عالم جميل
عندما نجلس على مَقْعَدٍ غُرِسَ وسط أرض خضراء تظلّلها سماء زُخرفَتْ بالسُّحُب، وشمس تَلاعَبُ فتغيب تارة وتظهر تارة، ونسمات تشارك المشهد فتزيده لطفاً ورِقّة وجمالاً.
وعندما يهدينا أحد هدية أو يقدم مساعدة أو يبتسم ويتلطّف، فإن شيئاً في داخلنا ينتعش ويبتسم إحساساً برِقّة المُهدِي أو جمال خُلُقِه.
وعندما يُطربنا صوت جميل وضحكة طفل نقيّة خلَتْ من الصّفرة والمكْرِ، فإننا نعزِل أنفسنا عمّا يُكَدِّر ويؤلم ويُحزِن، ولا نرى إلا عالماً نقياً جميلاً.
وعندما نصلّي ونخشع وندعو ونبكي بين يدي الله، فإن طمأنينة ورضا وراحة ستغسل قلوبنا وأعضاءنا، من شدة ما ألقي فيها من جمال.
عندما تعجبنا مواقف الرجولة، وطباع الأنوثة كما فَطَر الله؛ فإن فخراً يغمرنا لجمال رجالنا ونسائنا...
كم ننسى همومنا عندما نلاعب قطة أو نراقب غريزة أمومة عند الحيوان..
نبتسم دون شعور أمام لوحة من إبداع فنّان، أو إعجاباً بانتقاء شاعر لتلك الكلمات، أو ذكاء ذكي في قدرته على تلك الحلول والابتكارات.
الآباء والأمهات أحلى ما في الحياة وأجمل، الأبناء والمال هم الزينة والسعادة، الطعام والشراب والنظافة والشراء والأمان والأصدقاء... حياتنا مليئة بلا حدود بما يُجَمّلها ويزينها.
الجمال هبة الله، يُكْسِبُ حياتنا طمأنينة وراحة وإبداعاً وشاعرية وفناً، فيه سعادة قلوبنا وطَرَب أسماعنا ولَمَعَان عيوننا وبَرِيق أيامنا..
دائماً نرى الجمال، دائماً يشوِّه صاحب العقل الجميل هذا الجمال، يشوِّه لسانه وأخلاقه بما يلفظ من قول وينسى الرقيب، ويشوِّه الشوارع والطرقات وهو نفسه نسمعه في مجالسه يعطي دروساً في رُقِيّ الأخلاق والتصرّفات، أما من يرتشي ويسرق فيشوِّه ويدمِّر اقتصاداً نظمه لنا ووضع قواعده إسلامنا الجميل، وهناك من يستمرّ في العصيان والطغيان فيتغلّف قلبه بالرَّان القبيح ليتحول إلى قلب ميت لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
وللمرأة شأن آخر مع تشويه الجمال الطبيعي، فهي ترسم حاجِبَيْها بطريقة لا أفهم منها سوى أنها شوَّهت شكلها، وصبغت شعرها بالأبيض والأزرق والأخضر لتبدو وكأنها قادمة من كوكب غير الأرض، والأسنان غُلِّفت بطبقة شديدة البياض لتصنع ابتسامة هوليود، وأظافر ألصقت فوق الأظافر، والعيون أثقلت برموش رُكِّبت فوقها، والشعر وُصِل والشفاه نُفِخت والشحم أُزِيل بعملية تجميل.. ليس ذلك مقتصراً على نساء في الأفلام، بل هنَّ بيننا ومعنا.
محطات لا تركّز إلا على المرأة كيف تنشغل كلّ الوقت بزينتها وتَبَرُّجها، فأصبحت الفتيات وحتى النساء الكبيرات غيرَ راضيات عمَّن خلقهن ولا عن أنفسهن و يبحثن كلَّ الوقت عمّا يغيّرِ خَلْقَهُنَّ!
بعضهن حُجَّتهن إرضاء الزوج، لكن الزوج لا يريد كل ذلك، يكتفي منها بالنظافة واهتمام معقول بالمظهر، ويبحث عن اهتمام به وبأبنائه، وحنان ولُطْف واحترام وتقدير وطاعة.
قال أحدهم: تزوجْتُ امرأة أخرى.
سأله الآخر: لماذا؟
قال: يكفيني أنها تصحو صباحاً تُعِدُّ لي فطوري، بينما الأخرى لا تدري عني ولا عن أبنائنا متى نخرج ومتى نعود!!
النفس الجميلة سترى الجمال في كل شيء، كل شيء دون مبالغة حتى في الشدائد، لأنها مع الشدة ستصبر صبراً جميلاً، ثم جنة فيها من الجمال ما لا عينٌٌ رأتْ ولا أذن سمعَتْ ولا خطَرَ على قلبِ بشر.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة