بكالوريُس كيمياء
قصري قبضة يدي
بُلِّغت بتخطيط قَصْري البديع، كيفما أبغي وبذوقي الرفيع، فرصة ذهبية لا أستطيع أن أُخمد صوتي أو أن أُرقد فرْحتي، كل مشاعري توقظني وتُشعل الحنين في فؤادي لرؤيته سأصرخُ: احسدوني يا عالمِين، باركوا لي يا مسلمين، ادعوا لي يا مؤمنين، قد أُهديت رخصةَ بناءِ أعظم قَصْرٍ تشتهيه نفسي وتعشقه مهجتي؛ قِوَامُه تسعةٌ وعشرون أو ثلاثون عمودًا، وهو أجلُّ أنْ يُدعى بذلك، ومن حسن حظِّي أني أنا الذي سأنتقي كل شيء فيه، فلن أختار إلَّا الأجود والأمتن، سأستعين بمهندسِين حاذقين، سأحرص على أن لا يكون هناك فجوة قطُّ! سأرفع بالصرح وأرفع ليصبح على هيئة قلعة، ومن ثمَّ سأطْلِيه، لا... بل سأُرَصِّعُه، لا لا... بل سأمد على طوله مصابيح نوَّارة، اعذروني على حيرتي وقدِّروا غِبطتي، سأطلب لقاء أجودِ المهندسين وأبدعِ النجارين وأبرع الحدَّادين لننسج معاً أجمل لوحة على وجه الأرض؛ عجز الفنَّان حتى عن تخيلها. سأحيطه بروضةٍ غَنَّاء، سأغرسها من كل الأشجار التي أحصل عليها, سأجذب أسراب الطيور تنعم وتتمتع ثم تنطلق حرة. لن أستكين، لن أنام، لن أعجز، ولن أتوانى لحظة عن تحقيق طموحي، سأبقى كاللهب حماوة وسرعة ومجازفة، سَأَلْتَهِمُ كلَّ ما يُلهيني.
وأنتم أيها الضعفاء ويا أيها الأقوياء، أيها الفقراء ويا أيها الأغنياء، أيها المرضاء ويا أيها الأصحَّاء بالله عليكم أما بُلِّغتم خبر بناء قصوركم كما تريدون، قَصْر يُودِيكم إلى جنّة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين؟؟ بلى ورب العرش العظيم قد بُلِّغنا كلُّنا، وعلى شرف هذا البلاغ سأكشف لكم حقيقة قصري: أمَّا الأعمدة هي تسعة وعشرون يومًا من رمضان أو ثلاثون، وكل يوم سأسعى لاغتنامه من وقت السَّحَر حتى غروب الشمس بتأدية الفرائض والواجبات، وإتمامه بالإحسان والصدقات والنوافل وقراءة القرآن وترتيله وحفظه. أما الذين طلبت مساعدتهم فهم روَّاد المساجد وأصحاب الخير الذين يساندوننا في طاعة الله، وبوجودهم تَحُفُّنا الملائكة، ويطيب لنا الذكر، فيتقبله الله عزَّ وجلَّ. وأما الطيور فهم الأيتام والضعفاء والمساكين الذين سينعمون بخيرات الله وبركاته وأرزاقه على موائدنا في رمضان شهر الرحمة والغفران.
إخواني، أخواتي، أيليق بكل شخص واعٍ منكم ومسلم يملك مشروعًا ضخمًا في الإعمار أن يضيِّع ثانية في النوم الزائد، أو في المسلسلات والأفلام، أو اللَّغو؟! بالطَّبع لا، لن يبنيَ القصرَ ويسكنُه إلَّا مَن جَدَّ وكَدَّ وسارع وصبر وصابر واستعان وأعان وتوكل على الحنَّان المنَّان.
ولنَتَيَقَّنَ جميعًا" أنَّ الفرصة الذهبية التي أعطيت إلينا هذا العام ربما لا نبلغها العام القادم.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن