د.غنى عيواظة: دكتوراه في الفقه المقارن، محاضِرة جامعيّة شاركت في العديد من المؤتمرات الدّوليّة والنّدوات.
زينة الحياة الدنيا
إنّ ولادة الطّفل لَتُزيّن حياة والدَيه بالبشرى وقدوم الخير، قال تعالى:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}
فكيف لو كان هذا الطّفل، هو سيّد ولد آدم،
نبيّنا محمّد عليه أفضل الصّلاة والسّلام،
هو زينة الحياة الدّنيا والآخرة.
به أشرقت الأرض بأكملها بوهج النّبوّة دون أن يعلم أحد حينها هذا السّرّ، إلّا الله العليم المقدّر.
رأت أمّه حين ولدته نورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّام، ليضيء بدعوته بعدها قلوب البشريّة.
هي إرهاصات النّبوّة، ولو عقلها النّاس حينها لما بقي بينهم مشرك، أفلا يعقلها النّاس اليوم؟
تحمّل مشاقّ الحياة منذ نعومة أظفاره، لينشأ برجولة جعلت عمّه أبا طالب زعيم قريش يجلسه على فراشه دون أولاده، بيقين أنّه سيكون لابن أخيه هذا شأن عظيم.
عُرف بشبابه بالصّادق الأمين، ليكون فيما بعد صادقًا في نبوّته، أمينًا على رسالته .
رعى الأغنام لخديجة رضي الله عنها، كما قريش على قراريط، إعدادًا له ليرعى شؤون أمّته دونما راتب ولا تعويض.
جعل التّوازن في كلّ حياته عنوانًا
ففي السّراء شكر، وفي الضّرّاء صبر
مكائد نُصبت له بدل الموائد
فلم يأبه لذلك في سبيل الله
كيف لا وزَرْعُه القادم به شريعة جديدة من عند الله سبحانه، بها حطّم أصنام الجاهليّة، وخزعبلات الأحجار لآلهة مزعومة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وقد افتُتحت سنوات عمره بطير أبابيل في عام الفيل رمت من أراد هدم الكعبة بحجارة من سجّيل، أي من طين تصيب ولا تذر.
رمى بذور الدّعوة في كلّ طريق وجبل وواد سلكه، مرورًا بالغار، وصحن الدّار (الكعبة المشرّفة) ليصل بعدها إلى أبواب يثرب، التي شرّفت باسمه لاحقًا (المدينة المنوّرة).
أصناف المحبّين من الصّحابة تحلّقت حوله، لا تفارق ظلّه إلّا لسريّة دونه، تمضي وتعود بأمره.
وأصناف المنافقين واليهود الحاقدين والأعراب تآمرت عليه، بين رميه بحجر ومحاولات لقتله فباءت بالفشل,
كيف لا، والله سبحانه هو القائل في كتابه الكريم:
{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
اشتاق إليه تراب مكّة وجدرانها؛ فعاد إليها فاتحًا بعد حزمة غزوات انتصر فيها النّصر المبين، ليفتح بعدها مكّة الفتح المبين.
رست دعوته في قلوب المهتدين، وفتحت آفاق محبّتهم نحو خالقهم ليشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدًا عبده ورسوله.
وأبت المدينة المنوّرة إلّا أن تحتضن جسده الشّريف دون مكّة المكرّمة، لتضمّه بين حبّات ترابها، ففازت بالعبق المحمّديّ في الرّوضة الشّريفة بنور حضرته.
إنّنا اليوم في منتصف القرن الخامس عشر هجريّ، ولا زالت نسائم سنّتك تهبّ علينا بتعلّم سيرتك العطرة واقتباس أقوالك واتّباع أفعالك.
فلا ندري،
أهي الشّمس التي تشرق في سمائنا يوميًّا أم أنوارك البهيّة
أهو الماء الذي يسقي عروقنا ويروي ظمأنا أم حبّك السّاكن في نفوس البريّة
أنتغذّى بالطّعام أم بالتّأسّي بأخلاقك النّقيّة
لا ندري فأسرارك صعب أن تحصى أو تعدّ
ولكنّ السّائر على درب سنّتك دومًا
سيصل حتمًا إلى نتائج مرضيّة
صلّى عليك الله ما حنّ قلب ورجا دعاء سماء
وفي ذكرى مولدك نكتب
وعن أنوارك نتكلّم
صلّى الله عليه وسلم
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة