داعية، مسؤول فرع جمعية الاتحاد الإسلامي في البقاع وعضو هيئة علماء المسلمين في لبنان
دور الإعلام والأدب والرواية الفلسطينية في 'الطوفان'
كتب بواسطة يوسف القادري
التاريخ:
فى : المقالات العامة
951 مشاهدة
أكثرُ البشرية لهم فُضولٌ في تتبُّع المغامرات والبطولات والمفاجآت، وأخبارِ الشجاعة والنَّخوة والفتوة، والقصص والروايات، والأناشيد والصوت الشَّجِي... ويُقَلِّب الناسُ اليوم أنظارَهم باحثين عن هذه المعاني في الأفلام وتقاريرِ التوثيق المرئية والتسجيلاتِ المسموعة، كما كانوا يهتمُّون قديماً بكُتب القصص والروايات الورقية، أو مجالس النوادر والذكريات الأُسْرية مع الأجداد والجدَّات أو مع حكواتي الدِّيوان.
ومع اشتعالِ معركة (طوفان الأقصى) السبت ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م استيقظ في الأمَّة الاهتمامُ بفلسطين بشتى أشكال الاهتمام (كالتعرُّف إلى واقع القضية، وتاريخها، ومناصرتها بالمال والجهود والدعاء...)، بعد فترةِ سُبات طويل لدى الكثيرين.
فكلمةُ الناطق العسكري (أبي عبيدة) كل عدة أيام يتلقّفُها الملايين مباشرةً وفي ساعات بثِّها الأولى. وتتوالى التحليلات لكلماتِه وصوتِه وإشارات أصبعه، ثم تلجأ شريحةٌ واسعة من الإعلاميين والعسكريين يوميًا إلى تحليل التطورات الميدانية، على رأسهم اللواء المتقاعد فايز الدويري الذي حبَاه ذلك المجاهد وسامَ الشرف الميداني: "حَلِّلْ يا دويْرِي!".
كما أعطى المراسلُ الغزّاوي وائلُ الدحدوح نموذج الإعلاميِّ الإخباريِّ المجاهد بالكلمة، من خلالِ تغطية الأحداث وكشف الحقائق من "مسافة الصفر"، ولمّا أُصيب في محاولة تصفيةٍ أَبَى إلا متابعة عملِه فورَ تضميد جِراحه الجسدية بعد فَقد معظم أسرتِه في الغارات الصهيونية المتتالية التي ارتقى في آخرها نجلُه حمزة رحمهم الله.
وهكذا أعلامٌ، وإعلاميُّون واعدون على الرغم من حداثة أسنانهم؛ كالفتى رمضان أبو جزرة، والفتى عبود وغيرهما. وكذلك المُنشدون والشعراء ومنظِّمو الندوات على تنوُّعها.
فاللافت في هذا "الطُّوفان" أنه أمواج متنوّعةٌ من الاختصاصات والطاقات، داخل فلسطين وخارجها.
ولعل من أهمِّ القوى المعطَّلة التي تَفعَّلَت: سِيَرُ أعلام فلسطين المعاصرين، والروايات الأدبية، والقصص التي تعكس ملامح ومحطات فلسطين التاريخية؛ وهنا أنوِّه بعدد من تلك الكتب لأهميتها وهي:
- "أمير الظِّل: المهندس عبد الله البرغوثي": هو المحكوم بالسجن عند اليهود لأكثر من ٧ آلاف سنة! كتابٌ أعجوبةٌ من أدبِ السجون، ساحرٌ بأسلوبه، مذهلٌ بعَظمة إنجازات كاتبه العملاق في مواجهة العدوِّ المحتل، لن أختصرَ مضمونَه الرائع فذلك قد يشوِّهه. ويكفي أن تَعرف أن القائد الجعبري - رحمه الله - ذكر في مقدمة الكتاب أنه جديرٌ بأن يقرأه كلُّ مسلم! وللكتاب جزء ثانٍ بعنوان: "الشهيد الحي" يُكمل فيه مشاهد من اعتقاله في أقسى ظروف العزلة الانفرادية والتعذيب، والصراع الفكري والعقائدي مع الشيطان.
- "شاهِدٌ على عصر الانتفاضة: الشيخ أحمد ياسين" هي مقابلةٌ أجراها معه الأستاذ أحمد منصور على قناة الجزيرة، ثم تمَّ تفريغُها في كتاب.
- "خمسةُ آلاف يوم في عالم البرزخ" أحدث مذكرات الأسير حسن سلامة، الصادرة سنة ٢٠٢١م، فصَّل فيه ظروفَ تنقُّله بين زنازين العَزل في سجون العدوِّ لنحو ١٤ سنة.
وهذه غير مذكراته القديمة الشائقة التي صدرت سنة ٢٠٠٢م بعنوان: "المعتقل القسَّامي حسن سلامة" سطَّر فيها تفاصيل عمليات الثأر المقدَّس التي خطَّط لها ونفَّذها بعد استشهاد أستاذِه المهندس يحيى عياش رحمه الله.
"الشوك والقرنفل": رواية من أدب السجون، صاغها الأسير المحرَّر يحيى السِّنوار. أحداثها تحكي واقعَ الشعب الفلسطيني، وكيف فتحَ بطل القصة "أحمد" عينيه في مخيم اللجوء، فوصف تفاصيل حياتِه وآلامَ الاحتلال ومراحل التطوُّر الاجتماعي والديني والعسكري التي مرّ فيها الشعب الفلسطيني، كلُّ ذلك بأسلوبٍ فنِّيٍّ جذّاب، وتفاصيلَ دقيقة.
ومن الإسهامات الإعلامية أيضًا:
- مسلسل "قبضة الأحرار" الذي أنتجته قناة الأقصى الفضائية وبثَّته في ٣٠ حلقة. دون أن يلتفت اليهود إلى خطره، وهو عمل فنيّ يُحاكي أحداث طوفان الأقصى! فاستحق الثناء العالي والتكريم من يحيى السنوار في أيار سنة ٢٠٢٢م.
- كما أرَّخ فيلمُ "الأسطورة عماد عقل" المهم النافع لشخصه ولحِقبة زمنية عايشها بما في ذلك انطلاق حماس ومنهجها التربوي.
- "شهيدة الفجر" قصة هنادي المدبوح أميرة الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح التي توفيت سنة ٢٠٠٩م بعد إصابتها بالسرطان. كتبها زوجها رامي عبد اللطيف.
- "ميمونة": رواية واقعية لفتاة نابلسية عمرها ١٥ سنة سجنها اليهود، أجرت القناة التركية العربية معها مقابلة بعد تحرُّرها، فوثَّق د. محمد بابا عمي قصتها في رواية صادرة عن دار وحي القلم سنة ٢٠١٤م.
- وسطّر المهندس إبراهيم غوشة الناطق الرسمي السابق لحماس مذكراتِه ومهماتِه في كتاب "المئذنة الحمراء" الصادر عن مركز الزيتونة.
- وقد أبدع المؤرّخُ الأستاذ محمد رَجَب البَيُّومي رحمه الله في عنوان موسوعته: "النهضة الإسلامية في سِيَر أعلامها المعاصرين" وضمَّنها أخبار مئات الشخصيات بمن فيهم عظماء فلسطين.
هذا غَيْض أكتفي به من فَيْض، فهو نماذجُ من الكتب النافعة وهي كثرة، والأعلام المؤثِّرين في مسيرة فلسطين قديمًا وحديثًا، فلـلدكتور توفيق الواعي "موسوعة شهداء الحركة الإسلامية" في العصر الحديث، من 5 مجدات ضخمة؛ تضمَّنت التعريف بمئات الشخصيات ممن قُتل في سبيل الله، بينهم الكثير من أهل فلسطين.
كما عرّف د. عبد المجيد الفراني وعون العلوي في كتابَيْهما "أعلام النساء الفلسطينيات" دار العلوم العربية ط١/ ٢٠١٣م بمئات الشخصيات.
وأَضرب صَفْحًا عن ذِكر كتبٍ أرَّخَت لواقع فلسطين وأعلامِها ولو لأدباء مَهَرة ربما كان بعض نِتاجهم مسدَّدًا، لكن تلوَّثت أفكارُهم وكثيرٌ من كتبهم بفساد العقيدة، أو خبث الرذيلة.
ولا يفوتني التذكير بأن فلسطين مسرى رسول الله ﷺ، وقد زارها عدد كبير من الصحابة فاتحين ثم مرابطين، جمع د. أسامة الأشقر ٢٢١ من الصحابة والصحابيات في كتابه "موسوعة الصحابة على أرض فلسطين"، وقد تتبَّع جهودَهم د. أسامة أبو نحل في كتابه "الصحابة وأدوارهم على أرض فلسطين".
وإنه لَجهادٌ... نصرٌ أو استشهاد.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
رسالة إلى طلّابنا الأعزّاء
إلصاق الإرهاب بالإسلام.. تحقّقٌ وجواب!
اضطراب هوس الاكتناز القهري
ابتسامة رضا
وقفات قافية.. مع السيرة النبويّة