة العربية صعبة جداً، فكيف يفهمون القرآن إذن؛ إذا بقي الحال هكذا؟ ورأيتُ العرب يعقُدون مؤتمرات وندوات حول إحياء اللغة العربية ويكتفون بذلك، ولا يتَّخذون خطوات عمليَّة بهذا الصَّدد.
مع الموهوبة آسية عارف
1. لو تحدِّثينا (آسية) عن علاقتك وحُبك للغة العربية وآدابها؟ كيف تصفينها؟
ـ علاقتي مع اللغة العربية جيدة جدّاً، وأحبُّها حبّاً جمّاً، وستبقى هذه العلاقة وهذا الحُبُّ للعربية طوال حياتي إن شاء الله.
2. كيف أثَّرت اللغة العربية على تحصيلكِ الدراسي؟ وحاليّاً أنتِ في أي مرحلة دراسيَّة؟
ـ أثَّرت العربية كثيراً على دراستي، وقد ساعدتني كثيراً في مواد اللغات مثل التركية والأوردية. وأدرس حالياً في الصف السابع، وسأنتقل إلى الثامن بعد شهرين في إبريل القادم بإذن الله. وأعرف أربع لغات وهي الأردية والبنجابية والعربية والإنجليزية، وأتعلَّم حاليّاً اللغة التركية أيضاً.
3. ما أعزُّ تكريمٍ حصلتِ عليه على قلبك نظراً لجهودك في سعيك لإتقان اللغة العربية؟
ـ لقد تمَّ تكريمي من قِبل جهات عديدة بسبب إتقاني للغة العربية، من أبرزها تكريم من قِبل أبي القنبلة النووية الباكستانية "دكتور عبد القدير خان" الذي منحني ميداليَّة ذهبية، وتكريم آخر من قِبل قائد القوات البحرية الباكستانية لأدميرال "محمد ذكاء الله" الذي منحني عدَّة جوائز، وتكريم مميَّز آخر من قِبل مركز العيسري بسلطنة عُمان الذي أرسل إليَّ ألف دولار مع جوائز قيِّمة أخرى.
4. لو سألناكِ يا آسية عن الخطوات التي تقومين بها لتبقي على صلة دائمة بهذه اللغة؟
ـ أكلِّم أبي دائماً بالعربية الفصيحة في حياتي اليومية، وأشاهد القنوات العربية، وأقرأ الكتب العربية وتفسير القرآن والحديث وغيرها.
5. ونودّ أن نسألك عن الأثر الذي تركتيه بين صفوف زميلاتك وصديقاتك حول اللغة العربية؟
ـ إنَّ زميلاتي في المدرسة يحببنني كثيراً بسبب العربية، وتطلب كثير من البنات في المدرسة بأن أعلمهن العربية، وحاليّاً هناك صديقة لي تصرُّ كثيراً على أنْ أعلِّمها العربية. ولكنني أودُّ أن أذكُر هنا أنني أعقد دورات قصيرة مجانيَّة لتعليم اللغة العربية للفتيات الصغيرات خلال شهر رمضان المبارك منذ الثلاث سنوات الماضية.
6. لو تخبرينا عن أبرز الشهادات التي حصلتِ عليها في مجال اللغة العربية وآدابها؟
ـ حصلتُ على شهادة محادثة اللغة العربية من جامعة العلَّامة إقبال المفتوحة بإسلام آباد في عُمْر سبع سنوات، وأصبحتُ أصغر طالبة جامعيَّة في باكستان. ثمَّ حصلتُ على شهادة الدبلوم المتقدِّم في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد في سن تسع سنوات؛ لأصبح أصغر طالبة باكستانية في جامعة عالمية.
7. أخيراً: ما هي أبرز طموحاتك المستقبلية؟
ـ لقد أَلَّفْتُ كتابَين باللغة العربية للأطفال الصغار أو للمبتدئين في تعلُّم العربية، وأطمح بأن أكتب مزيداً من الكتب، وأعلِّم هذه اللغة للفتيات في باكستان، وأن أفتح المدارس في باكستان، وسأعمل أيضاً في مجال مساعدة الفقراء واليتامى إن شاء الله.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة