وصلت الرسالة
بقلم: إنصاف درزي
ذهبت وأمي إلى السوق لتشتري لي جلباباً جديداً كان يومها الطقس حاراً، إستقبلنا الباص ومن حسن حظّنا لم يكن مزدحماً، وبعد مسافة قصيرة صعدت تلميذتان جامعيّتان تحملان بعض الكتب والقراطيس، وترتديان من الثياب أحدث ما توصل إليه الشيطان. وما إن جلستا حتى بدأتا تتأففان من حرارة الطقس وسرعان ما وقع نظر إحداهما على فتاةٍ محجّبةٍ ترتدي جلباباً شرعيّاً وسألتها بجرأةٍ: ألا تشعرين بالاختناق وأنتِ ترتدين هذا اللباس؟!
وبالرغم من صغر سنّها أجابتها بذكاءٍ: حالي وحالك واحد يا عزيزتي... ها أنت خففّفتِ من ثقل الثياب ما شئتِ، وما زلتِ تشتكين الحرّ، أمّا أنا أبتغي مرضاة الله صابرة على ما أمرني به من الفرائض لأفوز بجنّة عرضها السموات والأرض حيث الحياة الأبديّة والسعادة الحقيقية التي لم تخطر على بال بشر. وابتسمت الفتاة ابتسامة خجولة ونزلت مع صديقتها إلى حيث تقصد. ودعوت لهنّ بالهداية عسى أن تكونا قد تأثّرتا بحديث تلك الشابة الصغيرة التي ذكّرتني بالآية الكريمة: "كنتم خير أمّةٍ أُخرِجت للناس تأمرون بالمعْروف وتنهوْنَ عن المنكر".
وصلنا أنا وأمي إلى السوق وبعد أن انتهينا التقيت بابنة عمتي صُدفة والتي لم أرها منذ مدّة طويلة فسلّمت عليها بحرارة ووعدتها أن أزورها قريباً خلال عطلتي الأسبوعيّة... فحالها كحال الفتيات في هذه الأيام يرتدين أنصاف الثياب، يخرجن متبرّجات متعطّرات لا خجل ولا وَجل ولا من رادعٍ ولا رقيب سوى الله. وقد زيّن لهم الشيطان أعمالهم.
أحزنني حالها وأحسست بواجبي نحوها بأن أُسدي إليها ببعض النصائح خلال زيارتي لها عسى أن تهتدي بإذن الله، لا سيما وأنني أحبها وأخاف عليها من عذاب جهنّم، وصرت أدعو لها عند كلِّ صلاة فجرٍ، ولم يمضِ علينا وقتٌ طويل وقبل أن أزورها بيوم واحد دخلت علينا أختي الكبرى تزِفُّ إلينا البُشرى قائلةً: "أتدرون أنّ ابنة عمّتنا سعاد تحجّبت وارتدت الجلباب الشرعي!"، سألتها وبدهشة: "أحقاً ما تقولين؟"، "أجل لقد رأيتها بأمِّ عيني". ذرفت دموع الفرح وركعت سجدتين شكر لله ودعوت لها الله أن يُثبِّتها وما زلت أحمد ربي مردّدة: "شكراً يا الله لقد وصلت الرسالة".
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن