ناشط إسلامي في الحقل الشبابي، متخصِّص في الهندسة الميكانيكية | لبنان
قلبك وقف لله... وليس تأجيراً؟!!
وكأنه لم يبقَ في قريش غير هذا العبد الحبشي ليسفّه آلهتنا؟!! كلمات نطقها كفار قريش في تعذيب بلال، ولما سأل الصحابة بلالاً ً (ص) عن العذاب قال: "لقد مزجتُ حلاوة الإيمان بحرارة العذاب، فلم أحسَّ بشيء"... كلمات بسيطة تسطّر منهجاً في سير الدعاة المسلمين على طريق الجنة، فبلال أوقف قلبه لله؛ فذاق حلاوة الإيمان، وأصبح ينظر للعذاب على أنه مفتاح دخوله الجنة، فصبر...
وكيف بمن حملت عمود خيمة عرسها وتسابقت خطاها لقتل الروم، وقتلت سبعة من جنودهم في معركة حاسمة؟؟!! وكانت قد أرسلت قبلها زوجها للجهاد وللاستشهاد، فما الذي دعاها لذلك؟ وأصبحت ترى من عمود خيمة عرسها مفتاح دخول الجنة، فأقبلت...
يجب على الداعية أن يُعلن أن القلب إنما هو وقفٌ لله، وليس تأجيراً تستطيع الأنفس أن تتركه إذا انتهى العقد مع الله؟؟!! وهذا أول الطريق في الفهم والوعي، لكي ندخل ونذوق الحلاوة يجب علينا الفهم الصحيح، وكما قال رسول الله [ للأشجِّ زعيم قبيلة عبد القيس: " إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ؛ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ" [صحيح مسلم:24]. فالحلم حصانة ضد الافتتان، يعصم القلب من الغضب والانتصار للنفس، فيلزمك العدل في الأحكام، ويهذِّب روحك فيتهذب القلب، وتأني المتأني هو فرصة للتأمل والقياس، فيزول به الالتباس؛ إذا فكّر القلب يوماً بتمزيق العقد الأبدي بين قلبك وخالقك؟!.
القاعدة تتلخص كالتالي: "لا يمكن للداعية أن يفتح قلوب الناس، وليس معه مفتاح لقلبه هو، ولا يمكن أن يقرّب الناس لله وهو لم يتذوّق حلاوة القرب من الله، ولا يمكن له أن يدعو الناس لدين الله وقلبه تحت التأجير"، فقد قال رسول الله (ص) في الحديث: "ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا" صحيح مسلم:49]. ثم نزيد حديثاً آخر: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا" [البخاري:15].
فهذه الخطوة الأولى واضحة وصريحة، البطولة الحق ليست في إدراك حقائق الإيمان، بل إن البطولة الحق في أن تذوق حلاوة الإيمان! وتأتي هذه الحلاوة بعدة نكهات! فلقد أحبها سيدنا بلال على شكل الصبر، وأحبتها أم حكيم على شكل التضحية.
وهنا القول الذهبي: "اذهب وابحث عن النكهة الخاصة التي تحب أن تذوق فيها الحلاوة"!.
ختاماً؛ إنه لَفرق كبير بين أن تكون لديك خريطة للقصر، وبين أن تعيش أنت في القصر، وكذلك الإيمان يمكن لك أن تدركه، ولكن لا يسكن فيك ما دمت لم تسعَ له، "فمَن ركب أمواج العزائم الآن في شبابه أطال التحديق بقية عمره نحو المعالي"... فاسعَ واجتهد، واعزم أن تذوق الحلاوة في الدنيا؛ لكي يكون لديك جنتان بإذن الله... وما أن تذوقها فاعلم علم اليقين أن قلبك أصبح ملكاً ووقفاً لله تعالى...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن