يابني الشام إنما أشكو بثي وحزني إلى الله!!
في هذا الشهر العظيم الذي تعوّدت أمّتنا أن تتلقاه بالبِشر والسعادة يتلقاه اليوم بنو الشام البررة بمزيد من دماءهم الزكية، وتضحياتهم الباهرة.
يتقطع قلب الإنسان حزنًا وهو يشاهد الجرائم التي يرتكبها النظام الشبّيحي ضد أهلنا في سوريا، ولا تسعفه الكلمات في وصف ما يجده ويشعر به تجاه هذه المجازر الفظيعة، التي يرتكبها النظام على مرأى من العالم ومسمع.
لا أجد ما أعبر به عن الأسى الذي يعتلج في قلبي إلا قول نبي الله الكريم يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام حينما قال: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون).
نعم يا بني الشام (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)، وأنتم كذلك اشكوا بثّكم وحزنكم إلى الله، فنحن في آزفة ليس لها من دون الله كاشفة.
يا بني الشام، عزاؤنا وعزاء المؤمنين أنكم على الحق تدافعون عنه وتدعون إليه، وقد شهد لكم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك، فقد قام في أجدادكم - من قبل - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه خطيبًا ، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال من أمتى أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم ظاهرون على الناس) فقام مالك بن يخامر: فقال: سمعت معاذ بن جبل يقول: وهم بالشام.
يا بني الشام، لا تجزعوا من هذا الخذلان الذي أحاط بكم من القريب والبعيد، فقد بشركم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه لن يضركم، فأبشروا ثم أبشروا.
يا بني الشام، نتعزى بأننا على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم نسير، فكم فَقَد صلى الله عليه وسلم من حبيب وقريب، وكم قُتل من أصحابه بين يديه، فلا تسأل عن حزنه لفقد الحمزة بن المطلب، ولا عن وجده لمقتل سفيره مصعب بن عمير، ولا عن المستضعفين الذين كان يدعو لهم في كل صلاة.
يا بني الشام، نتعزى بأن هذه الدنيا ليست نهاية المطاف، ولنا بعدها حياة أخرى نجتمع فيها بين يدي حكم عدل، سبحانه وتعالى ، يقتص فيها للمظلوم من ظالمه، ولحمزة الخطيب من قاتله، ولأهل الشام من طغمة الأسد وشبيحته.
يا بني الشام، نتعزى بما تعزى به المسلمون من قبل، لما قالوا - بمشهد من الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد - : لسنا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، وكفى بهذا عزاء.
يا بني الشام، يكفي أنكم خيرة الله من خلقه ساقكم إلى خيرته من أرضه، وأنتم في جهاد ورباط إلى يوم الدين..
فعن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، خِر لي بلدًا أكون فيه، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر عن قربك شيئا، فقال: (عليك بالشام) فلما رأى كراهيتي للشام، قال: (أتدري ما يقول الله في الشام؟ إن الله جل وعز يقول: يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي ، إن الله تكفل لي بالشام وأهله).
فكيف يحزن من تكفل الله بأمره، فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
يا بني الشام، مهما عظم الحزن، وأظلم الليل، فقولوا كما قال أبو يوسف عليهما السلام: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) فسيعقبكم ما أعقبه من الفرج والفرح، وذلك قريب، وما ذلك على الله بعزيز.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن