أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
منه إليه
ربما لن نختلف على أنَّا ضِعاف، مستباحة دماؤنا وأعراضنا، ومنهوبة ثرواتنا، ونحن المقَسَّمون والمنقسمون، والمحاصرون والمجوَّعون والمشردون واللاجئون والعاطلون، والعنصريون (فقد جعلنا ميزان التفاضل بيننا للعائلة والمدينة والقبيلة وكل شيء؛ إلا التقوى والصلاح).
مؤسفٌ مبكٍ حالنا، مثير للشفقة والاشمئزاز معاً، مشاكلنا تبدو مستعصية الحل، وكُرباتنا ضخمة وعظيمة..
عندما شاهدتُ صفوفاً وأعداداً هائلة من الفارِّين من ويلات الحروب وقسوة الظلم، أضاءت في رأسي الآية العظيمة (ففرُّوا إلى الله)... نعم، فرُّوا إلى الله أيُّها المظلومون، وتقربوا إليه، وادعوه، واسألوه التفريج والنصر والتمكين.
أيُّها الناس، عصيتم الله وما زلتم؟ تشعرون بالندم والخوف من عقابه؟ إذن فرُّوا واهربوا منه إليه سبحانه.
ديونكم وهمومكم كثيرةٌ وليس لها حل؟ اهربوا إلى الله يا مساكين!
مشاكلكم مع الزوجات والأزواج والأبناء تنغص عيشكم وتعجزكم؟ أيضاً فرُّوا إلى الله!
فالله القوي القادر عنده حل المشاكل وتفريج الكُربات والشفاء والعطاء والحماية والأمان والطمأنينة والرحمة، وعنده الرزق والثواب والجنة.
نفرُّ من المعاصي ونهرب إلى الطاعات بكلِّ أصنافها.
نفرُّ من أنفسنا وهواها ومن وساوس الشياطين _ إِنسهم وجِنهم _ إلى ما يُرضي ربنا.
من الغربة _ التي نجدها حتى ونحن وسط أهلنا _ إلى الله؛ الذي لن نجد الأُنس إلَّا بالقرب منه.
من الغفلة إلى اليقظة.
من العجز إلى القدرة... من الجهل إلى العلم... من الكسل إلى الجِدِّ والعمل.
الفرار إلى الله هو الهروب من كل شيء إلى خالق كل شيء.. أي هروب من الدنيا إلى الجنة.
هيّا نفرُّ إلى الله قبل أن يأتي يوم يقول فيه أحدنا: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، ويومها لن نقدم ولن نؤخر.. فقد انتهى وقت الفرار.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة