ما أن نسمع ذاك الصّوت، حتى نُسرع للالتفاف حول نبراته المُعطّرة، نستمعُ لصوته الرّاقي، ولكلماته الشّجيّة، ولعيونه البرّاقة بالأمل المُستمرّ، نجدُه دائما يبشّرُ النّاس بالخير القادم، وبجنّة عرضُها السّماوات والأرض، إنّهُ الشّهيدُ الحيُّ بإذن اللّه الشّيخ الدُّكتُور وائل الزّرد.
صوت فيه من الرُّوحانيّات ما فيه، نتلهفُ بكُل شوق لمشاهدة برامجه عبر شاشة التّلفاز، خاصّة في شهر رمضان، كلماتُهُ تطرقُ مسامعنا طرقا، وتحُثّنا على فعل الخير المُستمرّ، لا أجمل من ذاك الدُّعاء الّذي نسمعُهُ في ليالي رمضان المُباركة، عبر البثّ المُباشر لإحياء تلك اللّيالي، عُرف الشّيخُ وائل الزّرد بصاحب الدُّعاء الطّارق لأسماعنا، والباحثُ عن هُمُوم الأُمم العربيّة والإسلاميّة، ليطرُق باب اللّه عزّ وجلّ ويدعُوهُ ليفُك تلك الكُرُبات، لكنّ؛ بكُلّ حُزن رحل هذا الشّيخ بعُمر صغير تاركا لنا إرثا كبيرا لهُ، لعلّها تشفعُ لهُ عند ربّه، وهذا ما يجبُ علينا فعلُهُ أن نستمرّ في إحياء مورُوثه الشّرعيّ الّذي تركهُ لنا .
من هُو الشّهيدُ الشّيخُ وائل الزّرد؟
اسمُهُ: وائل مُحيي الدّين سيّد الزّرد، وُلد في 24 ديسمبر 1972، واستُشهد في 13 أُكتُوبر 2023، مُتزوّج ولهُ ثمانيةُ أبناء. حياتُهُ العلميّةُ: تخرُج في مدرسة فلسطين الثّانويّة بتقدير جيّد جدّا عام 1990، حفظُ القُرآن بعد التّخرُّج بعامين، ثُمّ في عام 1995 حصل على درجة البكالُوريُوس بتخصُّص أُصُول الدّين، وبدأت رحلتُهُ الدّينيّةُ مُنذُ تخرُّجه، اُختير ليُمثّل فلسطين في مُسابقة حفظ القُرآن الكريم في مكّة، ثُمّ نال شهادة الماجستير في تخصُّص الحديث من الجامعة الإسلاميّة، وأكمل داستهُ في الجانب الشّرعيّ ليحصُل على شهادة الدُّكتُوراه من جامعة عين شمس المصريّة.
عملُهُ:
اشتهر مُنذُ عام 1996 بإمامة المسجد العمريّ الكبير في غزّة (وهُو أقدم مسجدٌ في غزّة)، وشغل مناصب عدّة في الجامعات الفلسطينيّة، حيثُ عمل مُحاضرا لموادّ الفقه والشّريعة، وترأّس مركزٌ (مُلتقى الفضيلة النّسائيّ)، المُهتمّ بقضايا النّساء، وشغل منصبُ رئيس مجلس إدارة جمعيّة التّيسير لزواج الشّباب ؛ لذلك شاهدناهُ في كثير من حفلات الزّواج الجماعيّة لشباب غزّة، حيثُ أقام حفلا كبيرا للزّفاف الجماعيّ في منطقة الشّاطئ.
مُشاركتُهُ العلميّةُ:
لهُ الكثير من المُشاركات العلميّة وذات الأثر الواضح في الواقع الفلسطينيّ، لكنّنا لا نستطيع أن نذكُر الكمُّ الهائلُ من مُشاركته، ونقتصرُ الحديث على مُشاركته في مُؤتمر كبير ليُقدّم لنا رسالةٌ بعُنوان "دور المساجد في إنشاء رُوّاد الغد "، ولهذا كان لهُ الدور البارز في دور تحفيظ القُرآن وتفسيره والمُخيّمات الصّيفيّة الّتي تُعقدُ لحفظ القُرآن في غزّة. ولم ينس الواقعُ المُظلمُ في الحياة وهُو القتلُ غدرا، حيثُ شارك في مُؤتمر "لا لجرائم القتل في بلادنا". ولأنّهُ يعلمُ أثر الإعلام على الرّأي العامّ، حرصُ أن يكُون لهُ برنامجا تلفزيُونيّا في فضائيّة الأقصى بعُنوان: "ورثةُ الأنبياء" وبرنامج "دُرُوس العصف المأكُول"، وهي إحدى الحُرُوب الّتي شنّها الاحتلالُ على غزّة.
مُؤلّفاتُهُ:
من أهمّ المورُوث الثّقافيّ لهُ: كتابُ مظاهر الجاهليّة كما تصوّرها نُصُوص السّنة، كتابُ الدّعوة والدّاعية، ومُقرّر الدّعوة مناهج وقواعد.
مواقف حياتيّة :
قبلُ العُدوان الأخير على قطاع غزّة، انفجر جسمٌ مشبُوهٌ بمجمُوعة من الشُّبّان بالقُرب من السّياج الفاصل، وكان فلذةُ كبده ضمن الشّباب، وهُو الشّابُّ براء الزّرد، حيثُ اُستُشهد بهذا الانفجار، وتمنّى أن يُلحق به سريعا، وكان اللّهُ لم يُحب لهُ انفطار قلبُهُ على فقدان ابنه، حتّى لحق بابنه براء شهيدا في قصف جبان على منزله بعد فترة وجيزة لا تذكُرُ، ولكنّ وكأنّهُ يُودّعُ أُمّتهُ فقد نشر في صباح يوم القصف على موقع تُويتر "صُلّيت الفجر في المسجد وأصوات الطّائرات والقصف لا يُفارقُ أرض غزّة دقيقة واحدة..."، كأنّهُ يُريدُ أن يتحدّث معنا بقوله: لا تترُكُوا الصّلاةُ مُهمّا حدث فهي المُنجيةُ الواقيةُ حتّى في أهلك الأوقات. وكان كثيرُ التّحدُّث عن أهمّيّة الهمّة العالية والابتعاد عن اليأس، حتّى لو أمعن الكُفّارُ في ذبحهم، يُخاطب الشّعبُ دوما، يتّصل بهُم في كُلّ وقت، يُحفّز المُقاومة على الاستمرار ويبُثُّ الأملُ في النّصر القريب. ها هي حياةُ الشّيخ الدُّكتُور وائل الزّرد أمامكُم، ولكم الخيار في مُتابعة ومُشاهدة برامجه القيمة، وخُطبُهُ المُنتشرةُ على مواقع التّواصُل الاجتماعيّ، إنّ كُنت تُريدُ الأمل فاسع لمُتابعة مورُوثه، وهذا أقلّ من نستطيعُ أن نُقدّمهُ لهُ بعد وفاته.
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة