التماسيح والأفاعي
جاء قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص الوضع في ليبيا أقبح مما يرتكبه القذافي مِن جرائم وإبادة وحشية ضد الشعب الليبي. فكل ما حمله القرار عبارات باهتة! ليس لها أي أثر قانوني يُذكر، فقط انتقاد للعنف والدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين!! وكأن المجرمين أشباح أو نكرات.. وكأن مجلس الأمن بكل أعضائه الجبابرة الذين يصولون ويجولون في شتى أنحاء العالم، وعيونهم تسبح في الفضاء الخارجي يجهلون ما الذي يجري في ليبيا! وكأن المجلس لم يسمع، بعد، عن القتل أو يشاهد الطائرات والزحف والتهديد بالقتل وأنهار الدماء والقتال حتى آخر رجل وطفل وامرأة وطلقة!!!
الأقبح من قرار مجلس الأمن هي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي أرسل لجنة إلى المنطقة لبحث الخيارات!! والأحطّ منها ما فاه به أليساندرو مارا المسؤول في حين برر انعقاد جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والخاصة بليبيا يوم الجمعة بانتظار التحقيق فيما لديه من معلومات حول المذبحة الليبية!!
مواقف هؤلاء من المذبحة ليس مستغربًا. فقد سبق لهم أن ارتكبوا ذات المذابح في البوسنة والشيشان وأفغانستان والعراق، ولعلهم كانوا شهود عيان حتى على جرائم هيروشيما وناغازاكي ودرسدن وغيرها. فكلّهم تماسيح متبلّدة وغادرة، وكلهم أفاعي مفترسة وسامة كما هي الأفاعي التي تحكم الأمة. ولو أن الشعوب العربية والإسلامية متحرّرة من حكم الطغاة والقتلة لما التَفَتَ أحد منها إلى مثل هذه المجالس الجائرة. ولسنا نشكّ طرفة عين أن أحداً من المسلمين ينتظر أو يعوّل، ولو بمقدار ذرّة، على نصرة تأتي من مثل هذه المجالس الوحشية ومؤسساتها الدولية وما يخرج منها من نصرة للظالمين على المستضعفين في الأرض. ألا قبّحها الله وهدم عروشها.
القذافي الذي فجَعَه الشعب التونسي بخلع زميله ونقم عليه لا يمكن له أن يرأف بشعبه. هذا ما يعرفه، جيدًا، أفاعي مجلس الأمن وبان كيمون وسائر العصابة الدولية. لكن المؤكد، أنهم يعرفون أيضًا أن أفعوان ليبيا لا يمكن له أن يستمر في حكم البلاد بعد كل هذه المذابح الوحشية. فكل ما يسيطر عليه الآن هو ثكنة باب العزيزية، والمرتزقة الذين يحتلّون البلاد، وميليشيات الخبراء والجواسيس الغربيين والموساد الذين يديرون مطحنة القتل في الشوارع، ويروّعون أهالي طرابلس حتى بلَغَ عدد القتلى بالآلاف.
أيا كان الوقت الذي يفصل الأمة وأهل ليبيا عن النصر بإذن الله.. ساعات.. أيام.. شهور.. فالمهم في هذه الملحمة أن تعلم أوكار الأفاعي، وبرفقتهم المتورطون جميعا في المذبحة، أن للأمة معهم حساباً قريباً وعسيراً. أما فيما يتعلق بالأفعوان وعائلته فمن الواجب أخذ الحيطة والحذر، والاستعداد لكل احتمال:
-فإذا أفلتَ القذافي من الاعتقال أو القتل أو الانتحار وفرّ من البلاد؛ فإن أيّة دولة تستقبله يجب النظر إليها على أنها دولة معادية للشعب الليبي وللأمّتين العربية والإسلامية. وستكون موضع ملاحقة بتهمة التواطؤ أو المشاركة أو توفير المأوى والملاذ الآمن لمتّهمِين بجرائم إبادة الجنس البشري، إلا إذا قامت بمنعه من الدخول إلى أراضيها أو تسليمه إلى الشعب الليبي بالذات حتى يقتص منه لقاء ما ارتكبه من جرائم.
-كل عائلة القذافي، زوجته وأبناؤه وبناته، متورّطون في جرائم الإبادة قولا وفعلا. وبالتالي فهم مجرمو حرب. وكلهم قتلة مطلوبون للقصاص العادل. فما ينطبق على الأب ينطبق على العائلة.
بعد تجربة القذافي، ومعاينة دمويته المفضوحة، يجب إغلاق الأبواب على كل الطغاة وأعوانهم وأياديهم الخفية والظاهرة، وإخضاعهم للتحقيق، ومحاسبتهم بما يستحقون، حتى لا يفلتوا من العقاب. إذ لا يجوز أن يستمر هؤلاء بالتمتع برغد الحياة فيما نهبوه من ثروات أو فيما اغتصبوه من موارد وحقوق. إنْ كان لهؤلاء الحق في الحياة فليعيشوا حيث يستحقون وليس حيث يرغبون. فالأمة لم تعد مستغفلة، وليس من العقل أن تظل كذلك بعد عقود طويلة من القهر والتضحيات. والفرصة سانحة للتحرر ولا معنى للتفريط بها إلا إنْ كنا حقًا لا نستحقها.
أما الدول المضيفة لهؤلاء الطغاة المستكبرين، فليس من حقها، أيًا كانت مكانتها، أن تقدّم الحماية للقتلة والمجرمين واللصوص، تحت أي ظرف كان، وبأية دعوى أو مبرر. فالشعوب ليست من البلاهة والغباء حتى يستخف الطغاة بعقلها ودينها عبر تصريحات استفزازية، ليس لها حتى سند أخلاقي، بقدر ما هي تعبير عن مشاعر أُلفة وتضامن وتعاطف مع أمثال هؤلاء الطغاة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة