شعبان..طريقك للعتق في رمضان
كتب بواسطة مؤمنة معالي
التاريخ:
فى : تحقيقات
1522 مشاهدة
أقبل شعبان، يحمل معه نفحات الرحمة، مغذياً شوق النفوس لشهر المغفرة، النفوس مشتاقة، وجميعنا يعقد النية على كثرة العمل إذا حل رمضان وابتدأ. ولكن ماذا عن العمل الصالح في شعبان؟ وكيف يكون الاستعداد للقاء الأيام المعدودات التي تنقضي في كل عام وكأنها لحظات لطيفة عابرة؟
أيام العمل
الداعية الدكتورة ساجدة أبو فارس افتتحت حديثها لـ"بصائر" بالقول: "الله عز وجل يعلم أننا نقصر، فاختار لنا سبحانه هذه المواسم لنسد هذا التقصير، لذا نحن نتفاءل برمضان؛ كونه فرصة لأن نعوض فيه تقصيرنا. ولهذا فالمطلوب منا أن نجدد العهد لاستقبال رمضان على الشكل الذي يليق برب رمضان سبحانه، فهو فرصة لأن نعاهد أنفسنا على العمل، ولمعاهدة النفس على تقديم الخير للناس، ومعاهدة الله على أن نقوم برمضان ليس فقط من باب الصيام والقيام وإنما أيضا من باب تجديد الهمة بالعمل لدعوة الله، ونصرة الخير، والوقوف مع الأمة بآلامها.
وأضافت أنه بات حري بنا أن نجدد العهد في رمضان؛ كوننا لا ندري إن كنا سندرك رمضان القادم، لذا نجدد العهد في استقبال رمضان وكأنه رمضان الأخير في حياتنا، وهذه فرصة ثمينة على الإنسان أن يحرص عليها بكل ما أوتي من قوة، فشعبان فرصة لعل المذنب يتراجع عن ذنبه ولعل التائب يصدق في توبته، ولعل المقصر يكون صاحب همة في هذا الشهر الكريم.
د. ساجدة أبو فارس: شعبان فرصة لعل المذنب يتراجع عن ذنبه ولعل التائب يصدق في توبته، ولعل المقصر يكون صاحب همة في هذا الشهر الكريم
وتضيف أبو فارس: إن الله عز وجل طلب منا في رمضان الإحسان، والإحسان يكون في رمضان بين الله وبين عباده بحسن التودد إليه وحسن التوبة بين يديه، ومن الإحسان في رمضان أن يكون بين العبد وبين أخيه إحسان، فالله عز وجل يحب المحسنين، ومن المهم أن لا يكون لنا بدن يقاطع الناس الذين بيننا وبينهم قربى أو صلة جوار، فيكون البدن في واد والروح في واد آخر.
وتوضح أبو فارس: في رمضان نصلي ونصوم وأبداننا مقاطعة لإخواننا، وهذ نوع من الانفصام في شخصية المسلم، فالله عز وجل يريدنا أن نكون جميعاً، الروح والبدن معاً، العقل والقلب معاً، الإحسان والنصح معاً، عدم الإساءة والعفو معاً، لا يريد الله عز وجل أن نكون مشطورين في شخصياتنا، ليكن رمضان استراحة من الضغائن، دعوا رمضان ليكون استراحة من هذه المشاعر السلبية الناتجة عن قطع الرحم والإساءة للناس، فرمضان فرصة لأن تنطفئ هذه المشاعر السيئة والمسيئة، فهي نار محرقة ولا تطفأ إلا بماء الطاعة والإقبال على الله.
وتقول أبو فارس: الله عز وجل جعل رمضان للاجتماع في التراويح وعلى المائدة وغيرها، يريد أن يعلمنا درساً في هذا المقام بأن رمضان معين على الخير في كل مكان، فكيف تريد لنفسك أن تنقطع والله يريد منك الاجتماع، وإذا أردت أن تكون ممن تضاعف أجور أعمالهم في رمضان فسامح وأكثر من وصل الأرحام، هذه فرصة ربما لا تكرر.
وتضيف أبو فارس: إن الله جعل لنا شعبان وحبب إلينا الطاعات فيه تعظيماً لرمضان، فرمضان ضيف عزيز عظيم في أجره عظيم في التوبة إلى الله عز وجل، عظيم في العتق من النار، ونحن نستعد لهذا التعظيم منذ بداية شعبان.
وأضافت أن الأيام ثلاثة، يوم مضى، ويوم هو يوم عمل، ويوم آخر هو يوم أمل، وبالنسبة لنا فإن شعبان الآن هو يوم عمل، ورمضان بالنسبة لنا الآن هو يوم الأمل الذي لا ندري إن كنا سنبلغه أم لا، لذا لا أقل أن نستقبل الأمل بالعمل، ثم إن انتظار رمضان فيه مغامرة، لذا شعبان الآن غنيمة لنا، فنحن نغتنم فيه الآن، فإذا وصلنا رمضان بفضل الله أخذنا غنائمه أيضا، وبهذا نكون قد حصلنا على غنيمتين، فشعبان غنيمة، ورمضان غنيمة، فإذا اغتنمنا شعبان كان حقاً على الله بقدرته أن يعطينا فضل رمضان، فسنة الله في خلقه أنه يريد لهم أن يدخلوا أبواب رحمته الواسعة في هذه المواسم.
فلنحول العادات إلى عبادات
د. سليمان الدقور: حتى نصل إلى مرحلة الاحتساب في رمضان فإن علينا أن نتعود على الطاعة في شعبان، حتى لا يدخل علينا رمضان ونستشعر بصعوبة العباد
الدكتور سليمان الدقور الداعية الإسلامي استذكر حال السلف في شعبان، حيث كانوا ينظرون إلى هذه المواسم على أنها قيمة عبادية وكانوا يحرصون على معرفة دلالة هذه المواسم وهذه الأشهر ويتعاملون معها وفق منهج النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لما علموه من أن ارتباط العبادات بأوقات معينة، فهناك عبادات كثيرة مرتبطة بأزمان كالزكاة والصيام، وهذه الأوقات فضلها بفضل العبادات التي تؤدى فيها، والسلف الصالح كانوا يتعاملون معها على أنها أزمان مباركة ويعززون فيها قيمهم العبادية وصلتهم بالله تعالى.
ويضيف الدقور: اليوم كثير من الناس ينظرون إلى هذه المواسم على أنها مواسم عادات يمارسون فيها طقوساً وسلوكيات معينة اكتسبوها على مدار الوقت والمطلوب منا في هذا الزمان أن نعيد لهذه السلوكيات ألقها وتوهجها الإيماني.
ويشير الدقور إلى أن التحدي الكبير الآن هو كيف نستطيع أن نحول العادات إلى عبادات؟ علينا أن نجدد العهد بفضائل هذه الأيام وننشر ذلك بين الناس.
ويقول الدقور: عن عائشة رضي الله عنها قالت عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم: ".. وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا" (رواه مسلم).
وأضاف الدقور: شهر شعبان هو مدخل لشهر رمضان يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها" (رواه الطبراني) فالصلاة إلى الصلاة نفحة، والجمعة إلى الجمعة نفحة، وشعبان لشعبان نفحة، ورمضان لرمضان نفحة، والمسلم يعتاد على الصيام والطاعة في شعبان حتى يكون ذلك مفتاحاً له لرمضان وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه). وحتى نصل إلى مرحلة الاحتساب في رمضان فإن علينا أن نتعود على الطاعة في شعبان، حتى لا يدخل علينا رمضان ونستشعر بصعوبة العبادة.
ويضيف الدقور أن الصحابة كانوا إذا أراد أحدهم أن يدعو لأخيه قال: اللهم بلغه رمضان، كان يعلم أحدهم ما هو الخير والفضل الذي أعده الله عز وجل لعباده في رمضان، وأفضل شكر لله على أن بلغنا هذه المواسم بالعبادة العملية، وأيضاً تذكير بعضنا البعض بذلك ودليل أن العمل شكر لله هو قوله عز وجل {اعملوا آل داود شكرا}.
ويختم الدقور حديثه قائلاً: "عادة استعداد الانسان لأي عمل ينبغي أن يكون بما يتطلبه هذا العمل، الإنسان يهتم بجسده في كل وقت ويهتم بعقله وقلبه بالثقافة والقراءة والحوار، لكنه يغفل عن الاهتمام بالنفس". مضيفاً: "أعتقد أن رمضان هو فرصه للعناية بالنفس وذلك من قراءة القران فهو ينمي عقله ووعيه، وفي الصيام وما فيه من خير والذي يعيد تشكيل جسده وبناء هذا الجسد وكما قيل: صوموا تصحوا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" (رواه مسلم)، وهو فرصة للتربية النفسية، فالدخول في هذه الشهور هو تزكية للنفوس وتعويدها على الصبر وتعويدها على التوجه إلى الله، فالصيام هو تجرد لله وتقوية للعلاقة بين العبد وربه وهذه فرصة فاغتنموها.
المصدر : موقع بصائر
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن