إخصائية تغذية وكاتبة اجتماعية ومهتمة بقضايا الشابات
حقيقة الحياة..
كتب بواسطة أفنان الحلو
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
994 مشاهدة
تمر عليك أعوام تخرج فيها بدرس واحد أو درسين..
ويمر عليك عامٌ فيه من الدروس ما في مئة عام أخرى.
في شهادة الميلاد أنت أضفت عاماً إلى عمرك، وفي علم الحياة أنت كبرت مئة عام.
العام الماضي جمع ما بين كورونا عالمياً ومرض شذى عائليا تقبلها الله وما تلا ذلك من تعب وضغط نفسي على عائلتي الصغيرة كلها وكيف تصرف كل فرد تجاه هذا الضغط ..
فلا أنا بقيت أنا
ولا أبو البراء بقي هو
ولا البراء.. ولا سنا..
كان أثقل ما شعرت أني مررت به شخصيا هو عيشي لكل المشاعر القوية دفعة واحدة وأحيانا بنفس اليوم، ولفترات طويلة تعدت الأيام والأسابيع والأشهر.
الخوف أولها وأبرزها.. الخوف من تطورات مرضها نفسه ثم الجو العام.. لم أكن أخاف من الكورونا بل من الإغلاق، وأعتقد أن هذا حال أي عائلة لديها مريض مزمن..
كلما جاء حديث الاغلاق كلما حدثنا أنفسنا: طيب ولو حدث شيء لمريضنا واحتجنا الدعم الصحي الطارئ..
أين نذهب؟ أين نتوجه؟
ثم كيف يمكننا أن نخفف عنه بحيث لا يؤثر عليه الإغلاق فيحتاج إلى الدعم الصحي من الأساس؟
أسئلة كثيرة ولا إجابات..
فقط الخوف.. الترقب.. الحزن.. الفرح.. الاجهاد.. التعب.. السعادة.. التناسي.. الألم..
يمكنني أن أسود صفحات عديدة بالمشاعر المختلفة التي كانت تمر ..
وكلها – كما قلنا – قد تأتي بنفس اليوم وعدة مرات.. وبحدة ..
حتى شعرت أنني استنزفت تماما من كل المشاعر ولم يعد بإمكاني أن أشعر بأي شيء..
خصوصاً الآن بعدما انتهى كل شيء..
لم تعد بي طاقة.. بالذات للخوف.. لم يعد لهذه الكلمة أي صدى..
فقط أتفكر بحقيقة الحياة..
أحد فوائد الألم بالذات أنه يرتقي بالانسان إلى مستويات أعلى من الفهم – رغما عنه – ويخرجه من دائرة الاعتياد التي لم تعد تشفي الغليل إلى دوائر الفهم الأعلى.
عندها عشت حقيقة أن الحياة ليست كما أخطط مهما حاولت.
قبل العام الماضي كنت إلى حد ما راضيةً بخط سير الحياة الذي اخترت
أدرك تماما أن لكل اختياراتي ثمن وكنت أدفعه راضية مقابل الفائدة التي أحصل عليها سواء في طبيعة الحياة وطبيعة العمل والزواج والتربية وعدد الأبناء وغيرها من الاختيارات التي اجتهدت وأنا أصيغها وارسمها بحسب قدرتي واستطاعتي.
ثم جاء ما يقلب الحياة رأسا على عقب وبغمضة عين.
وللحظات طويلة ومريرة شعرت أن كل تخطيطي السابق لم يعد ذا قيمة
وأني لم أعد أتحكم بأي شيء من مجريات الحياة.
كم كان هذا شعورا صعباً وقاهراً..
أصبحت مثلي مثل أي شخص لا يخطط لحياته ويعيشها كيفما اتفق رغم أني كنت أنتقد هذا الأسلوب في الحياة وبشدة..
فكيف أكون هكذا؟
محاولات عديدة للتحكم كانت تذهب سدى ثم استسلمت
وأيقنت..
أيقنت أن أي شيء كان يجري سابقاً بحسب خطتي هو كان من تدبير الله أولا وأخيراً وليس ذكائي واجتهادي.
وأنه "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون؟"
هيهات..!
هذه حياة..!
ونحن فيها ممتحنون!
وفكرة أن نبقى في مجالات الراحة، أو حتى في المعارك لكن تلك التي نختارها لأنفسنا ونعرف كيف نتصرف بها هي فكرة طفولية بحتة..!
ستأتي في يوم ما المعركة التي لم نخترها والتي لا نعرف كيف نتصرف بها..!
التي تلفنا الظلمات فيها من كل جانب..!
التي لا نرى فيها حتى أنفسنا..!
وهذا هو امتحاننا الحقيقي..!
ووقتها.. وقتها فقط.. سنرى إن كان إيماننا حقيقيا أم أنه محض ديكور كنا نقنع أنفسنا فيه مسبقا..!
سنعرف.. لأنه إما يضيء لنا إيماننا
ونستشعر حقيقة أن النجاة بيد الله وحده.
وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه..
أو نغرق في الظلام...
لا فرح يدوم
ولا حزن يدوم
ولا صحة تدوم
ولا مرض يدوم
"كل شيء هالك.. إلا وجهه"
"لكي لا تأسوا على ما فاتكم.. ولا تفرحوا بما آتاكم"
الفرح الحقيقي.. والراحة الحقيقية هي لحظة دخول الجنة.
فيما عدا ذلك.. فلا شيء دنيوي يستحق العناء.
لأنه ببساطة.. لن يدوم
هذه هي الحياة.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة