داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
للإضاءة على آخر التطورات في الشأن السوري خاصة بعد دخول الثورة السورية عامها السابع.. كان هذا طرفاً من الحوار الذي أجري مع المفكر الإسلامي غازي التوبة الذي أجرته فضائية القناة.
فإلى الحوار:
1. لو بدأنا بالثورة السورية مع دخول عامها السابع ما الذي حققته؟
- صحيح أن الثورة السورية مرت عليها 6 سنوات وهي ثورة آية من آيات الله لأن أجهزة المخابرات التي كانت موجودة في سوريا قبل ذلك والتضليل والضغوطات التي كانت تقوم بها على الناس لا يُتصور أن تقوم ضدها ثورة 1، فكل مواطن كان ينام على كابوس ويصحو على كابوس حتى إن النظام المخابراتي وتعداده 13 جهاز مخابرات يعمل فيها مئات الآلاف من الناس وهي تستنزف الميزانية السورية فهذه الثورة خلال حكم 50 سنة للبعث و40 سنة من حكم الأسد الذي أذلّ الناس وأفقرهم حتى نفسياتهم غيّرها الاستبداد وجعلها ذليلة، وبفضل الله ثم الإسلام العظيم الذي يعيش في قلوب شعبنا السوري والأمة بشكل عام هو الذي جعل هذا الشعب ينهض بعد 40 سنة من الضغط والقتل والإرهاب والتخويف والتجويع وقام بثورة عظيمة كلما ظنّ البعض أنها ستنتهي التهبت مرة أخرى لمدة 6 سنوات إلى الآن وقدّمت الكثير من الشهداء والجرحى والمهجر
2. لماذا كل هذا التآمر العالمي على الشعب السوري؟
- التآمر جانب إجرامي من النظام الدولي الذي هو أيضاً نظام إجرامي يقوم على دول قوية تفرض سياساتها وما تريد أن تصل إليه ، وسوريا كان حيّز الإجرام فيها أكبر من غيرها.
- الطائفة العلوية هي الحاكمة وهي طائفة حبيبة إلى إسرائيل وإلى الغرب وقريبة لهما خاصة "بشار" ومن حوله.. هذا التماهي مع إسرائيل وخدمتها فمن المعلوم أنه منذ عام 1967 إلى الآن لم تُطلق رصاصة واحدة من جهة الجولان إلى إسرائيل في وقت كانت وما زالت تشتعل فيها كل الجبهات: الأردن، لبنان، غزة، مصر؛ فكل الجبهات كانت تشتعل إلا جبهة الجولان وهذا ما جعل نظام الأسد ومن معه نظاماً حبيباً.. وأيضاً كونها على حدود مجاورة لإسرائيل، فنظام زين العابدين في تونس أزيح بسرعة ونظام القذافي أيضاً كونهما ليسا على حدود مباشرة مع إسرائيل كما سوريا بالإضافة إلى أن التشكيل الطائفي في سوريا حيث يوجد أعراق وطوائف عديدة كل هذه العوامل مجتمعة عقّدت الوضع وجعلت الإجرام في سوريا أكثر من غيره ونتيجة لذلك لم نحصل على ثمرة سريعة. فالنظام انتهى منذ عام 2012 حيث كان متهاوياً فانتهى الجيش ومؤسساته، ولكن عندما تدخلت إيران من جهة وأدخلت حزب الله ثم أدخلت روسيا كل هذه العوامل أمدّت النظام بالحياة والقوة ولكن نستطيع القول إن النظام انتهى وأصبح ألعوبة بيد غيره إيران من جهة وروسيا من جهة، ولا ننسى تخلي الأصدقاء عن سوريا فالثورة ليس لديها أصدقاء بل أعداء بينما نظام بشار له أصدقاء يمدونه بالمال والبترول والمخابرات.. فالثورة لا أصدقاء لها تعتمد على نفسها 100% وما يُعطى لها فتات في المجالات العسكرية وغيرها.. فحتى الآن لم تُزود بسلاح يواجه الطائرات والدبابات بالتالي الدعم الذي يأتي للخصم أكثر مما يأتي للثورة.. هذه العوامل التي جعلت الوضع معقّداً بالنسبة للثورة السورية.
3. هل الثورة ماتت وعلى الثوار أن يسلموا أسلحتهم؟ وهل تؤكد الانتفاضات التي يقوم بها الثوار على أنّ الثورة مستمرة أم أنها تحركات لا أهمية لها؟
- الثورة مستمرة ولن تقف مهما كانت النتائج، فالنظام قد يكسب بعض المساحات والمدن ولكن المعركة بيننا وبين النظام هي معركة كرّ وفرّ، فقرار الاستمرار بالنسبة للثوار لإسقاط نظام بشار ومن معه للأبد مؤكد، وواضح أن شعبنا مصرّ عليه فالقرار بيد الجماهير طالما أن الناس ما زالت تضحي، فحتى الآن عدد الشهداء قارب المليون شهيد غير الجرحى والمهجرين والمعوقين والمصابين، وما دام هناك ناس تقدّم وتضحي فالثورة مستمرة طالما أنّ هناك شعباً ذاق طعم الحرية والانطلاق وطعم التخلص من الاستبداد من فترة 40 سنة التي حكم فيها بشار ووالده سوريا.. فمنذ عام 9641 منذ أن وصل حزب البعث إلى الحكم كان واضحاً في موقفه تجاه الدين الإسلامي ولطبقة العلماء والمشايخ والتدين بشكل عام فحاول استئصالهم فقامت ثورة حماة ثم ثورة الأموي وغيرها من الثورات التي لم
تتوقف طيلة 40 عاماً حتى في الثمانينات حين كانت محاولة اغتيال حافظ الأسد ثم سلسلة طويلة من التحركات.. فشعبنا لم يهدأ في سوريا.. فهناك مجموعة من التراكمات استمرت فالثائرون والمنتفضون والمتمردون على النظام السوري منذ أن قام حزب البعث بالاستيلاء على الحكم إلى اندلاع الثورة السورية عام 2011 عندما قامت ثورات الربيع العربي فالأمور لم تهدأ في سوريا بالتالي أتيح للشعب السوري أن يتحرك بأكمله فبالتالي قد نتقدّم في زقاق أو مكان أو مدينة أو نتراجع منها ولكن قرار الاستمرارية في الثورة حتى يسقط النظام ونستبدل به نظاماً آخر، هذا واضح أن شعبنا مصمم عليه.
والضريبة كانت وما زالت باهظة جداً؛ فالأمة التي لا تقتل أعداءها ولا ظالميها ولا سارقيها ولا مجرميها هي أمة ميتة، الحياة هي أن تقتل من يعتدي عليك ومن يظلمك ومن يجعل الفجور أصلاً في حياتك.. فأمتنا أمة ذات قيم وهدفها أن يكون المسلم عزيزاً.. فسوريا لم تكن عامرة.. صحيح أنه كان هناك عمران في الشوارع والمباني ولكن النفوس كانت ذليلة.. وما يجري الآن فيه إحياء للنفوس.. فإعمار النفوس يكون بأن يشعر كل إنسان أنه عزيز وأن ينال حريته وأن يشارك في النواحي السياسية والاجتماعية وفي العمل الجماعي إلخ.. فالنفوس إذا لم تكن من الداخل عامرة ممتلئة بالعز والكرامة والفخر والاستعلاء وبقيم العفة والعفاف والفضيلة فلا يكون العدل قائماً 2 بين الناس.. وهذا لم يكن موجوداً سابقاً حين كانت هذه القيم مفقودة وكانت الرذيلة هي السائدة وكان هناك ظلم وسرقات واستغلال للناس... فالثورة قامت لأجل بناء إنسان سوي يأخذ مكانه في السياسة والاجتماع والحرية والاقتصاد، هذه هي الحياة وغيرها هو الخراب.
4. تفرق الصف الثوري والجهود القائمة منذ سنوات لتوحيده حول عناوين مشتركة إلى أين وصلت اليوم مع استمرار هذه المعركة حامية الوطيس؟
- الفرقة عذاب كما قال الرسول (ص) والالتقاء على المشتركات يجب أن يكون أصلاً من أصول الحياة السياسية وهذه الخلافات طبيعية ولكن يجب أن تزول لقول الرسول (ص): الفرقة عذاب.. ويد الله مع الجماعة، وأعتقد أن هناك جهوداً حثيثة وخاصة من قبل العلماء الذي يقومون بجهد طيب في هذا المجال.. فكما جمعوا سوريا على مبادىء خمسة في المجال السياسي حيث صدرت وثيقة بادر إليها المجلس الإسلامي السوري وجمع 40 مؤسسة علمائية على مستوى سوريا وتوصل إلى مبادىء خمسة سميت (وثيقة المبادىء الخمسة وتضمنت: إسقاط بشار - عدم تقسيم سوريا - عدم وجود حكم طائفي - إيجاد نظام سياسي فيه عدل..
وهذه المبادىء اجتمع عليها كل سياسيّي وعلماء وفصائل سوريا ويجب أن نقوم بهذا الأمر في المجال العسكري أيضاً فهناك جهود حثيثة في هذا المجال إن شاء الله تتكلل بالنجاح وليس ما كل يعرف يُقال في هذا الصدد.
في الختام نقف وقفة شموخ وافتخار لتضحيات وبطولات شعبنا في سوريا ونترحم على الشهداء ونسأل الله أن يُعلي منزلتهم.. وندعو بسرعة الشفاء للجرحى والمصابين.. ونسأل الله أن ينصر الشعب السوري وأن يلم شعث المتفرقين ويُنهي هذه الثورة العظيمة بالنصر.
* مستفاد من مقابلة أجريت مع د. غازي التوبة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة