منذ أسابيع، جاءتني إبنتي الصغيرة «نور» ذات الست سنوات والحماس يغمرها لمشاركة ستقوم بها في حفلة على مسرح المدرسة، فسألتها عن الدور الذي ستؤديه، وطلبت منها أن تؤديه أمامي في المنزل، وخلال الأداء .. قامت بحركة تقاطع الإصبعين المعروفة بالإنجليزية بـ (Crossed Fingers) والتي يُعنى بها تجسد صليب #النصارى بهدف مباركة الفعل أو القول أو ما شابه، أو تمني تحقيق أمنية أو غير ذلك.
فسألتها: (هل تعلمين ما معنى هذه الحركة؟)
فأجابت: (تعني الرغبة الشديدة في تحقيق أمنياتي)، دون الإشارة إلى أنها #صليب لأنها لم تعلم ذلك.
فشرحت لها كل شيء حول معنى هذه الحركة، وتفاجأت أنَّ إبنتاي الكبرتين «مريم» و «خديجة» لم يعلمن معناها أيضاً، فطلبت من مريم أن تبحث عن معناها بنفسها في الإنترنت، وعندما إنتهت من البحث الذي لم يستغرق ١٠ دقائق .. تفاجأت هي الأخرى بمعناها الحقيقي!
وفي لحظة صمت سألت نور: (ماذا ستفعلين؟)
فقالت: (لا أدري!)
قلت لها: (هل ستشاركين في الحفل؟)
لم تُجب .. وكأنها تنظر إلى كي أقرر عنها .
فقلت لها: (أنت يجب أن تقرري .. إما أن تعتذري عن المشاركة، أو ..) ولم أكمل ..
فقالت: (أو ماذا؟)
فقلت لها: (أو يمكنك أن تشاركي، ولكن عندما يأتي ذلك المقطع الذي يستوجب منك تقاطع الإصبعين .. أن تنزلي يديك ولا تقومي بها، وهذا حق من حقوقك في كندا لن يسلبه منك أحد)
فقالت: (ولكن .. إذا لم توافق المعلمة؟)
قلت لها: (لست مضطرة أن تخبري المعلمة، فهذا تغيير طفيف على المسرح لن يضر العرض العام، وإذا اعتَرَضَت لأي سبب .. وقتها أمامك خيارين .. إما أن ترضي المعلمة .. أو ترضي الله)
فبقيت صامتة وهي تنظر إليّ في حيرة من أمرها، فهذه أول مرة تتعرض لمثل هذا الموقف، وتحتاج لمَن يساعدها ويقرر عنها، وهذا أمر طبيعي جداً.
ولكن أنا دائماً ما أحاول إنتهاج أسلوب الشرح والإقناع، وترك القرار لها، وهذا أقل واجباتي كأب تجاه ذريتي، وإن لم أقم أنا وزوجتي بهذا الدور في التربية الدينية والعقائدية .. لن يقوم به أحد!
فقلت لها: (أنت دائماً تتمنين أن تكوني قائدة، وأنا أعتقد أنه قد جاءتك الفرصة)
قالت: (ماذا تعني؟)
قلت لها: (أنا أعتقد أنه يجب أن تذهبي إلى الحفلة وتشاركي فيها، وعندما يأتي ذلك المقطع .. أنزلي يديك، وهذا التصرف منك سيكون تصرفاً قيادياً .. لا يقوم به إلاَّ الأقوياء .. وأنت قوية جداً!)
فابتسمت .. وتهلل وجهها وقالت: (هذا ما سأقوم به يوم الحفل)
البارحة كان الحفل على المسرح، وعندما جاء المقطع .. أنزلت يديها كما ترون في التسجيل .. وهذا من فضل الله أن ألهمها الإحاطة بالموقف فهماً وتدبيراً.
رسالتي لمَن يهمه الأمر .. إن كنت تعتقد أنَّ أطفالك سيتعلمون الإسلام من تلقاء أنفسهم .. فأنت واهم تماماً، وهنا يأتي الخطأ الذي يرتكبه معظم الأهل، الطفل لابد له من التعلم، وقد ينسى .. ونذكره من جديد، وهذا أمر طبيعي، ولكن عندما يكبر سيبقى ذلك الأثر في نفسه وعقله ولن ينساه أبداً.
من المهم الإنتباه إلى أنَّ الأطفال في مثل هذا العمر لا يهمهم سوى المرح واللعب، وهذا حق طبيعي لكل طفل على وجه الأرض، بالمقابل .. مهمتنا كآباء وأمهات أن نراقب طريقة لعبهم ومرحهم بحيث لا يكون فيها مخالفات لعقيدة الإسلام التي إذا اعتراها الخلل .. ستحولهم من عبيد لله .. إلى عبيد لغيره، والعقيدة النقية لن يتعلمها طفلك بأي حال من الأحوال .. لا في المدارس ولا في الإعلام مع الأسف شديد، ليبقى الأهل هم طوق النجاة الوحيد لعقيدة التوحيد.
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة