أُحُد الذكرى...ومشهد الإنقلاب!
{..مِنْكُم مَّنْ يُرِيدُ اْلدُّنيَا ، وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآَخِرَة..َ}
نزلت هذه الآية في أحداث غزوة أُحُد، التي طلَّت ذِكراها علينا منذ بضعة أيام،الموافق في السابع من شهر شوال..
والآية وصف آلهي ،للمعسكر المشارك في الغزوة تحت راية النبوة ..
وظاهر الآية ،ذِكْرُ اللَّهِ،طائفتين من النَّاس،طائفةٌ تريد الدنيا،وطائفةٌ تريد الآخرة..
ولو أننا دخلنا الى أحداث المعركة ,لوجدنا أنَّ عدد الفئات أربع، من كل طائفة ممَّن ذُكِروا اثنين..
فالفئة الأولى ممَّن كان يريدُ الدنيا،هي تلك التي سحبت. ثلاثمائة من عددها عند بداية اللقاء بقيادة ابن سلول
و{..قَالُوا،لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنٰكُم..ْ}
وهۤؤلاء ممَّن يتربَّصون بالمؤمنين دوائر السوء، ينتظرون زوال دولتهم ،وظهور الأعداء عليهم..
هو انقلاب على القيادة ،
وانقلاب على الأدبار كمثل وَصْفِ من قال لموسى:
{..فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَاۤ إِنَّا هَٰهُنَا قَّٰعِدُون}َ..
والفئة الثانية ممَّن يريد الدنيا،تلك التي لم تعبأ بقول أميرها عبدالله بن جبير:
(أَنسِيتُم أَمْرَ نَبيِّكُمْ،فقالوا لنَأتِيَنَّ النَّاسَ وَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنَائِم)..
فكان الالتفاف،،ولقد عفا اللَّهُ عن تلك الفئة..
والقاسم المشترك بين الفئتين ، أنهما سبَّبا تلك الفُرْجَة التي دخل من خلالها الأعداء على معسكر الإيمان بغية الظفر به وهزيمته...
فالأولى المتمثلة بمعسكر النفاق، بنية وقصد.
والأخرى المتمثلة بالرماة الذين آثروا الدنيا، بغير نية ولا قصد..
وفي الشطر الثاني من الآية..
فئتان ممَّن يريدُ الآخرة..
فئة غَلَبَتْ على قلوبهم العاطفة ، وربطوا الرسالة الخالدة بشخص رسول اللهﷺ ،الذي يلحقه الموت ،فحصل أيضا نوع من الإنقلاب وصفه اللَّهُ بقوله:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلْ، أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ (اْنقَلَبْتُمْ) عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئَا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين}َ.
ففرَّ جمْعٌ منهم من ساحة القتال..
والفئة الأخيرة ،هي تلك التي عَلِمَتْ أنَّ ظهور الإسلام ودعوته غير متوقف على شخص بعينه ،وأيقنوا ظهور هذا الدين ،وأن العاقبة للمتقين،فثبتوا وما وهنوا، وقالوا.:
يا قوم إنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلْ فَإِنَّ ربَّ مُحَمَّدٍ لمْ يُقْتلْ ، ومُوتُوا عَلَى مَاتَ عَليْه..
فكان الإنقلاب ولكنه انقلاب من نوع آخر ، وصفه الله بقوله:
{ (فَاْنقَلَبُوا) بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَٰنَ اللَّهِ واللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
فائدتان عظيمتان من أُحُد الذكرى..
- لا دخول للأعداء علينا إلا من المتربصين بنا من بني جلدتنا،أو مما كسبت أيدينا من هفوات وزلات فلنأخذ حذرنا ،كي لا يحدث انقلاب..
- وأن الإسلام رسالة خالدة ليست مرهونة بشخص أو فئة أو حزب , ولو فَشِلَ الإنقلاب..
والله تعالى أعلم
المصدر : Lebanon360
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة