أطفال غزّة
أطفال فلسطين يولدون رجالًا، يولدون وهم يحملون دَيْناً تاريخيّاً، دَيْنًا مقدّسًا، هو دَيْن استعادة الأرض وحماية العرض، أطفالٌ رضعوا الكرامة من أمّهاتهم، وتعلموا العقيدة الثابتة من ثبات أسلافهم، يشربون الصبر مع حليب أمهاتهم، وينشّؤون على أنواع الآلام فيزدادون قوة وصلابة.
أولُّ ما يتعلَّمُه الطفل في غزّة، وقبل كلمة (بابا وماما)، كلمةُ (حقّي)، يقول: هذه الأرض أرضي، وحقي هنا، وحق أسلافي وأجدادي وأولادي من بعدي. يلعبُ مع أقرانه فوق الدمار، ويرى بأمّ عينيه الجثثَ والدماء، لكنه على الرغم من كل الأوجاع التي في داخله، ينظر إلى السماء وقلبه ممتلىء بالأمل، لا يخاف الصعاب.
هذا الطفل يكبر، ليصبح مشروع شهادة، وربما لا يتسنى له أن يكبر فيستشهد برصاصة عدو، بل قد يستشهد تحت ركام منزله، أو في سيارة الإسعاف التي تسعفه، أو على سريره في المستشفى بعد ما أجريت له عملية دون بنج لإنقاذه.. كثيرة هي الاحتمالات المتاحة لاستشهاده.
هذا الطفلُ الفلسطيني_ والغزّاوي خاصةً_ يولد ويكبر ليطالب بحقوقه المغتصَبة التي أصبحت أحلامًا، يحلم بسماء صافية لا صواريخ فيها، وبأرض خضراء طبيعية دون ركام، وببيت سقفه إسمنتي وليس خيمة، ببيت دافىء وأسرة موجودة أو بالأحرى مكتملة، بل يصل فيه الحلم لعودة قدمه التي بُترت ليلعب بالكرة، لتعود يدُه التي قطعت ليتحسس بها الأشياء من جديد، لتعود عينه ويعود سمعه وبصره.. أشياء كثيرة فقدها، ويحلم باستعادتها، وفي عقيدته هي صغيرة إذا ما قورنت بالحلم الكبير: الوطن؛ وطن يحفظ الهوية والكرامة، وطن لا يقبل أن يكون فيه لاجئاً، وطن يحميه من الشتات.
ولو تساءلنا عن سبب تقصّد قتلهم من قبل الكيان الصهيوني الوحشي، فالجواب هو أنّ الصهاينة يعرفون أنّ أطفال غزّة بناة المستقبل، هم يفرحون بتمزيق أعضائهم الطرية، لأنهم يدركون أنّ أولئك سينتصرون عليهم عندما يكبرون، وأنهم سيحررون أرضهم، وهذا ما يقضّ مضاجع العدو القذر.
وإننا على يقين بأنَّ الدماء التي تهرق على أرض فلسطين ستروي جذور النصر، فالنصر آتٍ بإذن الله، على يد أطفال غزّة وفلسطين، ونسأل الله أن يكون ذلك قريبًا.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!