ومن يتق الله

 منى زعرورة

بعد 4 سنوات من الجهد... تخرّجت ندى من الجامعة بتفوّق، وعندما نالت شهادتها بيدها تنفّست الصعداء وقالت: (منذ اللحظة بدأت مسيرتي).

وفعلاً بدأت ندى مسيرتها في البحث عن العمل، وكانت كلّما قرأت إعلاناً عن وظيفة في جريدة سارعت إلى تقديم سيرتها الذاتية إلى الشركة إلى أن طلبتها إحدى الشركات فخضعت إلى امتحان نجحت فيه ومن ثم إلى مقابلة وضعتها على مفترق طرق حين بدأ بإعطائها إرشادات ما قبل العمل: ((لكي تكون شركتنا ناجحة يهمنا أن تكوني حسنة التعامل مع الزبائن، تتمتعين بابتسامة مشرقة وقولاً ليناً وأن ... تنزعي حجابك حتى تكوني أكثر جمالاً)).

صعقت ندى لما سمعته وصمتت مندهشة... فقال لها المدير: ((أتفهم أن هذا الأمر سيكون صعباً عليك، ولكنك بعد ذلك ستعتادين وجدتك كفؤة ولا أريد أن أخسرك ولكن ذلك من مقتضيات العمل وسأمنحك فرصة للتفكير)).

خرجت ندى مذهولة ومنزعجة تفكّر حائرة، ولقد أصبحت بين مطرقة الحجاب وسندان العمل: ((رحماك يا رب... لقد تحوّل حجابي إلى عائق في طريقي للعمل... لا أريد نزعه ولكني بحاجة للعمل)).

سارعت ندى إلى اللجوء لصديقة طالما ساعدتها تشكو إليها ما هي فيه. فلم تتوانى صديقتها هبة عن نصحها: ((إياكِ يا ندى أن تفعلي ذلك... أنت تلبسينه  منذ 7 سنوات، أتنزعينه الآن من أجل بضع مئات من الدولارات وتغضبين الله عزّ وجلّ... لا يا ندى... لا تبيعي حجابك بعرض من الدنيا قليل وزائل... إصبري وأيقني أنه: ((ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)).

أخذت ندى بنصيحة هبة، وعاهدت الله أن تصبر وأن لا تفكّر مجدداً بأن تتخلّى عن حجابها مقابل أي شيء.

وها هي إلا أيام حتى وصل لندى طرداً من الجامعة يخبرها بأنّ إحدى الشركات الكبرى المعروفة طلبت مواظفاً وأن الجامعة ارتأت لاختيارها نظراً لتفوقها وجدّها.

((الحمد لله))... الآن وجدت ندى ثمرة صبرها وتقواها وأدركت أنما الدنيا بيد خالقها سبحانه وتعالى وعرفت معنى: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا)).