إجازة في الإعلام من جامعة بيروت العربية...دبلوم في الإدارة... مديرة تحرير مجلة منبر الداعيات... مشرفة على قسم الطالبات في جمعية المنتدى الطلابي المنبثقة عن جمعية الاتحاد الإسلامي... عضو إدارة القسم النسائي في جمعية الاتحاد الإسلامي... المسؤولة الإعلامية لتجمع اللجان والجمعيات النسائية اللبنانية للدفاع عن الأسرة ممثلة جمعية الاتحاد الإسلامي.
أكاديمية الثورة
من يتأمل شباب الثورة في تونس ومصر يدرك مقدار الكبت الذي يعانيه الشباب في عالمنا العربي: ها هو اليوم يتكلم بحرية، يتنفس حرية، يعبر عن إرادته لأول مرة في حياته دون خوف من الجدران التي لها آذان، ومن غير الالتصاق بالحائط الذي يوصله إلى داره بسلام... فقد حطموا جدران الصمت، وقفزوا فوق ذلك الحائط إلى فضاءات أرحب وأوسع...
ففي عصر القرية الكونية وثورة الاتصالات والمعلومات تغير الجيل، وتشكلت لديه قناعات غير تلك التي تربى عليها آباؤه، فسَحَقَ "شبابُ الثورة" "ثقافةَ الخوف" التي كرستها سياسة الاستبداد والاستعباد... ليُتقنوا ثقافة ذات نكهة مختلفة وبُعد آخر: "ثقافة العزة" التي أدركوا من خلالها أنهم بمقدورهم إسقاط القداسة عن شخص الحاكم وانتزاع شرعيته المغتصَبة، والتمرد على الأوضاع البائسة التي يعيشونها... واحتشد "صوت الثورة" بداخله شيئاً فشيئاً ليتفجر غضباً أحرق سنوات القهر والظلم لتصدمه النتيجة: فإذا بذلك الوحش الذي أرعبهم عقوداً: فأر يهرب تحت جُنح الظلام، وإذا بالكيانات التي ظنّوها يوماً صلبة عصية: كيانات كرتونية هشة سرعان ما أحرقتها نيران "ثورة الشباب".
لقد استطاع الشباب فعل ما عجز عنه آباؤهم بما لديهم من القدرة على الاستجابة السريعة للمتغيرات واستيعابها، وبرمجة حياتهم بموجبها، وترجمة ذلك إلى فعل تغييري يقلب الموازين ويهدم المسلّمات الصنمية التي دُجِّنت عليها الأجيال السابقة.
وحتى تكون "ثورة الشباب" مؤثرة ينبغي لكل شاب اتخاذ القرار الحاسم في:
* تغيير نمط حياته: من اللهو والعبث إلى الجدية، ومن الخمول إلى الفاعلية، ومن قتل الأوقات إلى عمارتها بخير الأعمال، ومن قِصَر النفس إلى الصبر على معالي الأمور والمثابرة على العمل الدؤوب حتى بلوغ الهدف، ومن الفوضى إلى تنظيم الحياة برمّتها، ومن البُعد عن الله إلى توثيق الصلة به تعالى؛ فهي الدعامة الأساسية لأي تغيير إيجابي...
* تحديد المسار قبل الانطلاق حتى لا نضيِّع البوصلة؛ فلا بد أن نعرف وجهتنا، وعُدة طريقنا، والمنهج الذي نسير وفقه، ونهاية الطريق...
* تصحيح انحرافات الفكر وتنقيته من ملوِّثات الثقافة الانهزامية والتغريبية التي قادت الأمة إلى عهود التخلف والاستسلام للواقع البائس... وإعادة تشكيله حتى ينسجم مع المنهج الإسلامي الذي ارتضاه الله لنا بقوله: )إن الدين عند الله الإسلام(.
* تعديل انحرافات السلوك؛ فالذي اعتاد العبث بما أنعم الله به عليه من صحة ووقت ومال... علم أن الذي يقطف الثمار هم الجادّون أصحاب الأهداف العظيمة والقضايا الكبرى.
* توطين النفس على صعاب الحياة وشدائدها وعلى التضحية بمختلف أبعادها في سبيل الحياة الكريمة التي تظلِّلها طاعة الله ورضوانه؛ فللحرية أثمان باهظة لا يقدر على تسديدها إلا مَن حمل نفسه على ذلك. وليس المطلوب منكم - أيها الشباب - أن تُحرقوا أنفسكم مادياً حتى تصنعوا نهضة، وإنما المطلوب الإحراق المعنوي للأنفس: فمَن كانت له بداية محرقة (بالجِد والاجتهاد وبناء النفس فكرياً وثقافياً وعقائدياً، وترويضها على استقامة السلوك وعظائم الأمور...) كانت له نهاية مشرقة (بمآلاتها وحصادها الطيِّب المثمر...).
* تدريب النفس على تحمل المسؤولية والأخذ بمجامع علم القيادة لمن حباه الله بمقوِّماتها؛ فمهمة قيادة البشرية التي كلفها الله للأمة الإسلامية تحتاج إلى قلوب واعية وعقول متفتحة وشخصيات قيادية وقوى شابّة تعرف للمسؤولية قدرها.
* تأطير الجهود ضمن عمل جماعي يوجهها وينظمها ويعمل على تفعيلها وتصحيح مسارها؛ حتى لا تكون الجهود مبعثرة، وتكريس سياسة تعاون الطاقات الشابة الفاعلة في المجتمع فيما بينها على تحقيق الأهداف التي تصب في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، وهذا المبدأ أرساه رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله: "يد الله مع الجماعة" مستنداً إلى قول ربنا جل وعلا: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
* تربية النفس على معاني العدل؛ فإذا ما تقلب الشاب في المراكز والمناصب جعل العدل قاعدته ومنطلق حكمه وتعاملاته مع الناس، مدركاً جُرم الظالم وسوء عاقبته: (وكذلك أَخْذ ربك إذا أخذ القرى بظلمٍ إن أخذه قويٌّ شديد).
* التسلُّح بالوعي السياسي، والفَهم العميق لأسرار اللُّعبة السياسية، والسعي لامتلاك مفاتيحها، والحرص على جعل الإسلام هو المشَكِّل لأساسيات تفكيرنا؛ حتى يرتقي وعيُنا السياسي إلى المستوى الذي وصل إليه مَن سبق من قادتنا الذين أداروا لعبتهم السياسية ببراعة: بتوجيه الوَحيَيْن (الكتاب والسُنة)، وبذكاء مَن تربّى عند أعظم قائد سياسي وعسكري واجتماعي عرفه التاريخ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
* الثورة على الأوضاع القائمة ورفض الظلم ومحاربة سياسة: (ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، مستحضرين قول الله تعالى رداً على تلك السياسة: (وما أمر فرعون برشيد).
***
وبعد، فقد أثبتت ثورة الشباب المنتصرة بأن الأمة قد تمرض، وقد تدخل في غيبوبة، غير أنها لا تموت، لأن الذي يحمل عقيدة حية ومنهجاً قادراً على صنع الإنسان، فإنه يحيا بهما. كما أكدت على أن الشباب هم رافعة الأمة وقلبها النابض، وإن هم أعدّوا أنفسهم وسعَوا للتغيير الحقيقي فسيعيدون تشكيل التاريخ الإنساني من جديد.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة