أصناف الناس في صلاة التراويح
مِنَ الناس مَن يحافظ على صلاة التراويح ولكن لا تؤثّر فيه الآيات، ولا يخشع قلبه، ولا تدمع عينه عند سماع كلام ربِّ البريّات، فإذا شَرَعَ الإمام في دعاء الوتر ضجّ بالبكاء، وعلا صوتُه بالنشيج...
وقد قال الله عز وجل: )لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيتَه خاشعاً متصدعاً من خشية الله( [الحشر: 21].. فما بالُ هؤلاء لا يخشعون عند سماع كلام الله الذي تتصدع منه الجبال؟!
ومِنَ الناس من يحافظ على صلاة التراويح والقيام لكنه يُهمل أولاده في الشوارع والأسواق وأمام آلات اللهو والفساد وربما فعلوا كثيراً من الفواحش والمُنكرات دونما حسيب أو رقيب، فأيّ تفريط أعظم من هذا التفريط؟ والمسلم الفَطِن الحازم الغيور يعرف كيف يحافظ على أهله وأولاده ومحارمه.
ومنهم من يُجرجر أبناءَه معه إلى المسجد ثم يُطلقهم فيه، فلا تسأل بعد ذلك عمّا يُحدثونه من الفوضى والتشويش على المصلين والعبث بأدوات المسجد وخصوصياته.
وبعض الناس لا همَّ لهم في مجالسهم إلا المفاضلة بين أئمة المساجد، فيُمضون أوقاتاً طويلة في الحديث عن أصوات الأئمة وربما جرّ ذلك إلى غِيبتهم والكلام في أعراضهم، والانتقاص منهم بقصد أو بغير قصد، ومثل هذه الأحاديث إنْ سَلِمَتْ من الغِيبة والإثم فهي لا تعدو في الغالب أن تكون لغواً؛ غير أنّ الواجب أن تُعمر تلك المجالس بذكر الله وبكل نافع ومفيد.
ومن الناس من يحافظ على صلاة التراويح في العشر الأواخر في أول الليل، ويدع القيام في آخره مع أن الصلاة في آخر الليل أفضل من الصلاة في أوله، لما روى عمرو بن عَبَسة عن النبي... «أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» [أخرجه الترمذي والنسائي وصححه الحاكم]
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألُني فأُعطِيَه، من يستغفرني فأَغفِرَ له» [متفق عليه]. فجدير بالمسلم أن يغتنم هذه الساعات الغالية.
ومِنَ الناس مَن همُّه في آخر الشهر تحرّي الختمة، فتراه في كل ليلة من ليالي العشر يقلّب صفحات المصحف ويحسب ما بقي من السور، ويتساءل هل سيختم الإمام في هذا العام، فإذا غلب على ظنه أن الإمام لن يختم، ترَكهُ وراح يبحث عن غيره.
ومنهم مَن همّه تتبُّع الختمات في المساجد، فتراه يتنقل من مسجد لآخر لحضور ختمة فلان أو فلان، وربما كان من المُفَرّطين في صلاة التراويح.
نسأل الله تعالى أن يُكرمنا بقيام رمضان إيماناً واحتساباً، وأن يُعيننا فيه على أداء الطاعات كما يُحب ويرضى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن