4 نصائح للآباء عن كيفية تنظيم التعليم المنزلي بسبب كورونا
كتب بواسطة فيونا واي
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1459 مشاهدة
بادئ ذي بدء: قلبي مع كل الآباء والأمهات الذين أُجبِروا على التعليم المنزلي بسبب كوفيد-19. ربما تخشون عودة أطفالكم إلى المدرسة، أو ربما صارت دراستهم عبر الإنترنت لما تبقى من العام. وسواء كنت تمارس حياتك المهنية في الخلفية محاولاً لفت انتباه أطفالك إلى الفصول الافتراضية، أو التأكيد على تقليلهم للتواصل الاجتماعي، فهذا وقتٌ عصيب وغامض على كل والد وطفل.
وبينما لا أملك أطفالاً من دمي، لكنّني أتذكّر معاناتي في طفولتي غير التقليدية. إذ كُنت أتعلم في المنزل، ومعزولةً بالكامل عن المجتمع حتى الـ18 من عمري. وكان ذلك على الأرجح بسبب عقيدة كنيسة والداي السابقة، التي كانت تُبشّر بأنّ نهاية العالم قريبة، وأنّه يجب عزل الأطفال عن التأثير العالمي ليحتفظوا بـ"نقائهم".
ومنارة الأمل التي أريد منحها للآباء والأمهات هي: بعد 18 عاماً من العيش وسط بيئةٍ من هذا النوع، كنت ما أزال قادرةً على الذهاب إلى الكلية. وحصلت في النهاية على درجة الدكتوراه في الهندسة. وتعلّمت المهارات الاجتماعية في الكلية، وكنت قادرةً على تطوير صداقات وعلاقات طويلة الأمد. ولم يكُن الأمر سهلاً أو مثالياً على الإطلاق، ولكنّني حصلت من خلال تجاربي على قدرٍ مُعيّن من "الإصرار" الذي ساعدني على تجاوز الأمر.
ولست هنا لتجميل الواقع القائل بأنّ التعليم المنزلي والعزلة الاجتماعية هي أمورٌ صعبة ولا تُمثّل الظروف المثالية للنشأة. وبقدر ما أرسم صورةً وردية عن النشأة "السليمة"، فقد كانت لي شجاراتي مع والدَي، ومآزقي الاجتماعية المؤلمة، ونوبات وحدتي الشديدة. ورغم ذلك، أرغب في مشاركة بعض المآخذ المهمة من طفولتي معكم. وأعتقد أنّ هذه النقاط الرئيسية ساعدتني وعائلتي على الاحتفاظ بعقلانيتنا، رغم فرض كنيستنا لضغوط خارجية كبيرة علينا في محاولةٍ لتفريقنا.
ابدأوا اليوم بنشاطٍ تأمُّلي، معاً.
حين كنت صغيراً، كانت لي أنا وأمي وشقيقتي طقوس صباحية. إذ كنا نصلي في البداية ونقرأ صفحات من الكتاب المقدس، وبعدها تقرأ أمي لنا من كتب المغامرات الكلاسيكية، وأثناء القراءة، كنت أستمع لها أنا وشقيقتي في هدوء، أثناء بناء مدينة الليغو الخاصة بنا. وكان هذا هو على الأرجح الجزء الأكثر تنظيماً في يومنا بأكمله، وبالعودة بالذاكرة، أُدرِك أنّه علّمنا أيضاً بعض الدروس القيّمة. إذ ألهم طقس قراءة كتب المغامرات إبداعنا، بينما تعلّمنا الانضباط من طقس الصلاة وقراءة الكتاب المقدس.
وهناك عدة أساليب مختلفة لشكل الطقس الصباحي لدى عائلتك، مثل تمشية الكلب معاً في الحديقة، أو الاستماع للكتب الصوتية، أو ممارسة اليوغا، أو حتى الدردشات العائلية على الفطور. وبغض النظر عن شكل طقوس الصباح، فيجب أن تُشعرك أنت وأطفالك بالبساطة.
ثقوا في استكشاف أطفالكم وسعيهم وراء هوايات تُثير اهتمامهم.
ماذا لو كان أطفالك يكرهون المدرسة الافتراضية، ولكنّهم مهتمون بهوايات أخرى مثل ألعاب الإنترنت أو الشخبطة؟ فكيف سيصلون إلى الكلية ويعثرون على وظيفةٍ مُجزية؟
كانت سنوات مراهقتي عصيبةً بشكلٍ خاص، إذ كُنت أُمضي أشهر الصيف في مزرعة قرية تابعة للكنيسة مع أطفالٍ آخرين من نفس عمري، ولكنّني أقضي غالبية أوقاتي منعزلةً في المنزل. وحين كنا في مزرعة الكنيسة، كان محظوراً علينا قراءة الروايات أو مشاهدة الأفلام أو فعل أيّ شيء ممتع. وكانت وظيفتنا تنطوي على العمل في المزرعة. وكان تعليمنا الوحيدة هو ذلك المرتبط بقراءة الكتاب المقدس، والاستماع إلى خطب قساوسة الكنيسة، والمهارات الأساسية مثل الكتابة والرياضيات.
وخلال تلك الأوقات كانت هواياتي هي الأمر الوحيد الذي ساعدني على تجاوز الوقت. فسواءً كُنت في مزرعة القرية أو معزولة في المنزل؛ تعلّمت تقدير وقتي المنفرد، لأنّه كان مقدساً بسبب متابعتي لشغفي الكامن في:
التسلّل إلى موقع Neopets.com -للعب لعبة أو تعلّم لغة أوراق الأنماط المتتالية CSS ولغة ترميز النص الفائق HTML عن طريق ترميز صفحات الويب المُخصّصة.
ترميز عالم قابل للاستكشاف، وكتابة مهام قرّرها بنفسك بناءً على العبارة الشرطية البرمجية if/else، وابتكار قصة كاملة للعبة تأدية أدوار عبر الإنترنت.
كتابة رواية خيالية. ومن أجل تعليمي الذاتي، استعرت الكثير من الكتب المتعلّقة بحرفة الأدب من المكتبة، ومن بينها كتاب "الماجستير المحمول The Portable MFA".
الاستماع إلى الأغاني الشعبية وتحويلها كتابةً إلى نوتات موسيقية للبيانو سماعياً.
نعم، ربما لم أتعلّم الكثير من ناحية المواد المدرسية "التقليدية". ولكنّني كنت أُكوّن بدلاً من ذلك مهارات في الترميز، والمنطق، والكتابة الإبداعية، والفنون. وحين أدركت أنّني أُريد الالتحاق بالكلية، وأنّني يجب أن أدرس تخصّصات تقليدية مثل حساب التفاضل والتكامل والفيزياء والتاريخ؛ أدركت كيف أتعلّمها بنفسي لأنّني كنت أعرف بالفعل كيفية البحث عن الأشياء على الإنترنت واستعارة الكتب من المكتبة حول مواد دراسية جديدة بالنسبة لي.
امنحوا أطفالكم الدعم ليجتازوا مع الأوقات العصيبة، فهذه خير أمثلةٍ وقيم تعلّمتها في حياتي.
وهناك مخاوف متزايدة حول تأثيرات كوفيد-19 على الأطفال، وما إذا كان ذلك سيتسبّب لهم في أيّ صدمات. وبالتالي من الضروري السماح للأطفال بمعالجة ما يجري بطريقةٍ صحية، وتحفيزهم على مواصلة التعامل مع العوائق المؤقتة التي يُسبّبها كوفيد، أملاً في مستقبلٍ أفضل.
إذ اضطررت شخصياً لاجتياز الصدمة التي سبّبتها لي الكنيسة أثناء التقدُّم للكلية، ولم تكُن مهمةً سهلة. إذ كُنت أكافح لتعليم نفسي الرياضيات من أجل اختبارات السات، وأصابني الجزع حيال كيفية كتابة طلب الالتحاق بالكلية لأنّني لم أملك أي درجات رسمية ولم أكُن ملتحقةً بأي نادٍ أو مؤسسةٍ مجتمعية. وكنت أصرخ على والدي في معظم الأيام، وألومهما لعدم إرسالي إلى المدرسة في سنٍ أصغر. وفي تلك الفترة من حياتي، كنت خائفةً للغاية من الالتحاق بمدرسةٍ ثانوية عامة، لأنّني ظننت أنّهم لن يقبلوني بسبب تجاربي في الكنيسة. واعتقدت أنّ تعليمي الرسمي "سيستحق العناء" في حال نجحت في الالتحاق بكليةٍ لأربع سنوات، لذا لم يكُن أمام والدي خيارات أخرى سوى إعدادي لهذا الطريق.
كان والداي يحاولان تهدئتي في البداية بتذكيري أنَّ الموقف الذي وجدنا أنفسنا فيه مع الكنيسة أثَّر على العائلة بأكملها، وليس أنا فقط، ثم بدأوا تحفيزي أولاً من خلال الحديث معي عن "تجربة المارشيمللو" التي أجرتها جامعة ستانفورد الأمريكية (the Stanford marshmallow experiment)، وكيف أنَّ مفهوم "الانتظار والصمود من أجل الفوز بأشياء أفضل" ساعدهم خلال فترة طفولتهم. على سبيل المثال، عانى والدي المهاجر من العيش مع عمته سيئة الطباع في سنغافورة خلال مرحلة الدراسة الثانوية، مع العلم أنَّ هذه كانت الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها التقدّم بطلب للالتحاق بالجامعة في الخارج بالولايات المتحدة.
كان والداي يذكّراني أيضاً بأنَّني أمتلك العديد من الخيارات: يمكنني الاستسلام على الفور والعودة إلى مجتمع الكنيسة لبقية حياتي -أي، بموجب التجربة، اختار تناول قطعة من حلوى المارشميلو على الفور- أو يمكنني مواصلة الكفاح والعمل من أجل الالتحاق بالجامعة –أي اختار الصمود بعض الوقت حتى "أحصل على قطعة المارشميلو الثانية"، التي ستكون أفضل من الأولى.
لسببٍ ما، لا تزال تلك الأمثلة عالقة في ذهني. لقد عرفت كيفية الدراسة من أجل اجتياز اختبارات القبول في الجامعات الأمريكية، واكتشفت عدة طرق للمساهمة في مجتمعي على الرغم من عدم التحاقي بالمدرسة. كلما اتّصل بأختي في هذه الأيام، نتأمل حياتنا ونتفق على أنَّ ما قاله لنا والدانا عن مثال "حلوى المارشيمللو" كان حاسماً لتحفيزنا على التطلّع لتحقيق أهداف أكبر.
دعوا أطفالكم يعرفون أنكم جميعاً منخرطون في نفس الوضع، باعتباركم عائلة.
كان والداي يتّسمان دائماً بالشفافية معنا حيال أية مشاكل يواجهانها، سواء كان اتّخاذ قرار بشأن الانتقال إلى وظيفة جديدة أو إبعاد العائلة عن كنيستها. كان والداي يحرصان دائماً على إطلاعي أنا وأختي بما يجري في الأسرة. لم نشعر أبداً أنَّنا منعزلين عن مجريات الأمور، وكنَّا أكثر تعاطفاً مع كل ما يمر به والدانا. بغض النظر عمّا حدث، كنَّا عائلة وفريق عمل واحداً.
قد تواجه في وقتنا الحالي شجارات وانهيارات نفسية من أطفالك جراء شعورهم بالملل أو الرغبة في رؤية أصدقائهم أو الخوف أو مزيج من كل هذه الأشياء. دعهم يعرفون أنَّك تشعر بنفس الشيء أيضاً. دعهم يعرفون أنَّه لا بأس من الشعور بالإحباط، ولكن من أجل الصمود في الحياة ورؤية الضوء في نهاية النفق، يتعيَّن على العائلة بأكملها تجاوز هذه الأوقات العصيبة معاً، نفسياً وجسدياً.
إذا كانت هذه الجائحة قد علّمتنا شيئاً، فهو أنَّ العائلة شيء ثمين للغاية، وأنَّ كل فرد لا يملك سوى عائلة واحدة فقط. لا تنس الاعتناء بنفسك و بأطفالك وتُقدّر الوقت الذي تقضيه معهم. آمل أنَّ يكون هذا المقال قد قدَّم بعض الأفكار أو على الأقل كان ملهماً لكيفية التعامل مع التعليم المنزلي أثناء الفترات الصعبة أو المضطربة.
المصدر : عربي بوست
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!