طوفان الأقصى... حتى لا يَغرَقَ الحُكّام
يلفّق رئيس أميركا فريةً لمقاتلي كتائب القسّام، بقوله إنّه رأى صوراً لهم وهم يقطعون رؤوس الأطفال، هذا قبل أن يتراجع البيت الأبيض عن زعمه، وقبل أن تظهر مشاهدُ تدحض هذه الفرِية، ذلك عندما أفرج المجاهدون من كتائب القسّام عن أمٍّ وطفلَيْها، وعندما شهِدتْ مُستوطنة إسرائيلية لقناة '12 العِبريّة' على رحمة المقاتلين الفلسطينيّين، بقولها: 'بعد أن دخلوا قلتُ لهم _باللغة الإنكليزية_ لديّ طفلان، فرَدّوا قائلين: نحن مسلمون لن نؤذيَكم، وهذا ما فاجأني وطمأنني أيضاً'.
أليس تسرُّع (جو بايدن) بحُكمه وتصديقه لأكاذيب الإعلام الصهيوني يؤكّد مجدداً على دعمٍ منقطع النظير للكيان الصهيوني، وبدا هذا واضحاً في تشبيهه حماس بداعش، وإرساله حاملة الطائرات المتطورة (جيرالد فورد) إلى شرق البحر المتوسط في خطوة تخويف وترهيب لكلّ من يرفع صوته ضد 'إسرائيل'.
وبدا بوضوح أكثر عندما اختنق (جون كيربي) متحدث الأمن القومي الأميركي بصوته وهو يبكي على قتلى ' إسرائيل'، وحين تملّكتْ العصبيّة وزيرَ خارجية أميركا (أنتوني بلينكن) الذي استفتح كلمته في 'إسرائيل' التي زارها على عَجل بصفة وزيرٍ يهودي، حيث قال: إنَّ جدّه فرّ من المحرقة المزعومة 'الهولوكوست'.
يصطفّ الغربُ اليوم بما لا ريب فيه إلى جانب المعتدي الصهيوني الذي تأكدتْ هشاشتُه منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، وتهاوى تحت ضربات المقاومة، ويطبقُ الصمتُ إطباقاً مُهيناً على أفواه غالبية حكّام العرب، غير الذين طلبوا _على حرج شديد_ ضبطَ النفْس من الجانب الغزاوي الذي يتعرض أهله اليوم للقتل والدكّ والموت تحت الأنقاض بأكثر الأسلحة تطوراً وفتكاً، غاضّين الطرفَ عن المنتفخين استكباراً، وهم الذين سحلتهم غزة في أول أيام الحرب ومرّغت أنوفهم في الأرض، وجعلتهم عبرةً لمَن يَعتبر، وجعلت من مقولة' الجيش الذي لا يقهر' أضحوكة.
اليوم تتكشف الأغطيةُ فنعلم أنّ الحدود التي رسمها(سايكس_ بيكو) وصنع منها دولاً في أوائل القرن الماضي لم تكن من أجل استقلال الدول وسيادتها، بل من أجل إضعافها وتكريس تبعيّتها للغرب، وامتثالها لأمره في كلّ شيء، بما في ذلك حماية وليدتها المِسخ (إسرائيل).
إذاً هي قناعة، كانت وتتجدد في أنّ الغرب لن يتخلى عن ربيبته إسرائيل، وأنها هي عينُه وعصاه في تأديب العرب وجَني محاصيلهم فوق الأرض وتحتها، وإذلالهم بكل الأشكال، حتى لو تطلّب ذلك الكشف عن النوايا، كبكاء متحدث الأمن القومي لأميركا، وغضب وزير خارجيتها. والسجن لكلّ من يرفع عَلَم فلسطين أو يتظاهر، وحذف أيّ حساب على الفيس بوك يناصر أصحاب الحق..
أمّا عن حكّام العرب المسلمين، فهل يُعقل أن يبقى قسمٌ في حالة الفم المغلق، وآخر في إطلاق كلمات ضبط النفس والدعوة إلى السلام، وغزّة يُطبق عليها من كلّ حَدبٍ وصَوب، وتُمطر عليها آلاف الأطنان من المتفجرات، ويعتلي صراخ أطفالها الفضاء، وتُقطع عنها الماء والكهرباء!
هل فعلاً أنتم مَن يمثّل الشعوب التي انتخبتكم! وهل تبنون قراراتكم الاستراتيجية على نحوٍ يتوافق مع طموحها وكرامتها! أليس في اليد الصهيونيّة الضاربة _التي لم تجد من يقطعها، بل وجدت من يربّتْ عليها ويقويّها_ مهانة لكم ولشعوبكم، فماذا تنتظرون؟!
ألا يتعلّم العاقل من الدرس، بأن قضمَ غزة، الذي يعني بالعُرف العسكري التفرغ للضفة، ومن ثم سيطرة 'إسرائيل' على كامل فلسطين، هو بداية لقضم الدول المجاورة!
ألا يسرّكم أن يذكرَكم أحفادكم وهم في حالة شموخ وإباء!
إلى الأمراء والملوك والحكّام، إنَّ مؤازرة غزّة _ أيّاً كان الضغط الغربي الذي تتعرضون له_ هو شرف لكم، تُرضُون به ربّكم، وتُفرحون به قلوب شعوبكم، وتقابلون به الأجيال القادمة بفَخر.
إنّكم تستطيعون أن تفعلوا الكثير، وإن كَبُر عليكم أن تعدّوا العدّة وتحشدوا الجيوشَ وتستعملوا الأسلحة المتراكمة الصدِئة التي اشتريتموها بملايين الدولارات، فلا أقلّ من أن تعلنوا مناصرةَ أصحاب الحق وإدانة المغتصبين، وأن توقفوا التطبيع الذي ما أتى لكم إلا بالمذلّة وطوّق أعناقكم بقَبولها، وأن تسمحوا للشعوب الثائرة بالتوجّه إلى الحدود.
إنها فرصةٌ قد لا تعود، تجددون فيها العهدَ مع الله، وتكسبون ثقةَ شعوبكم، وتورثون المجد لأمتكم. وإن في فواتها لعارٌ لن تمحوَه الأيام، على حدّ قول ابن ذُهَل:
وأجملُ من حياةِ الذلِّ موتٌ وبعضُ العارِ لا يمحوهُ ماحِ
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة