رمضان غير شكل مع الثورة -3-
خيط أبيض..وخيط أسود..وبينهما قصة حياتك
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [من سورة البقرة: 187].
لا يمكن حسب هذه الآية أن نصوم، أن نبدأ صيامنا، ما لم نتبين “الخيط الأبيض من الخيط الأسود” من الفجر.
والمعنى المباشر لذلك واضح، وهو الوقت المحدد الذي يبدأ فيه الصوم، والتفريق بين بياض النهار وسواد الليل.
لكن من قال إن ذلك هو كل شيء فحسب؟ فالقرآن يفتح لنا دومًا آفاق متعددة، نعيد بها فهم كل كلمة على نحو ينير لنا كل خطوة نخطوها في دربنا.
لا يمكنك أن تقوم بهذه الشعيرة، التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام، ما لم يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود..
أليس هذا ما يجب أن نفعله فعلاً في كل خطوة من خطوات حياتنا، أن نبحث عن الخيط الأبيض لنميزه ونفرزه عن الخيط الأسود؟ أليست حياتنا في حقيقتها هي ذلك الصراع الطويل المرير بين خيوط بيضاء وأخرى سوداء؟ بعضها تلتف حولك، وبعضها تشدك، خيوط تركض خلفك، وخيوط تركض خلفها.
وهي “خيوط”، خيوط دقيقة، لأن الحق والباطل لا يكون دومًا بياضًا ساطعًا أو سوادًا كالحًا، بل يكون أحيانا مجرد “خيط”، ولكنه لا يقل أهمية عن الضوء الساطع، لأنه المدخل إليه، لأنه العلامة عليه، لو أخطأت الخيط، لأخطأت الدرب كله لاحقاً.
في رمضان نستشعر أهمية الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إن تجاوزت هذا أو ذاك يبطل صيامك، وكذلك الأمر في كل خطوة من حياتك، قد يكون السواد حالكًا، والبياض مجرد خيط بعيد، لكن عليك أن تجده، عليك أن تتحدى السواد المهيمن وتجده، لأنه دربك الوحيد إلى النور.
أن تجد هذا الخيط في حياتك يعني أن تقتل الحيرة، وأن تقتل المواقف “النصف-نصف” المائعة التي لن تزيدك من الحق إلا بعدًا، أن تجد هذا الخيط، يعني أنك ستكون قادرًا على إقامة كل الشعائر كما يجب أن تقام.
"يتبين لكم الخيط الأبيض من الأسود" تختصر قصة حياتنا كلها، المأساة أن بعضنا قد يسهو عن ذلك، يسهو عن حياته.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة