هل أنت داخل في دعوة عمر؟
إن عمر الفاروق رضي الله عنه أنموذجاً لن يتكرر، وشخصية لن تعود، وإنسان فريد ورجل أعجوبة، إنه تربية محمد صلى الله عليه وسلم، إنه من شهد نزول الوحي بل أنزل الوحي تأييدا لرأيه في مواقف كثيرة ومواطن عديدة، إنه من رأى النبي وكلمه وصاحبه وأحبه، وأحبه النبي وبشره وختم حياته بأعظم خاتمة وخير تاج على الرؤوس الشهادة في سبيل الله. أنا هنا لست متحدثاً عن سيرة عمر ولا عن مناقبه ولا عجائبه التي يطول ويطول الحديث عنها ولكني سأتحدث عن كلمة صدرت منه بل دعوة مباركة منه لعلي ولعل كل محب لعمر صادق في محبته أن يأخذ بها وأن يترك عنه التعصبات واتباع الهوى والانقياد للبشر والاستسلام للظروف السلبية المحيطة، لعلي وكل محب لعمر أن يفوز بدعوة عمر وأن يجعل نبراسه ومنهجه ما دعاه إليه عمر فعلى الجميع التقبل والاتباع لعمر ولمنهج عمر عليه رضوان الله، فماذا قال عمر كي نجعلها نبراسنا ونستجيب لمن دعانا لها وأسداها إلينا؟ قال رضي الله عنه كلمته الشهيرة والمخاطب بها عموم الأمة وفي مقدمتهم النخب والقادة والعلماء والأمراء والحكام والزعماء وكل مسلم ذكراً أم أنثى. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا". وقال له رجل يوماً في غلظة وفضاضة: اتق الله يا عمر! فلما قال له أحدهم: اسكت، أتقول هذا لأمير المؤمنين؟! فماذا كان جواب عمر؟ قال رضي الله عنه: "دعوه، لا خير فيهم إن لم يقولوها لنا ولا خير فينا إن لم نقبلها منهم". كم هم البعيدون عن الخير كما قال عمر، فهم لا يقولونها ولا يقبلونها، إنهم الصغار والحمقى حقيقة مهما كبروا إعلامياً أو مجتمعياً فعند الله تبلى السرائر ويعلم مافي الضمائر. أي مثقف وأي حاكم وأي إنسان وأي شخصية تلكم الشخصية التي تضيق بالنقد البناء وترفضه؟! هل يساوون شيئاً في عمر في الدين أو الدنيا؟ أما الدين فأفضل الناس بعد الأنبياء وأبي بكر وأما الدنيا فقد فتحها ودانت له شرقاً وغرباً ولكنهم الكبار حقيقة ليس كمن لا يعدل في عمر شيء ثم يظن أنه سيد العرب والعجم وأنه سيد في الدنيا والآخرة، وأنه رحمة الله على هذه الأمة وبركته. يا إنسان لا تضق ذرعاً بالنقد ولا ترفضه بل افرح به واشكر مسديه وانظر في النقد وانظر في نفسك فإن كان حقاً فخذ به ولا تأخذك العزة بالإثم وإن كان غير ذلك فأمرّه كما جاء مع الامتنان لمسديه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق مطلق وكفار قريش على باطل مطلق وكان يسمع منهم ويحاورهم ويطرح عليهم ما عنده ليقنعهم به، عجباً من أقوام منهجهم هو منهج بوش رئيس الولايات المتحدة السابق: من ليس معي فهو ضدي. الكثير من الناس بل البعض ممن يقال لهم نُخب كذباً وزوراً منذ أن تنقده أو تنقد مؤسسته أو فعله أو أي شيء فقد دققت طبول الحروب بينك وبينه وقد أظهرت عداوته وقد كدت له وقد مكرت به وقد حولت صداقتكما عداوة وحبكما بغضاً وإلفكما فرقة وبعدا هذا كله بسبب أنك حرصت عليه ونصحت له ونقدته أو نقدت شيئاً من تصرفاته أو أعماله أو مؤسسته أو نحو ذلك! أي عقول تلك، وأي قوم أولئك؟! كيف يمكن لأمة أن تسود وتعود وبعض نخبها كذلك؟! ثم تجد أحدهم يتلف طبلت أذنك متشدقاً بالتواضع ولين الجانب والحرص على الاصلاح والعفو والألفة والتقارب بين أبناء المجتمع، يأخذ وقتك في محاضرة أو خطبة أو مقالة أو كلمة أو برنامج أو قصيدة عن التواضع وقبول الإخوة والتسامح والتصافي والفرح بالنقد والحرص على الاتحاد واللحمة ثم يكون حاله كمن سبق بل كما قال الله: ( لمَ تقولون وما لا تفعلون) أو كمن يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه فويل له ثم ويل له. يقال: العظيم كلما كبرت عظمته زاد تواضعه والتافه كلما زادت مكانته أو كبرت أهميته كلما تكبر وتجبر واحتقر الناس ومقتهم لسان حاله حال قارون: (إنّما أوتيته على علم عندي...). ولذلك يحشر المتكبرون على هيئة الذر يدوسهم الناس بأرجلهم فالجزاء من جنس العمل ولا يظلم ربك أحدا.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن