من أدعية القرآن الكريم
مقدمة.. لهادية عصام العطار :
كانت أمي رحمها الله تعالى تُكْثِر من قراءة القرآن، وتُكثِر من الدعاء.
وكانت تقرأ عندما تقرأ، وتدعو عندما تدعو، بفهمٍ وتدبّر، وخشوعٍ وتأثّر؛ وكنّا نراها أحياناً وهي مستغرقة في تلاوة القرآن، فنرى الدموع تفيض من عينيها على خَدّيها وصدرها.. هذه مشاهد لا أنساها؛ بل هي مشاهد لا تُنسى.
وكانت قراءتها هذه، وكان دعاؤها، يصلانها فكراً وروحاً وعاطفة باللهِ عز وجل.. بخالق هذا الكون وهذه الدنيا، فترتفع بهما فوق هذه الدنيا، وتستشعر أنها بالله عز وجل أقوى من كل قوة فيها؛ وبذلك استطاعت أن تصبر هذا الصبر، وأن تشمخ هذا الشموخ، وأن تبذل هذا البذل؛ حتى اختارها الله شهيدة إليه، وطُلَّ في سبيله دمُها الطاهر القاني على عتبة بيتها في آخن في 17/3/1981 .
وكانت -رحمها الله- تعلّمني وأخي ومن لعلّه يكون معنا الدعاء ونحن صغار.
كانت تُشعِرنا دوماً بوجود الله، وقدرة الله، وفضل الله عز وجل.
إذا مرضنا علّمتنا أن نطلب -مع تناول الدواء- من الله الشفاء.
وإذا أردنا أمراً واجباً، أو محبوباً ممكناً، علمتنا أن نستعين عليه -مع الجهد الضروري للحصول عليه- بالدعاء.
وكانت تعلّمنا أنَّ الله أقربُ إلينا، وأحنى علينا، وأرحم بنا، وأقدر على عوننا من الآباء والأمهات وكلّ مخلوق، وأن نتوجه إلى الله في السرّاء والضرّاء وسائر الأمور قبل أن نتوجه إلى أيّ مخلوق، وأن نحبّه، ونطيعه، ونثق به، ونرضى بقضائه وقدره.. أكثر مما نحب ونطيع أيّ مخلوق ..
وهكذا عرفنا الصلة القلبية العاطفية الحميمة بالله عز وجل مع الصلة العلمية والفكريّة، وذقنا حلاوة الإيمان ونداوته ودِفأه، وشعرنا في تلك الأيّام حقّاً بأنّ ربَّ الوجود أقرب إلينا من كلّ موجود.
الدعاء الصادق هو أبلغ تعبير عن العقيدة؛ بل هو خُلاصة العقيدة وعلامتها ورَمزها؛ فالإنسان لا يدعو غيرَ موجود، ولا يدعو غيرَ قادرٍ، ولا يدعو غير سميع، ولا يدعو غير بصير، ولا يدعو غير رحيم، ولا يدعو غير مجيب.. وهكذا.. وهكذا ..
فالدعاء الصادق ينطوي على الإيمان العقليّ والقلبيّ الحيّ الحارّ الفعّال بالله وبأسمائه وصفاته، وعلى الارتباط المتين به، والرجاء الصادق فيه، والاطمئنان الكامل لحكمته وحُكمه، ورحمته وعدله، وفضله وعونه، وما وعد به عباده المتقين .
ما أحوجنا في هذه الأيام المُظلمات، إلى الدعاء الذي يترجم ارتباطنا بالله، واعتمادنا على الله، وثقتنا بوعد الله وعون الله، ونستشعر به حقّاً وصدقاً أننا مع الله وأنه معنا.
إنّ هذا الشعورَ الحقَّ يمنحنا القوة على الصبر والصمود، ومواجهة مختلف التحديات الشخصية والعامة، المحلية والعالمية، وعلى متابعة طريقنا العتيد مهما كانت العقبات والظروف، وعلى الإسهام في انتصار الحقّ والإنسان في بلادنا وفي أيّ مكان آخر من الدنيا.
وبَعْدُ؛ فهذه "طاقة" من أدعية القرآن الكريم؛ وأدعيةُ القرآن الكريم، وما صحَّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. أجلُّ الدعاء وأنفع الدعاء، وأقربُ ما يوصل إلى الله ومرضاته، وخيرُ مدرسة للنفوس والعقول والمجتمعات والأخلاق
وقد جمعتْ هذه "الطاقة"ونسَّقَتْها وفسرتْها تفسيراً موجزاً سهلاً أُمّي الشهيدة رحمها الله.
ولم يكن عملُها تكراراً لعمل من سبقها، فقد هداها الله إلى ترتيب بديع للأدعية يُسَهِّلُ حفظَها، والدعاءَ بها، وحصولَ أثرها -إن شاء الله- في النفوس.
وسنقدّم أيضاً -إن شاء الله تعالى- بعد هذه الطاقة (من أدعية القرآن الكريم) "طاقات" أخرى من جوامعِ دعاءِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مما جمعتْه ونسّقتْه وشرحته شهيدتُنا الغالية رحمها الله تعالى؛ فما أحوج أرواحنا وقلوبنا وعقولنا إلى هذا الغذاء! وما أحوجنا في دنيانا وآخرتنا، ومختلف جوانب حياتنا، إلى هذه التربية، وهذا التوجيه !
♦♦♦
ربّنا
(ربَّنا تَقبَّلْ منَّا إنّكَ أنتَ السَميعُ العليمُ) -البقرة:127 -.
(وتُبْ علينَا إنَّكَ أنتَ التّوابُ الرحيمُ) -البقرة:128 -.
(ربَّنا لا تُزغْ قُلوبَنا بَعدَ إذْ هَديتَنَا وهَبْ لنَا مِنْ لَدُنكَ رحمةً إنّكَ أنتَ الوهّاب) -آل عمران:8 -.
(ربّنا إنّنا سمعنَا مُنادياً يُنادي للإيمانِ أن آمنوا بربِّكم فآمنّا ربّنا فاغفرْ لنا ذُنوبَنا وكَفّرْ عنّا سيئاتِنا وتَوفّنا مع الأبرارِ. ربّنا وآتنا ما وَعَدتنا على رُسلِكَ ولا تُخْزِنا يومَ القيامةِ إنّك لا تُخلفُ الميعاد)(1) -آل عمران: 193-194 -.
(سَمعنا وأطعنا غُفْرَانَكَ ربّنا وإليك المصير) -البقرة:285 -.
(ربّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسيْنَا أو أخْطَأنا ربّنا ولا تَحْمِلْ علينا إصْراً كَما حَمَلْتَه على الذين مِنْ قبلِنا ربّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طَاقةَ لنا بِه واعْفُ عنّا واغفرْ لنا وارحمْنا أنتَ مَولانا فانصرْنا على القومِ الكافرين)(2) -البقرة:286 -.
(ربّنا اغْفرْ لنا ذُنوبَنا وإسرَافَنا في أمرِنا وثَبتْ أقدامَنا وانْصرْنا على القومِ الكافرين) -آل عمران147 -.
(ربّنا أَفْرِغْ عَلينا صَبْراً وثَبتْ أقدامَنا وانصرْنا على القَومِ الكَافرين) -البقرة:250 -.
(ربّنا أَفْرِغْ علينا صَبْراً وتَوَفّنا مسلمين) -الأعراف:126 -.
( ...ربّنا لا تَجْعلْنا معَ القَومِ الظَالمين) -الأعراف:47 -.
( ...ربّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للقومِ الظالمين.. ونجِّنا برَحْمَتِكَ من القومِ الكافرين)(3) -يونس:86 -.
( ...ربّنا ظَلَمنا أنْفُسَنَا وإِنْ لْم تَغفِرْ لنَا وتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ من الخَاسرين) -الأعراف:23 -.
(ربّنا إنّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي ومَا نُعْلِنُ ومَا يَخْفَى على اللهِ مِنْ شَيء في الأرضِ ولا في السَّمَاء) -إبراهيم:38 -.
(ربّنا اغْفِرْ لنَا ولإِخْوَانِنا الذين سَبقُونا بالإيمانِ ولا تَجْعَلْ في قُلوبِنا غِلاًّ للذين آمنوا ربّنا إنّك رَؤُوفٌ رحيم) -الحشر:10 -.
( ...ربّنا وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ رَحمةً وعِلماً فاغْفِرْ للذين تَابوا واتَّبعُوا سَبيلَك وقِهِم عذابَ الجحيم. ربّنا وأَدْخِلْهُم جنّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدتهُم ومَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهم وأزواجِهم وذُرِّيَّاتهم إنَّكَ أنْتَ العَزيز الحكيم. وقِهِمُ السَّيّئاتِ ومَنْ تَقِ السَّيّئاتِ يومئذٍ فَقَدْ رَحمتَهُ وذلك هو الفوزُ العظيم) -غافر:7-9 -.
( ...ربّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رحمةً وهَيّئْ لنَا مِنْ أمرِنا رشَداً) (4) -الكهف:10 -.
( ...ربّنا آمنّا فاغفرْ لنَا وارْحمْنَا وأنتَ خَيرُ الراحمين) -المؤمنون:109 -.
(ربّنا آمنّا بما أَنْزَلت واتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فاكتبْنا مع الشَّاهِدِين) -آل عمران:53 -.
( ...ربّنا إنَّنَا آمنّا فاغْفِرْ لنَا ذُنوبَنا وقِنَا عَذَابَ النار). -آل عمران:16 -.
( ...ربّنا اصْرِفْ عنّا عَذابَ جَهنّمَ إنّ عَذابَها كان غراماً. إنّها سَاءَتْ مُسْتَقَراً ومُقَامَاً)(5) -الفرقان:65-66 -.
(ربّنا هَبْ لنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وذُرّيّاتِنَا قُرَّةَ أَعْينٍ واجْعلْنا للمُتَّقين إمَاماً) -الفرقان:74 -.
(ربّنا عَليكَ تَوكّلنَا وإليكَ أنَبْنَا وإليكَ المَصِيرُ. ربّنا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً للذين كَفروا واغْفرْ لنَا رَبَّنا إنّكَ أنْتَ العزيزُ الحكيم). -الممتحنة:4-5 -.
(ربّنا اكْشِفْ عَنّا العَذَابَ إنّا مُؤْمِنُون) -الدخان:12 -.
(ربّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الآخِرةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّار) -البقرة:201 -.
( ...ربّنَا أتْمِمْ لنَا نُورَنَا واغْفِرْ لنَا إنّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيْر) -التحريم:8 -.
ربِّ
(لا إلَهَ إلا أنتَ سُبحَانَكَ إنِّي كُنتُ منَ الظَّالمين) -الأنبياء:87 -.
( ...مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأنتَ أرْحَمُ الرَّاحِمين) -الأنبياء:83 -.
( ...فاطرَ السماواتِ والأرضِ أنتَ وَلِيِّي في الدُّنيَا والآخِرةِ تَوَفَّنِي مسْلِمَاً وألْحِقْنِي بالصّالِحِين) -يوسف:101 -.
(ربِّ اجْعَلْني مُقيمَ الصَلاةِ ومنْ ذُرّيّتي ربّنا وتَقبَّلْ دُعاءِ. ربّنا اغْفرْ لي ولوالديّ وللمؤمنين يومَ يقومُ الحسابُ) -إبراهيم:41 -
(ربِّ اغْفِرْ لي ولِوالِديَّ) -نوح:28 -.
( ...ربِّ ارحمْهمَا كَمَا ربّياني صَغيراً) -الإسراء:24 -.
( ...ربِّ أدْخِلْني مُدخلَ صِدقٍ وأَخْرِجْني مُخرجَ صدقٍ واجعلْ لي من لدنكَ سُلطاناً نَصِيراً)(6) -الإسراء:80 -.
( ...ربِّ أَنْزِلْني مُنزلاً مُبَاركاً وأنتَ خَيرُ المُنزِلين) (7) -المؤمنون:29 -.
( ...ربِّ اشْرحْ لي صَدْري. ويَسّرْ لي أمْري. واحْلُلْ عُقْدةً من لِسَاني. يفقهوا قَولي) -طه:25-28 -.
( ...ربِّ زِدْني عِلماً) -طه:114 -.
( ...ربِّ أعوذُ بكَ من هَمَزَاتِ الشَياطِين. وأعُوذُ بكَ رَبّ أن يحضُرون) (8) -المؤمنون:97-98 -.
( ...أعوذُ بربِّ الفَلَق. مِنْ شَرِّ مَا خَلَق. ومِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إذا وَقَبَ. ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ. ومِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (9) -سورة الفلق -.
( ...أَعُوذُ بِربِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاس. إلَهِ النَّاس. مِن شَرِّ الوَسْوَاسِ الخنّاسِ. الذي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الجِنّةِ والنَّاس)(10) -الناس -.
( ...ربِّ إنّي ظَلمتُ نفسي فاغفرْ لي…) -القصص:16 -.
( ...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة