أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
علِّميها...
يعلم الله أني تخيَّلتكِ قبل أن يتخيَّلكِ ولدي ورضيتكِ قبله، وأحببتكِ قبل أن يحبكِ.. ويعلم ربي كذلك أني اعتبرتكِ ابنتي، وعددت الأيام تنازلياً لأفرح بوجودكِ مع ولدي زوجة ومؤنساً، وتخيَّلتُ تلك المودَّة والرَّحمة التي ستظلِّل حياتكما، وسألتُ الله لكما الخير كله عاجله وآجله.
ربَّيتُ ولدي من أجلك، من أجل أن يكون لكما الأبناء الصالحون والبنات الصالحات، وعلَّمته من أجلكِ، ووجَّهته ونصحته وتحمَّلتُ أذاه غير المقصود والمقصود في طفولته ومراهقته وشبابه من أجلكِ، ليكون زوجاً صالحاً ناجحاً متفوقاً في كل النواحي، هذَّبته ورتَّبتُ أخلاقه ليكون كما يحب الله ويرضى، وإنْ كان كذلك فأنتِ أهم المستفيدين المتمتِّعين..
ثم ماذا يا زوجة ولدي؟
ثم ظننتِ أنه يجب أن يحبكِ وحدك ويكرمكِ وحدك ويعطيكِ وحدك، بل ربَّما حاولتِ بالتلميح والتصريح أنْ تبعديه عن والديه وعائلته! ونسيتِ أنَّ مَن لا خير فيه لأبويه فلا خير فيه لكِ! نسيتِ أنكِ محاسبة ومؤاخذة وأنَّ الحياة سَلفٌ ودَين.. نعم ستكبرين ويكبر أبناؤك، ويميلون لزوجاتهم ويتركونك تجترِّين آلام العقوق والهجر، وترتجين البرَّ من أحدهم ولا من مجيب!
عندما أصبحتِ واقعاً وليس خيالاً، صدَمَتني بشاعة تربيتكِ وفساد خلقكِ، وتمنيتُ لو أنكِ بقيتِ خيالاً ووهماً في رأسي الذي حلم حلماً أكبر منه، أو ليتكِ لم تتزوجي ولدي، بل وتمنيتُ لو أنه طلقكِ، لستُ أفتري عليكِ بما تمنيت، بل لأني درستُ الوضع فوجدتُ أنَّ وجودكِ في حياة ولدي خسارة ومشاكل وتعاسة مستمرة ومستمرة ومستمرة...
أيَّتها الأمهات.. أين مسؤوليّاتكُنّ؟ أين تربيتكنّ للبنات؟ أين تهيئتهنّ لبيت الزوجيّة؟ هل علمتموهنّ احترام الكبير أيَّ كبير؟ هل علمتموهنّ احترام الزوج وتقديره وعدم التطاول عليه؟
علِّميها الطبخ وأعمال المنزل، وعلِّميها أنَّ العلاقة الزوجية مقدَّسة.. علِّميها أنَّ زوجها هذا: له أمٌّ تعبتْ وأبٌ عانى، وإخوة يحبونه وربما ساعدوا في تربيته وتعليمه، ولهم جميعاً عليه حقوق كما لها حقوق، علِّميها أنَّ أمَّ زوجها أمٌّ لها تحبها وتفرح عندما تراها تهتمُّ بزوجها وأبنائها، علِّميها أن تتحدَّث بصَوت منخفض لطيف، وأنَّ مواساة زوجها والسؤال عن عائلته والوقوف معهم في مناسباتهم واجب يقدِّمه كريم الأصل، وأخبريها أنَّ إحسانها لزوجها وعائلته علامة برٍّ لمن ربَّاها، وعوديها على الكلمة الطيِّبة لأنها صدقة، والهديَّة تجلب المحبة.. علِّميها كذلك أن الحياة الزوجية ليست خروجاً وسفراً ومطاعم أبداً، بل هي استقرار وسَكن ومودة ورحمة وصبر وتنازلات _ تقدِّمها أحياناً _ ومساعدة وتربية أبناء وحُبٌّ وصدق مشاعر وحسن خلق.
خلال أسبوع واحد فقط سمعتُ أنَّ أمّاً قاطعها ولدها بسبب زوجته، وأخرى طلبت الطلاق لأنَّ أمَّه قالت لها مرَّة: البسي هذا أجمل عليكِ؛ معتبرة أنَّ هذا تدخّلٌ، وثالثة خربت عليها والدتها حياتها بالتحريض والتخبيب، ورابعة لأن زوجها طلب منها ترك الوظيفة والاهتمام ببنتَيه.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة