وصية الأعرابية
هذه لمن تتمنى أن ترى لعش الزوجية رايات سعادة خفاقة، لا بد أن تحيا - ولو قليلاً - مع وصية أم إياس لابنتها ليلةَ زفافها، ولتقفْ عليها وقفاتٍ - ولو خاطفةً - لتتضح أمامها حكمة وعظمة تلك المرأة، منها:
• لعل تلك الأمَّ المربية حاولتْ تسليم ابنتها مفاتيحَ السعادة المعنوية، تاركةً أمورَ المعاش والكدح للرجل.
• المتأمل نصائحها يراها تحرص على المبادرة للخير، والبدء بالعمل الطيب؛ فالمنشئ للأعمال الطيبة والفاضلة غيرُ ذاك الذي يدفعه ردُّ الفعل لردِّ الجميل الذي أسدي إليه.
• حرصت الأمُّ على تعليم ابنتها أفانين أداء الأدوار كاملة، دون الالتفات للآخرين، حفظوا أم ضيَّعوا
• حدَّدت الأم ما تريده من ابنتها بالضبط، ولم تتحدث عن مساحة واسعة مما لا تريد، وهذا مبدأ تربوي اجتماعي في غاية الأهمية.
• تلك المرأة جعلت استقرارَ وسعادة الأسرة الناشئة نصبَ عينيها؛ فقد صبَّتْ من دلو تجربة أيامها في دلو ابنتها الشحيح، ولم تترك دلوَ ابنتها يمتلئ بفعل الأيام كما تفترض بعض الأمهات.
• أعطت ابنتها مفتاح إدارة الوقت، وكم تتفنن النساء عامة، والشابات خاصة في إضاعة الوقت، وهدر الطاقات، وتشتيت القدرات! فالأم التي تحرص على إدارة الوقت هي في قمة الرقي والتطور والعطاء، وقد بذلتْ لابنتها هذا المفتاح الذهبي، على أن هناك مفاتيحَ ذهبيةً أخرى، لعل منها النظر إلى الأحماء، وحسن معاملتهم، وإعذارهم؛ لأنهم من بيئة أخرى، وعندهم منشأ غير منشأ العروس
ومن المعروف أن من تمام نجاح الزواج توطيدَ علاقة كِلا الزوجين مع أسرة أحمائهما، واعتبار أن الزوجين هما ابنان جديدان لأسر الأحماء
• يبدو أن تربية الأم لابنتها تتفق والتربيةَ الوقائية، التي هي من السمات الهامة للتربية الإسلامية
• إذا علمنا أن تلك الأم لم تقم بزيارة ابنتها إلا بعد عام من زفافها، أدركنا عِظَم الثقة التي منحتها لابنتها؛ لأنها معدَّة إعدادًا يليق ببنات الأسر العريقة؛ إذ إن آداب الحياة الزوجية تحتاج إلى إعداد مكين
• وبعد، فيا لسعادة من تأمَّل تلك الوصية العظيم
تأنق النهاية
لعل ما يدعو للقلق حقًّا توتر الحياة الزوجية الناشئة، ووضع نهاية لها قبل نهاية الحياة، ونحن أهلٌ لتعريف العالم بما بين أيدينا من كنوز الكتاب والسنة التي نتجاهلها.
حالُ الأسر المتصدِّعة، وددت جاهدة ألاَّ أعتبرها ولا أعترف بها؛ لكن ضغوط الواقع تشدني شدًّا إلى ساحته؛ إذ إن نسب أبغض الحلال إلى الله عاليةٌ بصورة مقلقة، والأدهى من ذلك أنها غير مسبوقة ولا مقبولة، ونحن نودُّ لأبنائنا أسرةً قوية متحابة متماسكة، نعتز بكونها لبنةً في بناء أمة رائدة سائدة
ولعلي في هذه العجالة وضعتُ بعض الرخاميات التي ارتأيتُ بعد الجهد والاجتهاد، آملة أن يضيف الزوجان كل فترة ما هو جديد، باعتباره دستورًا لأسرتهما؛ كي لا تتصدع؛ بل لتزداد مع الأيام تماسكًا وعطاء؛ لتغدو قِبلةً للناظرين، فلو تفيَّأت الأسرة الناشئة ظلال شيء من مبادئنا العظيمة الرائدة، لأغلقت الأبواب أمام تيارات الفساد والإفساد، وكوابيس الانفصال، ولنَعِمَ الزوجان بحياة حلوة هانئة رغيدة، لا أقول: كتلك التي كانت تختم بها قصص الأطفال؛ بل أكاد أجزم أنهما سيعيشان حياة سعيدة، أروع مما يطوله الخيال، ولا غرو؛ فقد عاش بعض الصالحين ذلك إذ قال: تزوجت امرأة عشت معها بضعة وعشرين عامًا، فما غضبتُ منها سوى ليلة واحدة، كنت لها فيها ظالمًة
والحمد لله رب العالمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة