مولودة في بيروت لبنان. حائزة على ليسانس في الدراسات الإسلامية من كلية المقاصد الإسلامية. عضوة في جمعية الإتحاد الإسلامي. تعمل في المجال الدعوي منذ التخرج. ألفت كتاب _لم يطبع بعد_بعنوان:السجن والمؤمنون على مر السنين.
ماذا خسر أطفال العالم بانحطاط المسلمين؟
سمعنا وشاهدنا قرار القاضي في المحكمة العليا الأميريكية، الصادر منذ فترة وجيزة، بمنع الإجهاض بعد اليوم في الولايات المتحدة. وراقبنا بتمعن ردات فعل النَّسوية وجمعيات الشاذّين جنسيّاً والليبراليين الرافضة له.
وقدّر الله تعالى وترامى إلى سمعي استفسار حول، ما حكم الشرع بالنسبة للتي اغتصبت؟! هل يجيز الشرع الحنيف لها الإجهاض إن حملت؟ وماذا يحكم الشرع الحنيف بحق ولد الزنا؟
أسئلة جديّة؛ وفي وقتها، حيث يتدافع الجميع ليهربوا من جحيم تطرف المنظومة الحقوقية الغربية التي قررت محاربة الفطرة، والقضاء عليها وملاحقة الطفولة لاجتثاث براءتها وتهديد السلامة العقلية، وإرهاب البقية من بني البشر، الأسوياء منهم.
وإنّ الفخر كلّ الفخر لمن انتمى وينتمي للإسلام، ولمنظومته الشرعية الكاملة الجامعة لكل صغيرة وكبيرة، من الشأن العام والخاص للبشر في حياتهم الدنيا والآخِرة،حيث لحظت الشريعة الغرّاء في أحكامها، كلّ ما من شأنه حماية ووقاية ورعاية الأطفال؛ وسطّرت في القرآن الكريم وفي السّنة النبوية قوانين خالدة، تختصّ بالطفل وحقوقه وشؤونه.
فالطفولة عندنا تحظى بالعناية منذ بداية البداية، من اللحظة التي يبدأ الجنين فيها بالتشكّل في رحم الأمّ، إلى أن يغدو كبيراً يافعاً مستقلاً يتولّى أموره لوحده.
ولا يسمح الشرع بتضييع الطفولة تبعاً لمزاج أب مريض نفسي أو أمّ مريضة نفسيًّا..
فلا يملك أب أن يتنصّل من بنوّة ولده تحت أيّ مسمّى، فمتى أقرّ رجل ببنوّة طفل صحّ إقراره (1)، ومع إقراره تأتي كل حقوقه تباعاً، ومنها الإرث مثلاً، كما لا يُحِلُّ الشرع إجهاض جنين تبعاً لرغبة الأم المزاجية، إلا في حالة الخطر المؤكد على حياتها.
وتحمي الشريعة الإسلامية الأطفال من أي خطر يهدد سلامتهم وأمنهم، ولو كان من أقرب أقربائه، ففي قضية الرضاعة تفرض على والديه حقه فيها فرضاً، وفي حضانته حال وقوع الطلاق تقيه قساوة الفراق قدر الإمكان وتُلحقه بحضن أمه، بل إذا تزوجت أمه تحميه من الغريب القادم وتلحقه بجدته، وهكذا..
وفي شرعنا حقوق للأبناء على أهليهم كما للأبوين حق على الأولاد، نعم وأكثر من ذلك..
فلا يسمح الإسلام بقهر يتيم..
ولا يسمح الإسلام بتضييع مال يتيم..
حيث يفرض الشرع الحنيف على والي أمر المسلمين والمسؤولين منظومة كاملة لكفالة الأيتام ، والوصاية عليهم، وحفظ أموالهم ، وتأمين مصالحهم الآنية والمستقبلية، كما اعتنى أيّما عناية باليتيمات ناحية تزويجهنّ، وتوعد وأنذر كل من تسوّل له نفسه الآثمة التعدي على حق من حقوقهنّ، أو التحايل للتخلص من واجباته تجاههنّ (3)..
وللقيط في الإسلام حقوق ، نعم، كل الأطفال عندنا أمانة..
فلو رمت امرأة طفلها لأنه من الزنا والعياذ بالله تعالى، أو رماه رجل خوفًا من الفقر والعياذ بالله تعالى، فيفرض الشرع على من وجده رعايته وحضانته والإنفاق عليه وتعليمه أو جعله يحترف صنعه يتكسّب منها...
ويساعده بيت مال المسلمين في ذلك إن عجز (2)..
والويل لهؤلاء الآثمين في التعدي على الطفولة من عذاب يوم القيامة - وإن نجح المجتمع المسلم في تطبيق منظومة دينه - فهذا المتوقع، ولكن لن يفلت الآثمون المجرمون ممن قتل طفلاً أو جنيناً أو اعتدى على طفل أو ضيّع طفلاً، أصيلًا في النسب أو لقيطاً أو يتيماً.. فيوم الحساب لكل غادر - ضيّع أمانة- حساب عسير.
الله سبحانه وتعالى وصف الأطفال، فقال تعالى: {المالُ والبنونَ زينةُ الحياةِ الدنيا} [الكهف،٤٦]، في إشارة إلى مكانتهم في حياتنا.
وصلى الله وسلم على سيدنا رسول الله الذي قال: « ليس منّا من لم يرحم صغيرنا» حديث صحيح رواه الإمام الترمذي.
إنّ مانراه اليوم من قهر للطفولة عالميًّا، وقتل وتدمير، وسفك للبراءة، وتضييع أمنهم، واللّعب بسلامتهم، وتشريدهم؛ جرائم لا تغتفر..
أين حماية المسلمين، وحرصهم على أطفال فلسطين وسوريا واليمن والعراق ولبنان والأويغور والروهينغا والهند؟؟
أين قيادات المسلمين من العبث بهوية أطفال الغرب، وطمس فطرتهم وتمكين المختلين منهم، واستغلالهم وبيع أعضائهم والمتاجرة بهم وخطفهم؟؟
ما تشهده البشرية اليوم لا يطاق، واستنزاف الأطفال معنويّاً وحرفهم فطرةً والعبث بسلوكهم بالإجبار من مختلين وفاجرين ومتسلطين ونافذين، شيء لم تعهده البشرية يوماً، فمن جزيرة ملعونة يتم اغتصاب الأطفال فيها من متنفذين غربيين إلى شاحنات ممتلئة بأطفال مخطوفين، إلى إجبار نمط شاذ للعائلة على أطفال...
إلى العثور على رفات أطفال من أصل هندي أحمر في ما وصفته السلطات الكندية ب"مجزرة " تحت مدارس الكنيسة..
إلى فضيحة تحرّش بالأطفال البريطانيين طالت عددًا كبيرًا من نواب مجلس العموم في بريطانيا..
وما خفي أعظم.
ضاع أطفال العالم.. هل لهم من منقذين يا مسلمين؟؟
المراجع:
(١) ،(٢)شرح مختصر الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ، محمد زيد الأبياني، ص:٣٠٧، ص٣٥
(٣) حقوق اليتيم في الفقه الإسلامي،أطروحة ماجستير للأستاذة تسنيم محمد جمال استيتي، جامعة النجاح،٢٠٠٧.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن