البحث عن «البوكيمون»
دخلت الشقة فأدركت أن هناك حالة طوارئ من الحالة «إف» وهي حالة ليس لها علاقة بالحالات المتعارف عليها عالميا وهي الحالات ألف وباء وجيم، الحالة إف تعني أن في البيت فأرا نجح في اختراق كل الحواجز والتحصينات التي تعدها زوجتي يوميا ضده. الشئ الذي لفت نظري هذه المرة هو اختفاء الأسلحة التقليدية التي تتحصن بها زوجتي والبنات خلال مطاردة الفأر اللعين والتي لم تخرج في المرات السابقة عن الشباشب والأحذية والمقشات، فكان الجميع يمسك بالموبايلات أثناء المطاردة فاعتقدت أن عملية اعتقال الفأر يجري توثيقها بالصوت والصورة ربما لرفعها علي اليوتيوب أو الفيس بوك.
لم أنطق بكلمة ولكن دخلت فورا تجاه المطبخ وأخرجت من تحت الحوض أسلحتي المفضلة، المصيدة وكيس السم وجئت من الثلاجة بقطعة من الطماطم، تلك الأسلحة التي لا تؤمن بها زوجتي وتعتبرها من الأسلحة البائدة التي لا تتناسب مع نوعية فئران هذا العصر والتي تحتاج لنوع من الذكاء البشري الذي لا يتوافر للعبد لله طبعا باعتباري من أتباع مدرسة المصيدة والسم والطماطم والتي تستهدف التخلص من الفأر دون وقوع خسائر في المقشات والشباشب والأحذية التي يضيع أغلبها في تسديدة طائشة لا تصيب الهدف، هذا غير الخسائر الأخرى في الأكواب الزجاجية التي تطير في الهواء مع كل تسديدة ناهيك عن شاشة التليفزيون والتي أصبحت وكأنها منصة تنشين يتباري الجميع في إصابتها كلما فر الفأر الجبان أسفل منها.
قلت بلهجة حازمة: سيبكم من الموبايلات دلوقتي وقولولي مين آخر حد شافه وفين؟ فقالت زوجتي أنا لسه شايفاه دلوقتي علي كم القميص بتاعك، يا ريت تثبت علشان أقفشه فقلت: مش وقت هزار الله يكرمك القميص مكوي وأي ضربة طائشة هاخليكي تكويه تاني. فقالت يثرب بصوت مرتفع: لا يا بابا أرجوك ماتتحركش أنا لسه شايفه «بلباصور» حالا دخل جيب بنطلونك، فضربت كفا بكف وقلت: اللهم طولك يا روح، بلبوص إيه انتي كمان مالكم النهاردة؟ فقالت لقاء: يا بابا لازم تساعدنا مش معقول نبقي سبعة في البيت ومش قادرين علي حتة «بيكاتشو» لا راح ولا جه هو دلوقتي واقف علي شعر حضرتك ياريت ما تسرحش شعرك بالمشط لحسن بيكاتشو يقع علي الأرض يتكسر، فإذا بشقيقتها أسرار تقول: بيكاتشو إيه انتي كمان ده «سكويريل» مش «بيكاتشو»وأهو قدامكم لسه طالع من ودن بابا اليمين. وكان لوعود رأي آخر حيث قالت: ده لا «بيكاتشو» ولا «سكويريل» يا فالحة منك ليها ده «تشارمندر» بذات نفسه وأنا لسه شايفاه داخل في عين بابا الشمال!
كنت أقف وسط دائرة من زوجتي والبنات وهن ممسكات بالموبايلات فشعرت كما لو كنت أنا الفأر المحاصر المراد الإيقاع به فشخطت قائلا: آدي آخرة فرجتكم علي مسلسلات رمضان السنة دي ياما حذرتكم ان المسلسلات دي ممكن تجننكم طب إيه رأيكم لو ماسكتوش لأكون شايل منكم التليفزيون خالص؟ فقالت كلمات آخر عنقود البنات(لحين إشعار آخر):إهدا يابابا ياحبيبي وأنا أفهمك إحنا دلوقتي مش بندور علي فار لا بندور علي البوكيمون، دي لعبة مجننة العالم كله دلوقتي علي الموبايلات فيها الناس بتطارد البوكيمونات إللي هم بيكاتشو وبلباصور واللي حضرتك سمعتهم دول وانت وحظك ممكن البوكيمون يدخل نادي يدخل عربية يدخل ديسكو والشاطر إللي يروح وراه يجيبه من قفاه. وعلي فكرة يا بابا البوكيمون دلوقتي دخل قسم الشرطة إللي في أول الشارع ممكن يا بابا يا حبيبي تروح تجيبهولي؟ فصاح الجميع: أيوه والنبي يا بابا علشان خاطرنا يا بابا فدخلت القسم اقدم رجل واؤخر رجل وقلت للظابط على استحياء: معلش يا بني الله يكرمك البوكيمون موجود هنا ممكن آخده؟ فضرب جرس يستدعي العسكري وهو يقول: اهلاااا هو انت شرفت طبعا طبعا موجود اتفضل خده من الحجز!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة