وَمَنْ للغاية الكبرى إذا ضمرت أمانينا؟
إنّ العنوان السابق، هو جزء من قصيدة بليغة فاتنة، تلامس شغاف القلوب التي تنوء بهمّ الدعوة الإسلامية وعمارة الأرض كما أمرنا الله تعالى، كتبها شاعر موجوع أرزت به أحوال هذه الأمة وما حلّ بها من تداعي الأمم عليها كالأكلة على قصعتها.
ومثل هذا الشاعر كثير من أبناء هذه الأمّة الولود، التي لم تعقم عمّن آمن بنصر الله الموعود، وأنّ المستقبل لهذا الدين، وأنّ المسلم مكلّف بالسعي وإنْ لم يقطف ثمرة غرسه، فحسبه أن يتعاهد بذره، وسيأتي يوماً من يستظل بشجرةٍ هو من بذر بذرتها، ويقطف ثمرتها هنيئاً مريئاً.
ومن هؤلاء الذين رأيتهم في حياتي، الداعية المربية أم علاء قاطرجي رحمها الله، وليس هذا أوّلَ مقام أذكرها فيه، ولكن تجدُّد الحوادث يجدِّد الذكرى، وقد تيسر بفضل الله تعالى إتمام دراستي في مرحلة الماجستير من جامعة الملك سعود بالرياض، واخترتُ لبحثي موضوع: (القنوات الفضائية الإسلامية وعرضها لحقوق الإنسان في الإسلام)، لأهمّية الجانبين معاً: الإعلام الإسلامي، وحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية.
أمّا اختياري لهذا الموضوع، فقد أتى من باب أهميته، إذ إنّ من الجوانب الاجتماعية المهمة التي أَوْلاها الإسلام رعاية خاصة، جانب الحقوق، سواءٍ الحقوق الفردية (كحق الطفل، حق المرأة) أو الحقوق الجماعية (كحق الشورى، حق الأسرة، حق الحماية،.. الخ)، فهذه الحقوق قد أحيطت بإطار صارم من التنظيم الدقيق، والقنوات الفضائية الإسلامية محملة بعبء نشر هذه المفاهيم المهمة، وترسيخ الوعي الحقوقي لدى الشعب، خاصة وأنّ لهذه القنوات قاعدة جماهيرية واسعة من المشاهدين في العالم العربي.
وأمّا شاهد هذا المقال، فهو في الإهداء الذي صدّرتُ به رسالتي، فمن عُرف الدراسات البحثية؛ أن تُسبق بإهداء يكتبه الباحث لمن كان له يدٌ عليه، من والد أو قريب أو معلم أو صديق، أمّا أنا فقد وقفتُ أمامه طويلاً، فوالداي لهما عليّ كبير فضل، وكذلك عدد من المعلمات والقريبات والصاحبات، ولكن فؤادي كان يتوق لتلكم المرأة الفاضلة، السيدة اللطيفة، المعلمة المربية، التي تعرفتُ عليها في بيروت عام 1427هـ -2006م، والتي أرتني وجهاً مشرقاً لعالم الدعوة في لبنان، رأيتُ فيها الكفاح والصبر والعلم والخُلُق و.. الثبات!
ولأنّها رحلتْ وتركت لنا إرثاُ من العلم والعمل والوصايا، فقد استخرتُ الله وعزمتُ أن أُهْدِيَها ثمرة الجهد الدراسي، وأنْ أَشْرُف بكتابته ذلك الإهداء في صدر كتابي المطبوع، ولقد كنتُ أرقم الكلمات بدمعي قبل حبري، لأنّها علمتني دوماً ألا توقفني الأعباء، وألا تقعدني المسؤوليات، وأن أستمسك بالوحيين، لقد كانت أنموذجاً حياً لوصاياها رحمها الله تعالى.
لقد كانت تؤمن دوماً رحمها الله، بأنّ الدين منصور بنا وبدوننا، وكانت وصيتها الدائمة لي، أنّ أكون من جند الله في هذه النصرة، وأن أسعى ليرزقني الله هذا الاصطفاء، لقد غرست في قلبي تلكم البذرة، واليوم أقطف أولى الثمار، وأنا أردد:
فمن للأُمّة الغَرْقى إذا كنا الغَريقينا؟
ومن للغاية الكبرى إذا ضَمُرت أمانينا؟
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة