رفقة المصطفى ﷺ في الجنة...!
كتب بواسطة ميمونة شرقية
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
1127 مشاهدة
قصص تُروى وحكايات، تبكي لها القلوب حزنًا قبل العيون، وتختلج المشاعر في الوجدان تساؤلات: أحقيقة أحداثها أم أنها من نسج خيال أديب؟ فَقْد وألم وحزن وموت، مفاهيم اجتمعت في كيان صغير ضعيف مسماه "يتيم"، ذنبه أنه فقد سند الحياة، وربما تبعه الصدر الحنون!! فوقع فريسة من أغرته الحياة وسلبت من قلبه معاني الإنسانية فكادت الحياة تكون له قبرا ملئ بالعذاب...
وتسمع عن قصص أخرى ترسم البسمة في المحيا وتبعث في النفس السرور. قلوب تعانقت لتبعث النجاح في حياة "يتيم"، والقول له: "إن فقدت الأب فكلنا لك آباء"، فتتحول حياته من البؤس إلى السرور ومن الانطواء حزنا إلى الانطلاق في المجتمع يحمل إليها الخير الكثير.
القاسم المشترك بين الصورتين أبطال كل منها يحمل صفة "يتيم"، ولكن شتان بين هذه وتلك.
شتان بين من يكون يدا تمسح على رأس يتيم، وبين جلمود يقهر اليتيم!
شتان بين من يرسم البسمة في حياة يتيم، وبين من يدفعه لتمني الموت!
وسبحان من شرّع لنا أحكاما تكفل لنا كرامة الإنسان وتستهدف مصلحة الأفراد في المجتمع ورعى الضعفاء منهم بأحكام خاصة وحثّ المسلمين على رعايتهم وحسن التعامل معهم، فقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة البقرة، 220)
ولو فكرنا في حال هذا الطفل الذي لم يدرك بعد معنى الحياة وقد تذوق ألم الفراق، وأي فراق! إنه فراق اللالقاء في الحياة! فراق من كان يقوم على شؤون حياته كلها. فوجد في نفسه ضعفًا، وبلا سند ولا معيل!
طفل يحتاج إلى رعاية خاصة، رعاية نفسية وفكرية وجسدية، ليتحول هذا الضعف إلى قوة، ليصبح بصمة في المجتمع يُشار لها بالبنان، لا قصة حزن ومأساة.
الحثّ على العناية باليتيم:
وقد عني الإسلام باليتيم فذكر في القرآن الكريم في 21 موضعا كلها تهتم بخصوص أحواله، ورعاية شؤونه المادية والمعنوية، ليعيش في المجتمع وقد حظي بكرامة الإنسان وحاز على حقه في الحياة.
من خلال استقراء الآيات نجد الحرص الشديد على "اليتامى" تنشئة لهم وتربية وصونًا لأموالهم، ومن ليس له مال خاص فقد كفل الله لهم حق من المال العام لئلا ينتقص من حاجاتهم المعيشية شيء، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.. [البقرة : 215].
وقال تعالى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}.. [النساء : 2].
وفي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. (أخرجه مسلم)، فهنيئاً لمن تكفّل باليتيم ليحظى بمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
كفالة اليتيم:
نجد في مجتمعاتنا الإسلامية الحرص الكبير على تحصيل كفالات للأيتام في كل بقعة من منها، فلا تكاد جمعية أو دار رعاية إلا وخصصت جزءًأ من مشاريعها لكفالة اليتيم الذي فقد من حياته ما لايمكن أن يعوّضه كثير مال.
وقد تنوعت أشكال كفالة اليتيم، فمنهم من يكفل اليتيم كفالة كاملة لكل احتياجاته، ومنهم من يخصص له مبلغًا من المال شهريًا، ومن أشكال كفالتهم تأمين دور لمن فقدوا المأوى. وغير ذلك من الكفالات المادية التي تغطي أسس الحاجات المعيشية. فمن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ).(أخرجه البخاري)
ولا تقتصر حاجة اليتامى إلى الأمور المادية، فحاجتهم إلى استقامة نفسية قد يكون أشد، قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}.. [الضحى : 9]، ففي الآية نهي عن فعل ذميم تستقبحه النفس السليمة وتعافه الروح الطيبة، فإذا فماذا يكون في المقابل؟!
الحرص على نفس اليتيم وتطييب خاطره وإشراكه في الحياة الاجتماعية، ومنحه من غير منّة عليه، بل ربما يصحّ القول أن الكافل قد فتح له باب خير عظيم بأن وفقه الله ليجاور المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة. فيا لعظيم الأجر مقابل القليل من الدنيا!
من لم يملك المال لكفالة اليتيم... ماذا يفعل؟!
قد يتحرق مؤمن لعدم امتلاكه المال الكافي ليعول من هم تحت رعايته ومسؤوليته، ويطمع في نيل الأجر والثواب من الله لما في ذلك من جزيل مثوبة وخير في الدنيا والآخرة.
لمثل هؤلاء نقول: إن أبواب الخير كثيرة لمن أراد، فمن خلال استقراء الأوضاع المعيشية لليتامى نجد أننا ما زلنا مقصرين في هذا الجانب والحاجة إلى تحسين ظروف الكفالات ملحة، فكثير من الأيتام الذين يعيشون مع ذويهم يحتاجون إلى رعاية نفسية وتنمية لقدراتهم الاجتماعية والفكرية، وَدور الأيتام في العالم الإسلامي على تقديرنا لجهودها فكثير منها يحتاج إلى تطوير وتأهيل، من حيث المباني ومن حيث البرامج المتبعة للعناية بقاطنيها. فابحث عما تستطيع تقديمه - لترافق الحبيب ﷺـ من مهارة أو فكرة ليحدث تغييرًا كثيرًا مع الجهود التي تبذل.
ولنحرص على أن نجاهد أنفسنا ونحن نستعد لاستقبال رمضان هذا العام حيث تتضاعف الأجور، وأن نضرب في كل غنيمة بسهم، وألا نحرمها أبواب الخير والنوافل ، ما أمكننا إلى ذلك سبيلا، لعلنا نكون أداة لكتابة قصة ابتسامة نجاح وتميّز رُسمت على وجه غبَّرته ظروف الحياة القاسية، والله الموفق إلى كل خير.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
مسرى الأرض ومعراج السماء.. بيان وأضواء!
عامٌ مَرّ..
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب! الجزء الثاني
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب!
ضَوْءٌ لَمَعَ وَسَطَ المَدِينَة