الحب الذكي
ينعتون الحب بأسوأ الصفات.. ويقولون عنه دوما أنه سبب كثير من المصائب.. ويتهمونه بالرذيلة والعُهر.. وأنه أعمى لا يملك عيونا ترى الحقيقة.. ونسوا أن الدنيا لا يمكن أن تستمر بدون حب.. ولكن عن أي حب أتحدث؟ إنه الحب الذكي لا حب المراهقين والمراهقات ولا حب الشباب والشابات بدون وعي أو عقل يبحث في الصواب والخطأ. الحب الذكي هو ذاك الحب الذي يختار فيه العقل ويدعمه القلب ويسانده في عملية الاختيار، هو الزواج عن قناعة بصفات الشريك الآخر.. هو الزواج الرشيد العاقل.. كثيرا ما نرى مفاهيم الحب تُشوّه بين الذكور والإناث بعلاقات محرمة يرفضها المجتمع والدين والأخلاق.. ولا تقود سوى لويلات على كلا الشخصين دون أن يجمع بينهما القدر في معظم الحالات.
والحالات التي تجتمع ما تلبث أن تمضي في حياتها حتى يكون الطلاقُ حليفها.. فبعد الحصول على ما تريد وتطفئ نار الشوق وتخبو مشاعر الحب هُنيهة تنكشف الغُمّة عن العيون ويفضح المستور من طريقة حياة الآخر وأسلوب تعامله بعد أن أصبح/أصبحت شخصا مسؤولا عن بيت وأسرة.. فترى المشاكل أمست ملح حياتهم اليومي وغابت مفاهيم الحب في غياهب الجُب.. وما بين هذا وتلك أطفال يتصارعون الأمان ويبحثون عن بقايا أشلائه في أسرة محطمة الأركان.. فما ذنبهم وما هي غلطتهم الشنيعة التي ارتكبوها إلا أن كانوا نتاج هذا الحب الغبي بين شخصين لم يفكرا سوى بشهوات حب غير مدروس.
في معايير الحب الذكي يجب أن يُدرك المقبلون على الزواج أن الزواج شراكة متينة تحتاج إلى بذل الكثير من الجهد حتى تستمر الحياة.. لا مكان للأنانية وحب الذات في هذه العلاقة
مواقع التواصل
وفي الحب الذكي نجد العلاقات المتينة القوية المستمرة يدعم بعضها بعضا.. نجد التفاهم يسود جو الأسرة والاحترام صفتها الدائمة.. يخططون سوية لكل شيء.. ويبحثون عن أفضل أساليب التربية والتعبير عن الحب.. وفي مفاهيم الحب لا يسعنا أن نرى مُحبا كرسول الله -صلّ الله عليه وسلم-، فقد كان أحب الناس بأهله، وسطر لنا عناوين في الحب قلّما نجدها في هذه الأيام.. فقد كان يشرب من موضع كأس عائشة الذي شربت منه.. يغتسل معها بإناء واحد.. يدلّعها ويناديها بعائش.. يتسابق معها ويسبقها ويدعها تسبقه.. كان دائما نصيرا للمرأة وحقوقها.. كم أوصى بهن خيرا.. كم كان مخلصا لخديجة.. كم كان حبه يغمر بيته الزوجي.. كم كان مثالا يُحتذى للحب الأسري الرائع.
في معايير الحب الذكي يجب أن يُدرك المقبلون على الزواج أن الزواج شراكة متينة تحتاج إلى بذل الكثير من الجهد والعطاء والحب وغفران الزلّات حتى تستمر الحياة.. لا مكان للأنانية وحب الذات في هذه العلاقة.. لا وجود للخصوصية المطلقة بعد ذلك.. في هذه الشراكة يُفني كل شريك حياته في محاولة إسعاد الآخر ومشاركته في تربية نتاجهم أفضل تربية.. في هذه العلاقة تبدأ الحياة بأسلوب حضاري جميل.. يحوي بين طياته حبا لا تهزه الرياح ولا تكسره العواصف.. فالأسرة اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع والحضارة.. إن صلُحت الأسرة صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع.. فالمجتمع ليس إلا مجموعة من الأنساق الاجتماعية كل نسق منها يتكون من أشخاص يعودون في أصلهم لمكون أساسي ألا وهو الأسرة.
ولتفعيل هذا الحب دون تشويه صورته الجميلة النقيّة يتوجب علينا فهم الأمور التالية:
- الحب ليس حراما أو عيبا.
- الحب الذكي أساسه اختيار العقل أولا ثم القلب.
- لا تقوم للأسرة قائمة دون وجود حب يتخلل أطرافها.
- تستمر الحياة بين الأزواج لأسباب كثيرة أجملها الحب.
- الحب كان نهج نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام.
- ديننا الحنيف ما هو إلا دين المحبة والسلام.
- الحب الصادق ينحني أمام العواصف لتمضي ولكن لا تهزه الرياح.
- لا يُدرك الأبناء معاني الحب الجميلة إلا إذا رأوها واقعا في والديهم.
- يجب أن يُدرك المقبلون على الزواج أن كثيرا من معاني الحب في الأفلام والمسلسلات العربية والأجنبية مشوهة ولا تحوي المعنى الحقيقي والجميل له.
- الحياة الأسرية ليست حبا وغراما وهياما طيلة الوقت، إنما تحتوي مسؤوليات ويتوجب على كل طرف القيام بما هو مسؤول عنه.. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
- الروتين يقتل الحب.. فجددوا الحب بكسر الروتين في حياتكم.
- ابحثوا دوما في ذكرياتكم السعيدة معا وقلّبوا صفحاتها سوية.
- علّموا أبناءكم معايير الحب الذكي لتخلقوا جيلا سليما.
المصدر : مدونة الجزيرة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة