حياء امرأة
عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة – رضي الله عنها – تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها:﴿ألاّ يشركن... ولا يزنين﴾ الآية. قالت: فوضعت يدها على رأسها حياءً، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها، فقالت عائشة رضي الله عنها: أقرِي أيتها المرأة! فوالله ما بايعنا إلا على هذا. قالـ فنعم إذاً، فبايعها بالآية.
***
ما يأسر الناس من النساء إلا الحياء!
إي والله هو الحلية لمن لا حلية لهن، والشَوهاء بحقِ من قلَ فيها ماؤه، أو انكشف عنها رواؤه!
ألم تمتحن مرَة بامرأة خلعت دثاره، وخرَقت شعاره فصارت أثقل شيء عليك، وأسمج مخلوق لديك؟!
فاطمة هذه الحبشية خالة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم كانت فيمن وفد مع أختها (هند) مهاجرات مبايعات، فكان صلى الله عليه وسلم يمتحنهنّ بهذه الآية:
﴿يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين
ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم﴾ [الممتحنة: 12].
ما إن سمعت فاطمة ( ولا يزنين) حتى وضعت يدها على رأسها حياءًّ وكأني بها تداري وجهها وتلمُ نفسها مستعظمة متعجبة، حييَة، خفرة، تكاد تذوب لفرط خجلها عند هذا الشرط!
وكأني بها تهتف في أثناء ذلك مخاطبة بنات جنسها في سرَها: ويحكنَ كيف تتجزأ حرَة على هذا؟!
أتعقل إحداكن ما معنى هذه الفعلة، وشؤم هذه السَقطة؟! أتبلين جدَة نفسك؟ أتكدِرين صفاء عيشك؟!
أتدنسين ثوب طهرك، أتعكِرين صفاء عيشك؟!
ألا تدري إحداكن أنها بذلك أركست كرامتها، ولوَثت شرف عنصرها، ومعدن عزِها؟!
ويحكنَ أين يذهب بعقولكن، وكيف تتهوَكن في هذه المهواة، وتتسلّفن إلى هذه الدَركة، وفيكنَ من أسباب الانزجار حاجزٌ عن ذلك!
***
صورة فاطمة وهي تضع يدها على رأسها حياءً، وإعجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
بصنيعها صورة ماثلة في ذهن كل امرأة مسلمة حييَة، تحثُها لتنأى دائماً عن أسباب الرِيب، وتتنزَه عن مسالك التُهم وتستنكف عن الخنا والعهر بل مما يقرِب منهما من قريب أو بعيد!
ألا تعجبون من هذه المرأة الناشئة في بيئة جاهلية كيف تستهجن هذا السُوء، وتنقبض من ذكره وعاقبة أمره؟!
و(هند) أختها داخلتها الغرابة حين شرط ( ولا يزنين)! فقالت: وهل تزني امرأة حرّة؟!
قال عليه الصلاة والسلام: لا والله ما تزني الحرَة!!
***
إن هذا الجيل كان مؤهلاً برجاله ونسائه بما أوتي من بقايا الخلال الرَضية والصفات السَنيَة،
أن يحمل أعباء رسالة جديدة، فلا غرو ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾!
الحياء خير كلُه، وهو لا يأتي إلا بخير، وهنا من آثار هذا الخلق أن فاطمة رضيت وسارعت للمبايعة
بعد أن سمعت أمَها السيدة عائشة – رضي الله عنها – تقول لها:
أقرِي أيتها المرأة فوالله ما بايعنا إلا على هذا.قالت: فنعم إذاً، فبايعها بالآية.
***
وإنه – والله – لا ينقضي عجبي من امرأة جاهلية تخجل من ذكر كلمةﹴ تذكِر بالفحش، إذا رأينا
وعاينَا حال الجاهلية المعاصرة التي أقامت النوادي للعراة، والتي تعقد مسابقات الجمال، وتتاجر بالأجساد والأعراض!!
لا، لماذا لا نحاسب أنفسنا نحن الذين ننتسب إلى الإسلام؟!
فأمس شكت إليَ فتاةٌ حثَ والدها المتكرر على أن تترك (الحجاب)، يا هذا أأنت مسلم؟! أليس لك قلب؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن