أثر حفظ القرآن على الدماغ

يعتبر القرآن علم خاص بذاته، فلا يسمح بتلاوة القرآن الا ضمن شروط صوتية ولفظية صارمة ويسمى علم تلاوة القرآن أو علم التجويد.

واول شيء على الطالب فعله هو ترديد ما يقوله المعلم بدقة شديدة والتي تتطلب اخراج الحروف من الفم والحلق واللسان بشكل دقيق، بعدها يقوم  الطالب بكتابة الآيات التي حفظها على لوح او دفتر بحسب المصحف العثماني والتي تتبع نمطا خاصا من الكتابة يختلف قليلا عن كتابة اللغة العربية العادية.

بعدها يعود الطالب الى بيته ليحفظ ويكرر هذه الآيات التي حفظها وعليها تكرارها مرات عديدة  كما هي مكتوبة عنده.

وفي اليوم التالي يذهب الطالب لتسميع ما حفظه امام استاذه والذي سيقوم بالتسميع له وتوجيهه للتلاوة الصحيحة الدقيقة  ثم تحفيظه آيات جديدة,

وفي اليوم  الثالث يسمع الطالب ما حفظه في اليوم الأول واليوم الثاني ليتقنه اتقانا كاملا ثم ينتقل الى آيات جديدة وهكذا.

في اليوم الرابع لا يتم تسميع الحفظ الأول بل يتم تسميع الثاني والثالث والرابع وهكذا .. وفي نهاية الاسبوع يتم تسميع كامل ما حفظه خلال الاسبوع.

ومع مرور الأيام تزداد قدرة الطالب على الحفظ فبدلا من حفظ آيات محدودة يبدأ الطالب بحفظ صفحات وتستمر المراجعة والكتابة وهكذا.

وفي النهاية يتم حفظ القرآن كاملا والذي يحتوي على 6236 آية كريمة باتقان كامل، وبعدها على الطالب مراجعة القرآن كاملا شهريا بمعدل جزء واحد يوميا.

ومن الجدير بالذكر ان للقرآن عشر تلاوات مختلفة يمكن للطالب النشيط ان يتقنها ايضا بجهد اضافي.

ومن المعلوم ان نغمات كلمات القرآن ولحنها يتغير بحسب الكلمات والآيات بشكل رائع يدخل السرور الى السامع، ومن المفترض ان يقوم قاريء القرآن بالتغني به ولا يقرأه قراءة عادية وهذا الأمر يتعلمه الطالب من استاذه تلقائيا.

وعلى الطالب ان يتقن حركات الكلمات بدقة متناهية حيث ان تغير الحركة قد يغير المعنى تماما.

كيف يؤثر حفظ القرآن على الدماغ؟

معلوم  ان الدماغ عضو متفاعل يمكنه التكيف واستيعاب المعلومات التي تآتيه بطريقة رائعة وهذا الاثر يفسر كيف برع علماء الاسلام في العلوم كلها.

بينما يتعلم الطالب القرآن ويبذل انتباها كبيرا لاستاذه وكيفة نطق الكلمات فإن ذلك يحفز منطقة temporal lobe وهي المنطقة القريبة من hippocampus والتي تعتبر منطقة تعزيز الذاكرة، وهي نفس المنطقة التي يتم تنشيطها خلال الاستماع الى الموسيقى وهي نفس المنطقة التي لها علاقة بكتابة الكلمات، وهي المنطقة المسؤولة عن اهلية الشخص لتعلم مهارات جديدة، وبمقدار ما يكون تحفيز هذه المنطقة بمقدار ما تزداد قدرة الانسان على الحفظ والتعلم وقوة الذاكرة.

كما ان parietal lobes  لها دور اندماجي بكل هذه النشاطات العقلية وهي المنطقة التي تتعامل مع القراءة والكتابة والكلام وهي المنطقة المسؤولة عن حل المعادلات الرياضية والمنطق، وهي المنطقة المسؤولة عن التغني واللحن حين يقرأ القرآن وهي المسوؤلة عن الابصار الفراغي وفهم تعابير الوجه.

والجزء الامامي من هذا الفص هو المسؤول عن تمييز كتابة النص ومعرفته والذي ينشط خلال الكتابة اليدوية، بينما الجزء الخلفي من هذا الفص مسؤول عن الانتباه. وكلا الفصين لهما دور في عملية التعلم بشكل عام، وباختصار فإن تنشيط هذين الفصين من خلال حفظ القرآن له دور في تقوية المنطق وحل المشكلات الرياضية وتحسين طلاقة اللسان وقدرة  اكبر على قراءة تعابير الوجه ودلالاتها وتحسين الانتباه وزيادة قدرة فهم الابصار الفراغي والفراسة.

وهذه الامور تفسر لنا كيف برع علماء الاسلام في الفلك والرياضيات 

كما تبين ان حفظ القرآن ينشط الفص الامامي للدماغ والتي لها مهام متطورة جدا في الانسان منها استرجاع المعلومات واستخدامها وانتقاء الكلام والتفكير والانتباه المستمر والتخطيط والعلاقات الاجتماعية وغيرها الكثير.

كما ان القرآن بما فيه من قصص الغابرين وقصص الانبياء والصالحين، والاحداث التاريخية المختلفة ينشط الفص الخلفي المسؤول عن تخيل الاحداث وفيه ايضا مركز الابصار مما يجعل حافظ القرآن اقدر على تخيل الاحداث والوقائع وأخذ العبرة منها.

اذن لا عجب ان استطاع هذا الطالب الصغير بعد  اتقانه لحفظ وتلاوة القرآن ان يكون مبدعا في كل علم يتعلمه فتحصل البركة في عمره، وخلال وقت قصير يمكنه فهم وتطوير ما تعلم،  وتأليف المؤلفات الجديدة بأفكار تبعد العلم عن الهوى ومسالك الانحراف. ولا عجب ان نجد عالما مثل الامام ابو حامد الغزالي يتقن الفلسفة اليونانية خلال عامين فقط، مع العلم بأنه  درسها خلال وقت فراغه المحدود.

إن سر الابداع العلمي بشتى فروعه والذي قفز قفزات عجيبة خلال القرون التي سادت فيها الحضارة الاسلامية كان نواتها بلا شك هو القرآن.

مترجم من موقع islamcity