عبد العزيز الرنتيسي.. سيرة جهاد
ولد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23/10/1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا). لجأت أسرته بعد حرب 1948 إلى قطاع غزة واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين وكان عمره وقتها ستة شهور. نشأ الرنتيسي بين تسعة إخوة وأختين.، وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقاً درجة الماجستير في طب الأطفال
الطبيب الإنسان
بدأ الدكتور الرنتيسي العمل في مجال الطب عام 1972؛ حيث عمل طبيبا مقيما في مستشفى "ناصر" المركز الطبي الرئيسي في خانيونس عام 1976 كما شغل عدة مواقع في العمل العام منها عضوية هيئة إدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني وعمل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرًا يدرس مساقات في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
وكان من عادته أن يجوب البادية على قدميه لمساعدة وعلاج الأطفال من الفقراء مجانا وبعد رفضه دفع الضرائب والمكوس عن عيادته الخاصة للكيان الصهيوني منع من ممارسة الطب بعدها إلى الأبد
سياسي ومجاهد
أثناء الانتفاضة الأولي تم اتخاذ ذلك قرار التاريخي في ليلة التاسع من ديسمبر 1987، وتقرر الإعلان عن "حركة المقاومة الإسلامية" كعنوان لعمل الانتفاضة الذي يمثل الحركة الإسلامية في فلسطين وصدر البيان الأول موقعا بـ"ح.م.س".
هذا البيان التاريخي الذي أعلن بداية الانتفاضة والذي كتب لها أن تغير وجه التاريخ، وبدأت الانتفاضة وانطلقت من المساجد، واستجاب الناس، وبدأ الشعب الفلسطيني مرحلة من أفضل مراحل جهاده.
وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، رحمه الله، اختير الرنتيسي قائدًا لحركة حماس في غزة، في 23/3/2004 فقد كان مجمعًا عليه.
شهيدًا لا يخاف
أصر الرنتيسي رغم تحذير مرافقيه وأسرته وتحديدًا زوجته على العودة إلى بيته في حي النصر الذي تركه نهائيًّا قبل عدة أشهر، بعد أن أدرك أنه على رأس قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال، لم يستطع الرنتيسي مقاومة الإغراء وضرب بكل هذه التحذيرات عرض الحائط عندما علم أن بناته وأحفاده قد قدموا لزيارة بيت العائلة، ظل الرنتيسي منذ أذان صلاة العصر وحتى قبيل أذان العشاء جالسًا بين بناته ونجليه محمد وأحمد، بينما كان بعض الأحفاد يتناوبون في الاعتلاء على كتفه، كان اللقاء مناسبة لكي يطمئن الوالد على أخبار بناته اللواتي مضت عدة أسابيع على آخر لقاء بينه وبينهن، خلال اللقاء منع الجد إحدى بناته من توبيخ أحد أبنائها بعد أن خلع نظارة جده الطبية وأخذ يعبث بها.
وأكثر ما تركز عليه الحديث في اللقاء كان ترتيبات زواج النجل الأكبر محمد، الذي عقد قرانه على فتاة من عائلة غزية قبل أسبوعين فقط، بعيد أذان المغرب رن جرس الهاتف وكان على الطرف الثاني مرافقه أكرم نصار الذي استحثه على مغادرة المنزل، فأخبره الرنتيسي أنه سيؤدي صلاة المغرب جماعة مع نجليه وبناته، ثم يغادر.
كان من المفترض أن ينقل الرنتيسي في سيارة السوبارو البيضاء التي كان يتحرك بها مؤخرًا، لكن نجله الأصغر أحمد تدخل في هذه الأثناء وأصر على أن يستخدم أكثر من سيارة بغرض التمويه وإرباك وسائل الرصد الإلكترونية التي تستخدمها المخابرات الإسرائيلية في تعقب والده، رغم عدم وجود طائرات استطلاع إسرائيلية تلك الأثناء في أجواء المدينة.
موت هادئ
وصل الدكتور الرنتيسي إلى منزله في الساعة الثالثة قبل فجر يوم السبت 17/4/2004 في سرية تامة بعد أسبوع من الغياب لم يرى فيه أسرته.
كان من المعتاد أن يأتي إلى المنزل بعد منتصف الليل ويغادر قبل الفجر وقضى ما بقي من هذه الليلة يتحدث مع العائلة المشتاقة إليه والتي لا تراه إلا قليلاً.
جلس يتحدث عن زواج ابنه أحمد الذي أصيب خلال محاولة الاغتيال الأولى وذلك بعد أن حصل على مدخراته من الجامعة الإسلامية التي كان يحاضر فيها وقد سدد ما عليه من ديون واقتطع مبلغا من المال لزواج أحمد وقال "الآن أقابل ربي نظيفا لا ليّ ولا عليّ".
استيقظ الرنتيسي صقر فلسطين واغتسل وتعطر وانطلق لسانه ينشد على غير عادته نشيدًا إسلاميًّا مطلعه "أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى".
وقبل أذان العشاء بقليل خرج الرنتيسي برفقة ابنه أحمد الذي كان يقود السيارة ذات النوافذ المعتمة متنكرا بلباس معين وأوصله إلى مكان محدد في مدينة غزة وبعد دقائق وصلت إلى ذلك المكان سيارة يقودها "أحمد الغرة" ومعه "أكرم نصار" وبهدوء انتقل الرنتيسي من سيارة نجله إلى السيارة الأخرى التي انطلقت بسرعة، لكن صاروخين من طائرات الأباتشي الأمريكية الصنع كانا أسرع من الجميع وصعدت الأرواح الطاهرة إلى بارئها، لتستقر في حواصل طيور خضر، ترتع في الفراديس العلى بفضل الله وكرمه.
وداع القائد
شارك أكثر من نصف مليون فلسطيني في تشييع الشهيد الرنتيسي ومرافقيه اللذين استشهدا معه يوم الأحد 18/4/2004 في غزة وحدها.
وانطلق الموكب الحزين الثائر من مستشفى الشفاء في غزة، يتقدمه عدد من قادة حماس وقيادات الفصائل الفلسطينية الأخرى، وآلاف المسلحين، في عروض عسكرية كبيرة وتوجه الموكب إلى منزل الشهيد لإلقاء النظرة الأخيرة عليه ثم تابع إلى المسجد العمري الكبير من أجل الصلاة عليه.
واكتظت الشوارع التي مر فيها الموكب بالمواطنين والتحمت المسيرات بعضها ببعض، مشكلة أمواجًا بشرية ضخمة، وأدى أكثر الناس صلاة الجنازة في الشوارع المزدحمة.
شارك في تشييعه ومرافقيه اللذين استشهدا معه أكثر من نصف مليون فلسطيني يوم الأحد 18 ابريل 2004 في غزة وحدها. انطلق الموكب من مستشفى الشفاء في غزة، يتقدمه عدد من قادة حماس وقيادات الفصائل الفلسطينية الأخرى وآلاف المسلحين، في عروض عسكرية كبيرة، وتوجه الموكب إلى منزل الشهيد لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، ثم تابع إلى المسجد العمري الكبير، من أجل الصلاة عليه، وأدى أكثر الناس صلاة الجنازة في الشوارع المزدحمة. وانطلقت في بيروت مسيرة عفوية حاشدة، شارك فيها طلاب وطالبات وقامت مظاهرات حاشدة في سائر الدول العربية والإسلامية والأجنبية؛ تنديدًا بإقدام إسرائيل على اغتياله وطالب المحتجون الحكومات العربية بسحب الدبلوماسيين العرب من إسرائيل، وطرد سفراء إسرائيل من الدول العربية ووقف كل أشكال التطبيع معها
المصدر : قناة دعوة
الكلمات الدالة : عبد العزيز الرنتيسي جهاد قطاع غزة أباتشي يهود الكيان الصهيوني مرج الزهور إبعاد حماس أحمد ياسين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة