منطقة نظيفة من إيران في سوريا!!
تعبير «نظيفة» من إيران، هو لمحلل الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية (تسفي برئيل). والمنطقة المذكورة هي في الجنوب السوري، ولم يتم تحديد مساحتها بالضبط، لكن الصهاينة يتحدثون عن عمق 30 كيلو متراً.
المثير في القصة أن الإعلان العملي عن الاتفاق، جاء عملياً بعد لقاء بوتن وترمب في هامبورغ، ولك أن تتخيل ما معنى أن تتصدر مسألة سوريا محادثات زعيم أكبر دولة في العالم، وزعيم الدولة الصاعدة التي تسعى لمنافسة نفوذ الأولى، وما معنى أن يتفق الطرفان على خطة للجنوب السوري، تأخذ في الاعتبار مصالح الكيان الصهيوني قبل أي أحد آخر (بوتن يخشى التورط الطويل، وعلاقته بنتنياهو حميمة)، فيما يكتفي مسؤول سوري يرفض ذكر اسمه بوصف موقف نظام بالقول: «السكوت علامة الرضا»!!
تفاصيل الخطة، ومستقبلها ليست هي ما يعنينا في هذه السطور، بل جوهرها ممثلاً في أن يغدو لأميركا دور في جنوب سوريا، إضافة إلى دور كبير مع الأكراد في الشمال، هي التي لم يكن لها أي وجود في سوريا قبل ذلك.
ما يعنينا هو قراءة حصاد التدخل الإيراني في سوريا بعد هذه السنوات، وهو التدخل الذي تم تحت شعار المقاومة والممانعة، أي الصراع مع الكيان الصهيوني، وأميركا بطبيعة الحال.
في سوريا، خسرت إيران الغالبية الساحقة من المسلمين، وصارت عدواً لدوداً بالنسبة إليهم، ومن يخسر ملياراً ونصف المليار من المسلمين لن يكون رابحاً بأي حال، لا سيما أنها ليست غالبية هامشية، بل لها تراث في مقاومة الغزاة والمحتلين على مدار القرون.
فوق ذلك قتلت إيران وهجرت ملايين السوريين. ونقول قتلت وهجرت، لأنه من دون تدخلها ما كان الوضع ليصل إلى ما وصل إليه، بل ربما كانت التسوية ممكنة حتى قبل رفع الناس السلاح، أو بعد ذلك بقليل قبل ظهور الجماعات الجهادية الذي أراده النظام وإيران لترويج قصة الإرهاب، بدليل إخراج معتقليها من السجون بعد تسعة شهور من بداية الثورة.
عشرات المليارات دفعتها إيران في سوريا، واستنزفت اقتصادها، وبعد ذلك آلاف القتلى وأضعافهم من الجرحى، وإن تكن غالبيتهم من الشيعة العرب، وغير الإيرانيين، ونتذكر أن اتفاق النووي لم يأت إلا بسبب ذلك النزيف، وهو كان معروضاً على طهران قبل ذلك بسنوات.
في الداخل، خسر المحافظون جولات انتخابية، بعد أن رأى الشعب معاركهم الخاسرة التي تستنزف ثرواته في الخارج، فيما هو يعاني في الداخل، وتصل نسب إدمان المخدرات بين شبابه أعلى النسب في العالم أجمع.
بعد ذلك جاؤوا بروسيا، ومن يستدعي قوة كبرى، فقد قبل بوصايتها والاتفاق الروسي الأميركي دليل على ذلك، ونتيجة التدخل، حضر الأميركان، وصارت لهم كلمتهم أيضاً، لكن الصهاينة كانوا أكبر الرابحين، ليس بالاتفاق الجديد فحسب، بل بصراع استنزف جميع أعدائهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان خامنئي بحاجة لذلك كله؟ ألم يكن بوسعه أن يجد مساراً آخر لتسوية في سوريا يقبلها الشعب، وتغير من طبيعة النظام الطائفي الأمني، ويصبح صديقاً للشعب السوري؟ كان ذلك ممكناً بكل تأكيد، لكن الجنون الطائفي، وأحلام التمدد واستعادة ثارات التاريخ، وقبل ذلك كله غرور القوة، تودي بصاحبها المهالك.
قلت منذ سنوات: سيتذكر قادة إيران أن قرارهم بالتدخل العسكري في سوريا هو أسوأ قرار اتخذوه من الثورة، وما زلت عند رأيي.
المصدر : العرب القطرية
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة